المشهد اليمني الأول/ رشيد الحداد – العربي
«لا استثناءات لأي عمالة وافدة من قرار توطين الوظائف والأعمال في السعودية»، بهذه العبارة ردّت السلطات السعودية على مطالب حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، باستثناء العمالة اليمنية من إجراءات الترحيل القسري.
وكشف بيان صادر عن وزارة العمل السعودية، أمس، عن إصرار الرياض على ترحيل مئات الآلاف من المغتربيين اليمنيين من المملكة. وأكدت الوزارة في بيانها «عدم استثناء أي جنسية أو مهنة في تنفيذ قرار قصر العمل في منافذ البيع لـ12 نشاطاً ومهنة على السعوديين والسعوديات، ابتداءً من العام الهجري القادم»، وبررت ذلك «بتمكين الشباب السعودي من الحصول على فرص العمل في القطاع الخاص».
البيان السعودي صدر بعد يوم واحد من تقديم اللجنة الحكومية (المشكلة بتوجيهات من الرئيس هادي بمتابعة أوضاع المغتربين والتواصل مع الجانب السعودي برئاسة وزير الخارجية في حكومة هادي، عبد الملك المخلافي) طلب استثناء العمالة اليمنية في المملكة من قرار التوطين لدواع إنسانية، إلا أن وزارة العمل السعودية ردت على الطلب الذي قدم لوكيل وزارة العمل السعودي لشؤوون التوطين في الرياض بالرفض القاطع.
بيان حرب
البيان الصادم، اعتبره العشرات من المغتربين اليمنيين بيان حرب، وأنه يستهدف مليوني عامل يعملون في مختلف القطاعات السعودية، ويعمق الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن.
وأشار المغتربون إلى أن قوانين العالم تسمح لجاليات الدول التي تواجه حرب البقاء في الدول التي تستضيفهم حتى زوال أسباب الحرب.
مصدر مقرب من حكومة هادي في الرياض كشف، لـ«العربي»، عن وجود الآلاف من المغتربين اليمنيين في سجن «الشميشي» بالرياض منذ أسابيع بانتظار أن تقوم السلطات السعودية بترحيلهم إلى منفذ الوديعة البري الذي يربط اليمن بالسعودية. ولفت المصدر إلى أن 140 ألف يمني ويمنية تم إلقاء القبض عليهم ومعظمهم مقيمون بشكل رسمي.
وأكد المصدر أن السلطات السعودية شنت أعنف الحملات ضد المغتربين اليمنيين وداهمت منازل تسكنها المئات من الأسر اليمنية في مختلف أنحاء المملكة وتعمّدت إذلال النساء والأطفال والزجّ بالمئات من النساء اليمنيات في سجون الترحيل دون أي مبرر.
غضب شعبي
الانتهاكات التي تمارسها السعودية بحق مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين، أثارت موجة سخط في الداخل والخارج، ودفعت الآلاف إلى التظاهر أمام السفارة اليمنية في الرياض في خلال اليومين الماضيين، منددة بدور الرئيس هادي وحكومته وتجاهل السفارة للانتهاكات التي يتعرض لها المغتربون اليمنيون، فيما طلبت السفارة من الشرطة السعودية تفريق المتظاهرين الغاضبين.
السفارة أرسلت مندوباً إلى سجن «الشميسي»، ووفق مصدر يمني من السجن، فإن مندوب السفارة حمل كومة من تصاريح المرور إلى الوديعة لمن لا يمتلكون وثائق رسمية.
ردّ صنعاء
رئيس «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي، رأى في تغريدة على موقع «تويتر» أن ما تقوم به السعودية تجاه المغتربين «عمل يكشف عن مدى عدائية السعودية تجاه الشعب اليمني»، واعتبر تلك «الجرائم تواصلاً لجرائم آل سعود ضد الشعب اليمني المستمرة منذ ثلاث سنوات». وأضاف الحوثي أن حركة «أنصار الله» مستعدة لـ«فتح معسكرات خاصة بالمغتربين للاقتصاص من آل سعود».
من جانبه، وصف عضو المكتب السياسي لـ«أنصارالله»، سليم المغلس، الإجراءات السعودية المتخذة ضد المغتربيين اليمنيين بأنها «عمل ممنهج ومدروس في ظل الظروف التي تمر بها البلاد جراء الحرب والحصار الذي تقوده السعودية».
وأشار المغلس، في تصريح لـ«العربي»، إلى أنه «كان يجب على الرياض أخلاقياً أن تعمل على تخفيف الأعباء عن اليمنيين وأن تسهل إجراءات العمل والإقامة عوضاً عن سياسة التضييق والترحيل التي تفرضها على مليونيّ يمني».
واعتبر المغلس أن إقرار السلطات السعودية تلك «الإجراءات الظالمة على المغترب اليمني، يكشف بوضوح مدى الحقد التاريخي لهذا النظام على الشعب اليمني برمّته»، مضيفاً أن ذلك «يؤكد فشل أدوات الحرب الاقتصادية التي استخدمتها لترهيب اليمنيين، لذلك لجأت الرياض إلى استخدام العمالة اليمنية كأداة حرب اقتصادية وورقة ضغط جديد سترتد عليها سلباً».
وحذر عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله» من أن «النظام السعودي لا يدرك أن مثل هذه الإجراءات العقابية سيكون لها أثر سلبي عليه».
ورقة ضغط
الوكيل المساعد لقطاع تنظيم الهجرة في وزارة المغتربين بصنعاء، محاسن الحواتي، أكدت أن السعودية «تستخدم العمالة اليمنية ورقة ضغط على اليمن منذ عقود»، وأشارت إلى أن السعودية «تبحث بين فترة وأخرى عن ذرائع ومبررات واهية لطرد العمالة اليمنية بطريقة قسرية».
وطالبت الحواتي، في تصريح لـ«العربي»، الرياض بـ«عدم التنكر لدور العمالة اليمنية في بناء المملكة، وعدم المنّ على اليمنيين».
واعترفت بوجود قصور حكومي في البحث عن أسواق بديلة للعمالة اليمنية، وهو ما جعل السوق السعودية إحدى أهم الأسواق التي يعمل فيها اليمنيون، وأملت في أن «تتعقّل السعودية وتراعي الأوضاع التي يعيشها اليمن جرّاء الحرب».
وأشارت إلى أن ترحيل الرياض للمغتربيين اليمنيين «قد يمثل كارثة إنسانية في ظل الوضع البائس».
وحول التماس حكومة هادي، أكدت الحواتي أن «السنوات التي أمضاها المغتربون في السعودية لم تشفع لهم، لذلك لن تشفع لهم أي التماسات أو رجاءات من أي جهة أتت».