المشهد اليمني الأول/

رغم ان الكيان الصهيوني لم يتخذ موقفا رسميا بشأن العدوان على اليمن، لكن الوثائق والتصريحات هنا وهناك تبين تعاونا وتنسيقا بين السعودية وأمريكا وهذا الكيان لضرب اليمن، والهدف هو أكبر من اليمن.

ونشر معهد “باحث” للدراسات والابحاث مقالا بشأن دراسة دور الكيان الصهيوني وأدائه في العدوان الذي شنه التحالف العربي بقيادة السعودية على اليمن، قام فيه بدراسة مختلف الوثائق والقرائن ودوافع الكيان الصهيوني من وراء التدخل في الازمة اليمنية.

وذكر المقال ان الدور الصهيوني المباشر في حروب اليمن، تعدى مرحلة التوقعات.. فالتدخل الصهيوني في هذه الحروب يعود الى عقد الستينات من القرن الميلادي الماضي، إذ تشير الوثائق البريطانية والامريكية التي رفعت السرية عنها، ان الكيان الصهيوني كان ينفذ عمليات إيصال السلاح في حرب اليمن لمواجهة الحكومة الموالية لجمال عبدالناصر.

وخلال هذه الحرب تمكنت قوات الجمهورية في اليمن من أسر احد عملاء الكيان الصهيوني وسلمته لاحقا الى مصر، وبالتالي، أوعز الرئيس المصري السابق، أنور السادات بالافراج عنه إثر عملية تبادل الاسرى بعد حرب 1973.

وبهذا الشأن يقول اورن كسلر نائب مدير مكتب الابحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، نحن لا يمكننا ان نستبعد تدخل اسرائيل في الحرب الحالية باليمن. وقد نشرت صحيفة “بولتيكو” في عددها الصادر بتاريخ 21 نيسان/ابريل 2015 هذه التصريحات، الا انه لم يوضح بشأن تفاصيل التدخل الحالي للكيان الصهيوني في هذه الحرب.

جواسيس الكيان الصهيوني في اليمن

لقد مد الكيان الصهيوني ولفترة طويلة أياديه الأجراميه باتجاه اليمن، عبر سلسلة عمليات ومراحل متتالية، تمثلت في عمليات نقل اليهود وتهريبهم الى الكيان الصهيوني، وإرسال وتجنيد الجواسيس الى اليمن، والمشاركة في الحروب التي تفرض من الخارج على هذا البلد، لتحقيق استراتيجية رئيسية تتمثل في السيطرة على مضيق باب المندب.

وكانت الامنية واللجان الشعبية اليمنية تمكنت من القبض على خلية إرهابية تضم 17 شخصا من الجنسيتين الصومالية والإثيوبية.. كانت تقوم بمهام استخباراتية خاصة، إذ ضبط بحوزة أفرادها العديد من أجهزة الاتصالات المتطورة وأقراص الليزر التي سجلت عليها مقاطع فيديو وصور لمقرات مؤسسات أمنية ومدنية ومنازل وشوارع وعدد من المواطنين والشخصيات البارزة والهامة على الساحة اليمنية، بالإضافة إلى النشاطات المالية المتصلة بهذه الخلية التجسسية.

ان التدفق الهائل لمختلف اللاجئين من القرن الأفريقي، وانتشارهم غير المنظم في مختلف المرافق الحساسة باليمن، والخلية التجسسية التي تم كشفها مؤخرا، تبين الاهتمام الخاص للكيان الصهيوني باليمن.

وفیما سبق كانت الأجهزة الأمنية اليمنية اعتقلت شخصاً كان يحمل الجنسية الصهيونية. وفي 2009م كانت محكمة يمنية قد حكمت بالإعدام على مواطن يمني وجهت إليه تهمة التجسس لصالح الكيان الصهيوني، كما حكم بالسجن على اثنين آخرين بتهم مشابهة.

اختطاف الاطفال اليمنيين لإعدادهم جواسيس في المستقبل 

وفي أيلول/سبتمبر 2012، ألقي القبض على شخص يحمل الجنسية الصهيونية، يعمل لحساب الموساد، ويقود شبكة تجسس في اليمن.. وهو يحمل اسمين أحدهما “علي عبدالله محسن الحيمي السياغي”، والثاني “إبراهام درعي”. 

وتوصلت التحقيقات مع هذا الجاسوس الصهيوني إلى اعترافه بأن كثيراً من الأطفال اليمنيين الذين فقدوا قبل أعوام، تم تهريبهم إلى دول الجوار عبر منظمات صهيونية، ومنها إلى الاراضي المحتلة، ومن ثم يقوم جهاز الموساد بتعليمهم وتدريبهم كعملاء له، ومن ثم إرسالهم إلى اليمن أو إلى أية دولة عربية أو إسلامية، بأسماء وجنسيات مختلفة في أغلب الاحيان للعمل لصالح الموساد والقيام باختراق الدول والمنظمات الإسلامية. 

