المشهد اليمني الأول/
قال الكاتب الأمريكي جورجيو كافييرو إنه وبينما ينصب الانتباه على الاشتباكات التي حدثت في مدينة عدن بين الحكومة الموالية للنظام السعودي وأخرى للإمارات، فإن ثمة تطورات لا تقل أهمية تجري في محافظة المهرة المحاذية لعمان، والتي تحاول الإمارات فرض سيطرتها عليها، ما يثير القلق من أن يؤدي الخلاف بين دول الخليج لتقويض حل النزاع في اليمن.
وأضاف الكاتب -في مقال بموقع «المونيتور» أن رموزاً قبلية في محافظة المهرة تعترض على الإجراءات التي تقوم بها أبوظبي في تلك المنطقة، ولأسباب أبرزها دعم أبوظبي لاستقلال جنوب اليمن، مشيراً إلى أن المهرة تفادت لوقت طويل أهوال الحرب وإرهاب المجموعات السلفية، وسط مخاوف من قبائل المحافظة بأن تتسبب أبوظبي في جر هذه المنطقة الهادئة إلى الحرب.
رغم ذلك، يقول الكاتب إن الإمارات لم تعالج مباعث القلق المشروعة التي تحدثت عنها قبائل المهرة، بل تمضي أبوظبي قدماً في أجندتها لتلك المحافظة.
ولفت الكاتب إلى دور السعودية في زعزعة تلك المنطقة أيضاً، مشيراً إلى تقرير حول نشر الرياض المنهج السعودي المتطرف بإقامة مراكز سلفية، محاولة استغلال الروابط القبلية بينها وبين سكان المهرة.
وأوضح الكاتب أن السعوديين يأملون في استغلال الروابط القبلية التي تفتقر إليها الإمارات في محافظة المهرة، مضيفاً أن توقيت التدخل السعودي في المهرة يشير إلى أن مصالح أبوظبي والرياض لا تقتصر على تقديم الدعم الإنساني لليمن.
حول الدور السعودي بمحافظة المهرة المحاذية لعمان، يشير الكاتب إلى أن أسباب ذلك تكمن ربما في رغبة السعودية عسكرة وجودها هناك، وسط تقارير عن نشر السعودية تعزيزات عسكرية في ميناء نشتون المحاذي لعمان.
وعن عمان، يشير الكاتب إلى أن مسقط -التي لها نفوذ مهم في المهرة- تنظر بريبة لتعميق السعودية والإمارات انخراطهما في محافظة المهرة، التي يسعى العمانيون لحفظ التوازن الطائفي فيها والوضع القائم.
واستطرد الكاتب أن عمان تشعر بحساسية تجاه محافظة المهرة، نظراً لعوامل تاريخية، وإمكانية أن تؤدي التغيرات في محافظة المهرة إلى تأثير سلبي على الأمن الداخلي في عمان، خاصة الجنوب.
وربط الكاتب بين تدخل التحالف السعودي- الإماراتي في اليمن وبين الأزمة مع قطر، وقال إنه وعلى الرغم من أن قطر كانت هدف حصار ثلاثي من البحرين والإمارات والسعودية، فإن عمان أدركت أن الأزمة دمرت النسيج الاجتماعي لدول مجلس التعاون، وتخشى أن يكون لذلك تداعيات على أمنها القومي.
وتابع الكاتب أن ما تراه عمان من ضغط متزايد من التحالف السعودي- الإماراتي عليها لاتخاذ موقف ضد مهربي السلاح على التراب العماني، هو ضغط يأتي في وقت يتزايد فيه الاضطراب في شبه الجزيرة العربية، مع تحول مجلس التعاون الخليجي إلى مؤسسة غير ذي صلة، إن لم تكن مؤسسة دون المستوى الإقليمي.
يقول كافييرو إن الاختلافات بين دول مجلس التعاون كانت موجودة حتى قبل الأزمة الخليجية، لكن قبل يونيو عام 2017، كانت الدول الأعضاء قادرة على تسوية خلافاتها خلف الأبواب المغلقة، وعلى الأقل، تمكنت من الحفاظ إلى حد ما على نوع من الوحدة الخليجية، في الوقت الذي فيه الاضطراب والحروب تجتاح أجزاء أخرى من العالم العربي، بشكل يهدد أمن تلك الدول.
وأكد الكاتب أن الأمن القومي لعمان كان أحد أهم الأسباب الرئيسية لعدم تدخل مسقط في الأزمة اليمنية أو المشاركة في التحالف السعودي- الإماراتي، وأن كون عمان عضواً من أعضاء دول المجلس، فإنها تدفع الآن ثمناً لحملة عسكرية غير أخلاقية ومضللة.
وتوقع الكاتب أنه في حالة انجرار المهرة إلى عنف الحرب الأهلية اليمنية، فإن عمان ستكون معرضة بشكل متزايد للأزمة اليمنية، ومن المرجح أن يتزايد سخطها واستياؤها تجاه جارتيها الإمارات والسعودية.
ولفت الكاتب إلى أن استمرار عمان في التحالف مع دول مجلس التعاون الخليجي الخمسة، بينما تعمق في الوقت ذاته من شراكتها مع إيران، سيشكل لمسقط تحدياً في مضمار السياسة الخارجية.
وختم الكاتب أن عمان -كما يظهر تاريخها- نجحت في التغلب بنجاح على تلك الظروف الإقليمية المعقدة.