المشهد اليمني الأول/
عظمة القرار…
في الجوف حدثت أسطورة أذهلت خلجان العقل ولُباب القلب وحِسّ الجارحة، قصّة مجاهد أختزل عالم بلاء الصبر وعظمة الايمان وجود الوفاء وعشق التضحية بزمن ومكان اضاف عليهما قُدسيّة الجهاد عجزت الألسن عن سرد عظمتها التي إرتكزت نيتّه وهدفه على منظومة متكاملة ومتعاضدة من الإيمان والأخلاق والتضحية.
أنه المجاهد الجوّاد جاد بالنفس اقصى غاية الجود.. لحظات إيمانية من القرار والعزم والتنفيذ عاشها المجاهد الجوّاد بان يقدم اثمن ما خوله ربه, وهي نفسه من اجل انقاذ أخيه المجاهد الجريح لكي يحافظ على الخط الجهادي الالهي كي يسير على هديه الاخرين وهذا الجود هو أقدس التضحيات في كتاب الله وسنة رسوله….
بالمنطق العسكري..
الحِمل الجريح خصمه، ورمل الأرض الغائرة خصمه، والبُعد الجغرافي خصمه، والزمن بين الحياة والموت خصمه، ورصاص سرعته ثانية وجزء من الثانية تطارده بعدوانية خصمه، رصاص تطارد مجاهد يحمل على ظهره أخيه المجاهد الجريح وهو يخطوا بأقدامه خطوات لاتفصل بين زمنها وزمن سرعة الرصاص سوى جزء إلى جزئين من الثانية، الزمن الفاصل لوحده معجزة بكل معنى الكلمة، لو أرخى المجاهد خُطوته جزء من الثانية لاخترقت الرصاص جسده وجسد رفيق دربه الجهادي الجريح لذلك لم يدّون التاريخ العسكري عمليّة انقاذ بأرض مكشوفة تحت زخات الرصاص المنهمر كالمطر أبداً على مدى التاريخ المدوّن في الكتب وغيرها فالعملية لم تعد عملية انقاذ في قلب سعيرها فكل شيء يتلاشى في ناموس دورتها المادية والزمنية بل هو سباق حميم بين خُطى اقدام المجاهد الأسطوري المنقذ الذي يحمل على ظهره حملاً ثقيلاً يوازي وزن جسده الا وهو اخيه المجاهد الجريح وبين سرعة مئات العيارات النارية القاتلة المتجهه نحوه التي تتجاوز سرعتها الثانية وجزء من الثانية، لذلك معركة الخُطى والرصاص هي اسطورة هزمت المستحيل لذلك تتوقف قدرات الانسان الواعية على التسليم بأن رعاية الله الحافظ الكريم كانت حاضره تحمي المجاهد العبد الصالح من كل حدب وصوب، إنها معركة زمن خُطى الاقدام وزمن نار العيار، ولو عدنا إلى عصر السيف والرمح والسهم فلم يدون التاريخ القديم عملية انقاذ لفارساً او راجلاً حمل على ظهره او ظهر جواده جريحاً وانطلق مسافة 500م بأرض مكشوفة تحت وابلاً من السهام والرماح دون ان يسقط هو او هو وجواده الا باليمن وبزمن اليوم حدثت عملية الوفاء في عصر الأعيرة النارية الكاسرة للزمن، حدثت في اليمن ومن مجاهد اليمن بالجوف .
في السينما والدراما…
إعتدنا من السينما الأمريكية ان تكسر حاجز الواقع وتنغمس في الخيال المتجاوز للمنطق والمرفوض علمياً في الحاضر والمستقبل في حبك مشاهد لا واقعية وتربطها بسيناريوهات تقول انها من وحي الواقع سعياً منها تجسيد شخصية الجندي الأمريكي الصبور الشجاع الخارق يسبق سرعة الرصاص في المعركه واثقاً من نفسه بتجاوزها دون ان يُمس باذى ولاضافة نكهة من مصداقية المشاهد المصورة بتلك الأفلام والدراما يستعينون بنظريات علمية وحسابات زمنية يطبقها البطل لفظياً وحركياً لمواجهة رصاص العدو وطبعا هذا أمر مخالف للواقع تماماً رغم كل الخزعبلات المضافة إلا ان السينما الأمريكية لم تنتج فيلم او مسلسل تقول انه من وحي الواقع وتسرد فيه قصة مقاتل يحمل على ظهره جريحاً وتزعم انه حدث بالواقع ثم يعبر ارض المعركة المكشوفة وتنهال عليه مئات الأعيرة النارية من كل جانب..لماذا.. لأن المشاهد الأمريكي نفسه قبل غيره لن يصدق ذلك وسيكون تعليقه الغاضب انها من خزعبلات المنتج والمخرج.
تمثيل أم واقع…
التمثيل له منطق والواقع له منطق، أدعى الغزاة والمرتزقة والخونة أن عملية الإنقاذ هي تمثيل، يالبؤسهم ومرضهم وحقدهم وعجزهم، السؤال: هل يجرأ أحدهم ان يُمثّل بحمل جريحاً على ظهره لمدة دقيقتين ونصف تقريباً ويجري به بأرض مكشوفة وهو يتعرض لزخات الرصاص القاتلة التي تتناوب المكان مع اقدامه لو تأخرت قدمه جزء من الثانية لأصابتها الرصاصة ولو أرخى خطوته مجرد أجزاء من الثانية لاخترقت عشرات الأعيرة النارية جسده، هذا مستحيل وهو مجرد تمثيل يعني ان الحامل والمحمول في التمثيل في حالة طمأنينة يدركون ان مايقومون به مجرد تمثيل ورغم ذلك لو يعلمون أنه الرصاص المتجه صوبهم هو حقيقي ويضرب على بعد ملليمترات من جسد واقدام الحامل والمحمول لماتوا من الذعر وهو مجرد تمثيل لان عقولهم مشغوله بخوف وهلع من اي خطأ يحدث في التمثيل.
الحقيقة في نكرانهم وادعائهم ان عملية انقاذ المجاهد البطل لأخيه الجريح مجرد تمثيل لأنهم مصدومين كونها معجزة أعجزت العلم والمنطق لذلك صدمتهم وارعبتهم واشعلت الحقد والحسد والمرض في عقولهم وقلوبهم لانهم مجرد جرذان جبناء عجزه..
فسلام الله على المجاهد الجوّاد البطل الذي حمل أخيه المجاهد الجريح من أرض النار إلى ارض النجاه معرضاً حياته للموت من اجل انقاذ اخيه في درب الجهاد اي وفاء واي ايمان واي عزم واي اراده تمّلكت المجاهد البطل فسبحان الله الذي أنجى عبده من الكرب إن وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم: أحمد عايض أحمد