وأعلن هذا الجاسوس الصهيوني أنه منذ دخوله إلى اليمن تزامنا مع بدء الثورات العربية عام 2011، قام بالتنقل في مختلف المحافظات اليمنية، حتى أنه التحق بأكاديمية دماج في صعدة، مدعيا بأنه يمني مسلم، والتقى هناك مع الكثير من شيوخ السلفية.

واعترف هذا الجاسوس في التحقيقات التي أجريت معه، أن جهاز الموساد جنده منذ عدة سنوات لتقديم معلومات عن القوى القريبة من إيران في صنعاء وتعز وعدن وسائر المدن الايرانية.

في خريف عام 2011 قام درعي بإرسال معلومات مهمة عبر بريده الإلكتروني، تحتوي قوائم عن شخصيات سياسية يمنية، بمن فيهم أعضاء في البرلمان اليمني وإعلاميون وناشطون في الأوساط المدنية وشخصيات مرتبطة بفصائل في الحراك الجنوبي و”انصار الله”. كما أرسل معلومات إلى الموساد مرتبطة بالتراث الثقافي اليهودي في اليمن، وخرائط لمناطق أثرية كان يقطنها اليهود اليمنيون قبل خروجهم من اليمن في أواخر خمسينيات القرن الماضي.

التعاون السعودي مع الكيان الصهيوني في هجرة اليهود من اليمن

تجري نشاطات الكيان الصهيوني في اليمن، بشكل رئيسي، لتشجيع يهود اليمن على الهجرة إلى الأراضي المحتلة، وتهريب الآثار التاريخية. ومازالت هذه الوتيرة يعمل بها من خلال التعاون في كل المجالات بين التحالف السعودي الصهيوني. فالرياض ومعها سائر أنظمة الدول العربية المطلة على الخليج تقدم خدمات واسعة للكيان الصهيوني، حيث أصبح حكام هذه الانظمة يعتمدون على المستشارين الامنيين الصهاينة. كما ان البترودولارات وأجهزة الاستخبارات في الدول الاعضاء بمجلس تعاون الخليج الفارسي أصبحت في خدمة الأهداف والمخططات الصهيونية. وفي التوجهات الرسمية أيضا تستخدم الانظمة المذكورة والمشيخات العربية جميع الأدوات المتاحة للتطبيع الكامل في العلاقات مع تل ابيب. ومن بين الخدمات التي قدمتها مؤخراً السعودية والامارات الى الكيان الصهيوني، نقل آخر مجموعة من اليهود اليمنيين إلى الأراضي المحتلة.

ووفق معلومات التي انتشرت في عدد من العواصم العربية والغربية، فإن رئيس أركان الجيش ورئيس جهاز الاستخبارات في السعودية، وبمشاركة قائد القوات الإماراتية في اليمن، وبإشراف أميركي، نفذوا خطة لنقل المجموعات اليهودية التي تسكن اليمن.

وبناء على هذه الخطة، تم نقل هؤلاء الأفراد (من يهود اليمن) بطائرة مروحية خاصة، من مكان تجمعهم عقرب مدينة عدن، إلى قاعدة الظهران في السعودية، ومن هناك انتقلوا بطائرة إسرائيلية إلى مطار العاصمة الأردنية، عمّان، ومن ثم تم نقلهم من هذه المنطقة الى إحدى المستوطنات الصهيونية في بئر السبع داخل منطقة الخط الأخضر المحتلة عام 1948.

وشملت هذه المجموعة 17 شخصا من اليهود، وكانت بحوزتهم نسخطة خطية من أقدم نسخ التوراة، يعود عمرها الى اكثر من 600 عام. وبهذا يكون جزء كبير من تاريخ يهود اليمن قد غادر هذا البلد الذي وصفه المؤرخون بأنه من أقدم مواطن اليهود، وذلك بتعاون من السعودية والامارات. وبالطبع تم قبل ذلك نقل اكثر من 45 ألفا من يهود اليمن الى الاراضي المحتلة، من خلال الخطط الصهيونية التي تم تنفيذها بالتعاون بين وكالة اليهود والحكومة البريطانية التي كانت آنذاك تحتل عدن، كان اغلبهم يقطنون مدينة صنعاء ومحافظات ذمار واب وتعز وعمران.

طيلة عدة عقود مضت، كان الكثير من حاخامات يهود اليمن يزورون صنعاء بجوازات سفر بريطانية وأمريكية، ويلتقون بقادة البلاد، ويقدمون أنفسهم كمهاجرين يمنيين اضطرتهم الظروف السياسية والاقتصادية إلى مغادرة البلد.

