المشهد اليمني الأول/
بدأت المخاوف تتصاعد في السعودية مع رياح التغيير التي تهب على المملكة المحافظة، بعد السياسات الجديدة للنظام السعودي. وبحسب موقع “الخليج أونلاين” تسببت القرارات العديدة التي يقف خلفها ولي العهد السعودي، في زيادة المخاوف على الصعيدين الشعبي وحتى الرسمي، من أن تتعرض الهوية الوطنية أيضاً للتغيير.
هذا ما أكده مستشار الملك سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة، الأمير خالد الفيصل، في مقال له، نشره موقع إدارة مكة، وتناقلته وسائل الإعلام المحلية، أعرب فيه عن قلقه على الهوية السعودية.
وظهر الفيصل في مقطع فيديو مصور، مؤخراً، وهو يتجول في “جوري مول” بمحافظة الطائف، حيث سأل شابين سعوديين يعملان في أحد المحال عن سبب عدم ارتدائهما الزي السعودي، ليؤكدا له أن هذا يأتي تماشياً مع تعليمات الشركة التي يعملان بها.
وقال الفيصل في مقاله المعنون بـ “نشوة مواطن.. وعشق وطن”: “وقفتُ عند بعض الشباب في مدخل أحد المعارض.. لأسأل أحدهم: من أين أنت؟ قال: سعودي.. قلت: ومن أين؟ قال: من (وذكر اسم القبيلة) قلت: ولماذا لا تلبس الزي السعودي؟ قال: مفروض عليَّ من صاحب المحل. فعجبتُ.. ومشيتُ”.
وأضاف: “وعدتُ من الجولة.. وأنا أفكر في هويتنا! استعدتُ مظاهر الناس في شوارعنا.. ومتاجرنا.. ومطاعمنا.. ومدرجات ملاعب كرة القدم! والأهم من هذا.. وذاك.. في مدارسنا وجامعاتنا أين الزي السعودي؟! كم من الشباب تخلوا عنه؟.. ولماذا؟!”. وتساءل: “هل هُزمت الغترة والعقال والثياب أمام السترة وبنطال الاغتراب؟! هل ننشد التطوير.. أم التغيير فقط؟! وهل كل تغيير تطوير؟!”. وفي نهاية المقال قال خالد الفيصل: “إذا خلعنا ملابسنا اليوم تقليداً للغرب.. فماذا سنخلع غداً إذا قدمت الصين من الشرق؟!”.
الهوية في مهب الريح
مؤخراً شهدت السعودية العديد من القرارات الجريئة التي بدت غريبة على المجتمع، ولاقت استياء الشارع الذي بدأ يعتاد على هذا النوع من القرارات، دون أن يكون له ردود فعل قوية خوفاً من العواقب. وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية السعودية 2030، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، وأقرتها حكومة البلاد في 25 أبريل 2016.
وكان لحملة اعتقالات طالت أمراء ومسؤولين كباراً ودعاة ورجال دين وشخصيات مجتمعية معروفة، أثر بالغ في إيصال رسالة بين أفراد المجتمع، مفادها أن لا أحد معفيا من الاعتقال، ما تسبب بعدم ظهور معترضين بشكل مؤثر قد يحسب على صاحبه بأنه يسييء للسلطة ويخالف الأوامر الملكية.
فالمجتمع السعودي الذي كان يرفض بشدة قيادة المرأة للسيارة، ويشدد رجال الدين فيه بأنها من المحرمات، لم يشهد ظهور مثل هذه التحريمات والتشديدات حال أعلنت السلطة في أحد قراراتها بأنها ستسمح للنساء بالقيادة.
وبدت التغييرات في السعودية، واضحة لكل من زار المملكة مؤخراً، وفي هذا الصدد أبدى مراسل صحيفة الإندبندنت البريطانية، استغراباً كبيراً، في زيارة ثانية بعد تسعة أشهر من زيارته الأولى للمملكة. ويقول حين دخل أحد مقاهي جدة المقام على سطح بناية: “على طاولة هناك توجد أربع شابات يدخّنَّ الأرجيلة بالتفاح، وعلى طاولة أخرى تلتقي مجموعة من الشباب، وهو مشهد لم يكن مألوفاً في السعودية إلى وقت قريب”.
وقرارات التغيير التي شملت بشكل لافت للنظر الانفتاح على المرأة، تشير إلى أنها لن تقف عند حدّ معين، فمن المتوقع أن يسمح بدخول النساء إلى الملاعب الرياضية؛ بما يتجاوز التشجيع، وهناك طرح مشاريع تتعلق بإنشاء أندية رياضية نسائية، تكون تابعة للأندية الجماهيرية الكبيرة. هذا ما تحدثت عنه عضوة لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى، إقبال درندري، في ديسمبر 2017، إذ قالت إنها تبنّت اقتراحاً طموحاً بضرورة إنشاء أندية رياضية للنساء، مُطالبة بتدشين فرق كروية لهنّ، تشارك بالدوريات المحلية، مع اقتصار الجمهور على النساء.
ترفيه بعشرات المليارات
في الوقت التي تتصاعد فيه الأصوات داخل السعودية معبرة عن القلق على الهوية والتمسك بالقيم والعادات والتقاليد، أعلنت المملكة، السبت (10 فبراير 2018)، نيتها إنفاق نحو 36 مليار دولار في أفق 2030، على أنشطة هيئة الترفيه السعودية التي تجاوزت في كثير من فعالياتها عادات المجتمع وتقاليده.
وطالب سعوديون، من خلال “تويتر”، في أكثر من مناسبة العاهل السعودي إلى إلغاء هيئة الترفيه، التي أدخلت العديد من الفعاليات التي كانت محرمة في السابق إلى المجتمع السعودي. وكان الملك سلمان أمر، في يونيو من العام 2016، بإنشاء هيئة عامة للترفيه والثقافة؛ بهدف إقامة نشاطات اجتماعية ترفيهية فنية وثقافية واستعراضية غير مسبوقة.
وتعتبر أكثر التغييرات المتوقعة إثارة للجدل تغيير المملكة خطها من النمط الديني المعتاد إلى الليبرالية المنفتحة واقتصاد الترفيه، بعد إنشاء ابن سلمان للجنة الترفيه الجديدة؛ بهدف وضع خطة تتضمن الترفيه المنفتح والسعادة في المملكة بشكل أكبر ممَّا كانت عليه من قبل. وتتضمن الخطط إقامة مهرجانات وحفلات موسيقية كان من المستحيل إقامتها في دولة مثل السعودية، بل وتتضمن أيضاً تحدياً لصلاحيات الشرطة الدينية، مع إصدار أوامر ملكية خاصة بأماكن سياحية وترفيهية واقتصادية مثل “نيوم” ومشروع البحر الأحمر، حتى وإن خالفت النظام الأساسي في المملكة.