المشهد اليمني الأول/
تستخدم دول التحالف، تعز كمصيدة لأبنائها.. وتتعمد جرهم إلى معارك الموت في الجبهات الخاطئة ..كي تخمد ما تبقى فيهم من “نفسٍ ثوري”.
وقد رسمت كل من الرياض وأبوظبي مخططاً خبيثاً، يريدون به التضحية بتعز وأبنائها. .من خلال إغراقها في صراعات وحروب ليست معنية بها، ولم تكن لتمسها لولا استدراج السعودية لها ولأبنائها.
ذلك المخطط الخبيث سرعان ما تحول إلى واقع مرعب يعيشه سكان محافظة تعز وأهاليها الذين لم يتخيلوا أن تتحول مدينتهم إلى ملاذ آمن ومرتع خصب للحركات والجماعات الإرهابية.. رغم أنهم أدركوا ذلك متأخرين.
وساقت قيادة تحالف العدوان الكثيرين من أبناء تعز إلى ساحات معارك للدفاع عنها، كي تضمن السعودية ابتعاد المعارك عن حدودها، وكي تستفرد أبوظبي بالجنوب وسواحل اليمن.!
وفي أواخر يناير الفائت أعلن محافظ تعز المعين من قبل الرئيس المستقيل هادي نهاية العام الفائت ، ما أسماها معركة تحرير – وهو بالمناسبة الإعلان رقم 20 تقريباً – وكانت نتيجة تلك المعركة الوهمية أكثر من 150 قتيل وألف جريح في صفوف فصائل المسلحين الموالين للتحالف في مختلف جبهات تعز.
ومنذ قرابة الأعوام الثلاثة ودائرة الصراع والقتال تتسع في تعز، تارة ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية، وتارة أخرى في صراعات دموية عنيفة بين الفصائل المسلحة التي انشأتها السعودية والإمارات عبر الإصلاح أو بالتنسيق المباشر بينهم.
وأكد الصحفي اليمني جمال عامر رئيس صحيفة الوسط الأسبوعية أن الباحثين عن أدوار قادمة في محافظة محطمة “تعز” هم من يتحملون كل ما آلت من اليه من أوضاعها، وبالذات كل من قاتلوا كأحزاب وجماعات قبلوا أن يكونوا أدوات في يد الخارج الذي أخرجهم من المعادلة إما بإلحاقهم بقوائم الإرهاب كما حصل مع السلفي أبو العباس، أو بطردهم من مناصبهم وبلدهم كما حدث للمنتمين أو المتشبه بانتمائهم للإصلاح .
و قال عامر في مقال نشره على صفحته في الفيس بوك يوم أمس الأول :”مازالت تعز منذ أول طلقة وحتى اليوم تنزف دماء حتى يكاد أن يرتوي ترابها، فيما أغلب مشائخها وقيادات أحزابها يبيعون كرامتهم ويستنزفون ماء وجوههم بين يدي أصحاب المعالي والسمو، سواء في الرياض أو أبو ظبي، لتبرير خلق محطات لصراع جديد بحثاً عن دور محتمل يتم تمويله في ظل وجود أطراف تعددت توجهاتها وانتماءاتها، وصار لكل منها موقعاً وساحة وسلاحاً ومهمة تصب في حفر مزيداً من القبور للضحايا وتقسيم المقسم بغرض سحق ما أمكن لإضعاف الجميع”.
وأشار عامر في مقاله إلى لقاء جمعه بحمود سعيد المخلافي في العاصمة المصرية القاهرة أواخر شهر مايو من العام الماضي في منزل سلطان البركاني، وكان معهم عدداً من وجاهات وأعضاء مجلس النواب من أبناء المحافظة.
وقال عامر أنه سأل المخلافي عن “سبب إضاعته لفرصة تجنيب محافظته إراقة الدماء التي سالت والخراب الذي طالها حين تقدم “أنصار الله” في السنة الأولى من بداية الحرب بعرضهم المتمثل بالقبول بمغادرة مقاتليهم مقابل تأمين عملية انسحابهم، مذكراً إياه بما قاله في لقاء مع “الجزيرة”، من أنهم رفضوا، باعتبار أن «أنصار الله» يريدون فقط الخروج بماء الوجه بعد أن شاهدوا نتائج عمليات القصف”.
وواصل عامر :”ولا أكاد أتذكر من رده، إلا أنه تلجلج بكلام لم أفهمه، قبل أن يتدخل أحد الحاضرين في مهمة إنقاذ، بالقول إنه اسُتخدم كواجهة لهذا الرفض، واعتبرت سكوته موافقة، لأسأل مجدداً أنه وفي حال جدد “أنصار الله” موافقتهم على مغادرة تعز، هل يمكن التعهد بأن لا تكون منطلقاً للهجوم ضدهم؟.. وهنا أجاب بصوت الواثق إن من يقاتل من أبناء تعز قد أصبحوا ضمن جيش الدولة، وإنهم لن يتوقفوا إلا في مران بصعدة”.
وأضاف :”ولم أعلق حينها باعتبار أن ما قال سوف يضاف إلى مئات من مقولات بيع الوهم التي ترمي بأصحاب النوايا الصادقة من أبناء تعز إلى غياهب الموت أو إلى وجع الإصابات المقعدة، بينما تعود على هذا وأمثاله بملايين الدولارات تُغيّب هي أيضاً في بنوك اسطنبول وقطر، قبل أن تعاود الظهور كمشاريع استثمارية”.
ومن المفارقات التي تؤكد تآمر هادي والإصلاح وقيادة التحالف، على تعز أن العصابات المسلحة تحظى بدعم ورعاية من قيادات عسكرية وأمنية، وضحاياهم في الغالب مدنيين، ويرتكبون كل يوم جريمة على مرأى ومسمع من جميع السلطات، التي سلمت إدارة شئونها وبتوجيهات عليا إلى تلك العصابات التي فُرضت كسلطة أمر واقع.
وتتنوع مهام العصابات ، حيث ولكل عصابة تخصصها كالاغتيالات ونهب الأملاك الخاصة والعامة والسيطرة على منازل المواطنين، وحتى المؤسسات الرسمية وفرض الإتاوات على المحلات التجارية ومتعهدي الأسواق ونهابة كابلات الاتصالات.
ولكل من العصابات المنتشرة في المناطق التي تسيطر عليها المليشيات الموالية لتحالف العدوان، داعم إما من القيادات العسكرية الكبيرة كالعميد صادق سرحان الداعم لعصابة غزوان المخلافي وعصابات أخرى، أو من قبل قيادات العدوان كالإمارات والسعودية التي تدعم بعض العصابات السلفية ، وتنظيم القاعدة والعصابات المتفرعة منه وتأتي في مقدمة مهامها إثارة الرعب في قلوب الأهالي فضلاً عن السطو على منزلهم وتفجيرها، والاستيلاء على الملكيات العامة والخاصة.
وكانت بدأت في الثلاثة الأشهر الأخيرة بوادر رفض شعبي تمثل في الخروج بمظاهرات منددة بالقتلة من منتسبي اللواء 22 ميكا المتهمين بقضايا قتل عديدة واقتحام منازل خارج القانون.
كما أن ناشطون حقوقيون وإعلاميون من بدأوا ينادون بثورة ضد العصابات المسلحة والمتطرفة بكافة أنواعها وتوجهاتها من أجل تعزيز حضور الدولة في مدينة تعز، غير أن هادي القابع في الرياض لا يريد دولة في تعز أصلاً، يبدو الأمر واضح من خلال تعيينه لاثنين من المحافظين الأول استمر قرابة العامين قضى معظمها في التنقل بين اسطنبول والقاهرة المصرية لرعاية وإدارة مشاريعه الاستثمارية الخاصة التي ظهرت بصورة مفاجأة بعد عدة أشهر على تعيينه.. أما المحافظ الثاني الذي كان يتواجد في كندا، ولم تطأ قدماه مدينة تعز إلا بعد شهر ونصف على تعيينه.
ومن المؤكد أن تحالف العدوان على اليمن لا يريدون مدينة تعز، فليست ذات أهمية لهم إلا أنهم جعلوها محطة تجمع للحركات الإرهابية ليعلنوها لاحقاً مدينة حاضنة للإرهاب ويجب أن تتجه أنظار القوى العالمية إليها كونها خطراً يهددها ويجب محاربة الإرهاب في معقله ،أي داخل تعز.
وتستخف السعودية والإمارات بالموالين لهما من أبناء تعز، وفي حين تقدم دعم مالي وعتادي عسكري كبير لقيادات دينية متشددة كأبو العباس وقيادات في حزب الإصلاح جاعلة منهم قادة وحاملين لرتب عسكرية جعلوا هادي يصدرها لهم، حتى إذا ما ركنوا إلى أنهم محصنين من أية مخاطر، يتفاجؤون بتصدر أسمائهم في قوائم الإرهاب بحسب التصنيف “السعودي الإماراتي الأمريكي وحتى القطري”.!!
ومع تكرار الإعلان عن تلك القوائم التي تضاف إليها أسماء جديدة في كل مرة أغلبهم من الموالين لذات الدول التي وضعتهم في قوائم الإرهاب، يتكرر التحليق المكثف لطائرات بدون طيار مهمتها رصد مواقع وأماكن تواجد أولئك الإرهابيين ، حتى يحين موعد توجيه ضربات قاتلة للإرهابيين الذين ابتلت بهم تعز.
وبعد ثلاثة أعوام يتسأل العديد من أبناء محافظة تعز الذين تشردوا خارج قراهم وأحيائهم السكنية ومدينتهم، وممن سرقت منازلهم وتدمرت ..ما الذي جنته تعز خلال ثلاث أعوام من الحرب، غير وضع كارثي ؟!. ما الذي قدمته شرعية هادي المهترئة غير تعامل مناطقي، وطرد من عدن، وقطع مرتبات ؟! أليست قيادات ما تسمى بالشرعية في عدن والرياض أغلبهم – وفي مقدمتهم هادي وبن دغر – هي ذات القيادات التي خرجت تعز في 11فبراير 2011 في ثورة تغيير تطالب بإسقاطهم لأنها قيادات فاسدة ومازالت تمارس الفساد بوقاحة ؟!.
وبإمكان الباحثين فعلاً عن حقيقة المؤامرة التي تستهدف تعز، البحث في تصريحات قيادة عسكرية وناشطين وسياسين وقادة مليشيات ، سواء في وسائل الإعلام المختلفة، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، ليكتشفوا كيف تآمر “التحالف، هادي، الإصلاح، القاعدة، وحتى الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح ” على تعز.
ولا يبدو في الأفق أن تعز ستهدأ أو تسير إلى الاستقرار، فأمراء الحروب المتواطئين مع تحالف العدوان، يريدونها حرباً مستعرة لا تتوقف ولو بعد سنوات عشر، كونهم مستفيدين من استمراريتها إذ حولوا كثيراً من المناطق التي يسيطرون عليها إلى مساحات مستباحة لهم، يسرقونها وينهبونها، ويقتلون فيها من يشاؤون على مرأى ومسمع من الجميع، فليس ثمة دولة تضبطهم، أو بالأصح ، أن سلطة هادي المنتهية الصلاحية ودول العدوان راضين عن ما يحيق بتعز وأهلها من سوء العذاب على أيدي إرهابيين وقتلة، ولصوص ومجرمين أصبحوا بفضل العدوان أمراء وقادة.
المصدر: وكالة الصحافة اليمنية