 

السعودية قدمت وعدا بإنشاء قاعدة عسكرية صهيونية في باب المندب

وذكرت القناة العاشرة للتلفزيون الصهيوني نقلا عن وسائل الاعلام، انه تم كشف اسلحة اسرائيلية في مقر السفارة السعودية بصنعاء.

فيما افادت تقارير اخرى ان الكيان الصهيوني أوفد ضباط الى المراكز العسكرية في العاصمة السعودية الرياض، ليقدموا العون الى هذا البلد في حربه على اليمن.

وأعلنت حركة “أنصار الله” انها حصلت على وثائق تثبت ان اميركا كانت لديها خطة لإنشاء قاعدة عسكرية في المنطقة التي تسيطر عليها السعودية في باب المندب، لتتمكن من ضمان مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني.. كما ان السعودية طلبت من الكيان الصهيوني بتزويدها بأسلحة متطورة لمساعدتها في حرب اليمن. فيما افاد التلفزيون الصهيوني ان مكتب رئيس وزراء الكيان امتنع عن التعليق على هذا الخبر.

كما تشير التقارير التي بثتها بعض المواقع الصهيونية كموقع “ليبرتي فايترز”، ان الكيان الصهيوني شارك في الغارات الجوية التي نفذت على محافظة تعز اليمنية. ومن جهة اخرى فإن التقارير الاستخباراتية تفيد بأن العدو الصهيوني حصل على وعد من السعودية بالسماح له بإنشاء قاعدة عسكرية في مضيق باب المندب.

 

لماذا تصب حرب اليمن في مصلحة الصهاينة؟

من جهة اخرى، كتب الخبير العسكري الصهيوني اليكس فيشمن في صحيفة يديعوت احرنوت، ان الحرب التي شنتها السعودية ضد اليمن، تصب في إطار مصالح الكيان الصهيوني، وتعطي فرصة ثمينة لهذا الكيان ليتمكن من تحقيق مكاسب استراتيجية وحيوية.

وفي مقال له بهذا الخصوص، كتب فيشمن، ان الكيان الصهيوني يرى نفسه مرة اخرى ضمن معسكر “الدول المعتدلة” كالسعودية، لأن سيطرة “انصار الله” على ميناء الحديدة والذي يعد أهم ميناء يمني مطل على البحر الاحمر، يؤدي الى ان تتمكن هذه الحركة من السيطرة على الملاحة البحرية في هذه المنطقة، وهذا الموضوع ييؤثر على جاهزية السفن الصهيونية وحراستها خلال اجتياز مضيق باب المندب.

وأضاف هذا الخبير العسكري الصهيوني ان سيطرة انصار الله على صنعاء وزيادة نفوذهم في المحافظات الاخرى، تعني من وجهة نظر الكيان الصهيوني انهيار النظام المدعوم من السعودية واميركا في اليمن، وإقامة نظام جديد مدعوم من ايران، سيبدي عداءا شديدا ضد الكيان الصهيوني. وهذا لا يصب في مصلحة الكيان الصهيوني بأن تتمكن ايران من السيطرة على مضيق باب المندب!!

وزعم هذا الصحافي الصهيوني في ذات الوقت، أن الكيان الصهيوني لا دور له في هذه الحرب، وانما يكتفي بمتابعة تطوراتها. وأضاف في مقاله الذي كتبه في اوائل شن الحرب على اليمن، أنه يأمل بأن تتمكن السعودية من تحقيق النصر السريع والمصيري فيها، وأن تعود الاوضاع الى وتيرتها السابقة، وأن يتم طرد الايرانيين من البحر الاحمر.

الشراكة بين السعودية والكيان الصهيوني في الحرب الاخيرة ضد اليمن

لا شك ان السعودية والكيان الصهيوني بصدد تقسيم اليمن، وفرض التبعية على هذا البلد وممارسة الضغوط على المكونات التي تهديد مصالحهما في المحافظات اليمنية الشمالية. ان السياسة السعودية والصهيونية بصدد إثارة العراقيل أمام أي حل سياسي ممكن التوصل اليه لحل مشكلات  اليمن.

وفي الوقت الحاضر دخلت العلاقات بين الكيان الصهيوني والدول المطلة على الخليج وخاصة السعودية في أفضل ظروفها خدمةً لهذا الكيان ولأمريكا.. وخاصة في الظروف التي فشلت فيها الرياض في سوريا واليمن، ولذلك فهي تعول كثيرا على أمريكا والكيان الصهيوني في الجانبين اللوجستي والتسليحي.

وفي هذا السياق، وبشأن: لماذا وقفت اسرائيل الى جانب السعودية في حربها ضد اليمن؟، يرى محلل الشؤون العربية بإذاعة الجيش الصهيوني وصحيفة معاريف، جاكي حوجي، ان “انصار الله” مدعومين من ايران، واذا كانت ايران عدو للكيان الصهيوني فيمكن الافتراض ان اي جماعة تدعمها ايران ستكون عدوا لهذا الكيان.

وأكد هذا الصحافي الصهيوني انه يبدو ان السعودية ليس لديها اية مشكلة في التعاون مع “اسرائيل” في اي من الأصعدة الدولية وذلك بهدف تحجيم ايران.. وتشير التطورات المتتالية أن اتصالات سرية حصلت بين تل ابيب والرياض خلال السنوات الماضية.

وقد اعترف تركي المالكي المتحدث باسم التحالف السعودي الاميركي الخليجي، بشكل رسمي عبر قناة العربية، بمشاركة الكيان الصهيوني بشكل مباشر في حرب اليمن. وبالطبع جاء الاعتراف بشكل ضمني في إطار خبر مفبرك ادعى فيه ان سفينة حربية صهيونية أوقفت سفينة ايرانية كانت متجهة نحو اليمن وكانت تحمل اسلحة. وبهذا يمكن القول ان الكيان الصهيوني يشارك في فرض الحصار البحري ضد اليمن بذريعة منع تهريب السلاح.

ولا يخفى ان امريكا والكيان الصهيوني وحلفاء السعودية دعموا السعوديين بشكل مباشر في حربهم ضد اليمن، إذ أنهم يزودونهم بمعلومات استخبارية عن مقاتلي “انصار الله”.. وحتى الحكومة الفرنسية لها دور في العدوان السعودية على اليمن، فهي تبيع معدات عسكرية وأمنية بالمليارات للسعودية. فيما تساهم مصر بشكل مستقل بدعم هذه العمليات العسكرية.

أهداف المثلث السعودي الصهيوني الامريكي تتجاوز اليمن

لا شك ان مصالح امريكا والكيان الصهيوني والنظام السعودي وأولوياتهم في هذه الايام تتجاوز هذه الايام الساحة اليمنية، وتشمل العديد من القضايا المرتبطة بمحور المقاومة في فلسطين ولبنان والساحتين السورية والعراقية. فقد ذكر موقع “واللا” العبري ان المصالح المشتركة لهؤلاء اللاعبين نابعة من اهمية البحر الاحمر وباب المندب لكل هذه الاطراف. ولم يستبعد هذا الموقع الصهيوني ان تحاول اسرائيل دراسة موضوع تدخلها المباشر في هذه الحرب في مرحلة ما.

وكشف موقع “ليبرتي فايترز” الإخباري البريطاني، أن سربا من الطائرات الصهيونية قام بقصف مدينة تعز غرب اليمن، ونقل عن احمد العسيري المتحدث باسم التحالف السعودي ضد اليمن آنذاك، قوله “إن أول غارة إسرائيلية في اليمن استهدفت معسكرا للتدريب يتبع الحوثيين (انصار الله) في تعز غربي اليمن”.

وأضاف العسيري “في هذه المرحلة الحاسمة نحن في أشد الحاجة إلى جيش تل أبيب”، آملاً من هذا التدخل الذي وصفه بالمهم أن يشكل فجرا جديداً من العلاقات بين الدول العربية و”إسرائيل”.

 

أهمية الممرات المائية للكيان الصهيوني

وفي تقرير آخر أشار موقع “واللا” الصهيوني الى ان إبقاء مضيق باب المندب مفتوحا، يشكل جانبا هاما من المصالح الحيوية للكيان الصهيوني والسعودية، فهذا الكيان ينظر الى هذا المضيق كبوابة للوصول الى آسيا في حال بروز التوتر في العلاقات التجارية مع اوروبا.

ويضيف الموقع ان السعودية تبحث عن حليف ولو بشكل سري لتواصل عملياتها العسكرية في اليمن، زاعما ان الكيان الصهيوني في الوقت الحاضر خارج الصراع في اليمن، لكنه قد يدرس موضوع تنفيذ هجمات ضد حركة “انصار الله” بشكل موضعي، وفي هذا من المؤكد ان الغارات الجوية تشكل أكثر الطرق أمنا لتنفيذ هذه الهجمات

ويدعي الموقع انه اذا كان مقررا ان يتحول اليمن الى مخزن للأسلحة الاستراتيجية الايرانية المتوجهة الى حزب الله في لبنان والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فهنا تبرز أهمية التدخل العسكري المباشر للكيان في حرب اليمن أكثر مما مضى.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا