المشهد اليمني الأول/ إبراهيم الوادعي – المسيرة نت
“سنشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم، وما لم يتحرك العالم لوقف الحرب في اليمن فإن الوضع الإنساني الكارثي مرشح لمزيد من التدهور”.
بهذا التوصيف لخصت الأمم المتحدة عام 2018 في اليمن، بأنه العام الذي سيسجل أكبر وأعمق وأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وقدمت إلى المجتمع الدولي خطة بموازنة مالية تبلغ قرابة ال3 مليارات دولار –2,96 مليار دولار – تغطي 9 جوانب أساسية أفرزها واقع العدوان المستمر على اليمن وتأثيرات استمرار الحصار منذ مارس 2015م.
تستهدف خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2018م توفير الاحتياجات والمساعدات الإنسانية لنحو 22 مليون شخص هم بحاجة إلى المساعدة ونصفهم أضحى في حاجة ماسة للمساعدات أو من ذوي الاحتياج الشديد، وتسعى الخطة لتوفير المساعدة لنحو ,13 مليونا.
يتصدر قطاع الأمن الغذائي والزراعة الخطة ، وهذا القطاع يحتاج لتوفر مامجموعة مليار و270 مليون دولار ، وفي هذا القطاع فان اجمالي من هم بحاجة للمساعدة يصل إلى 17 مليونا، وستسعى الخطة لتوفير المساعدات لنحو 17 مليون انسان ،وتسعى الخطة الأممية لتوفير المساعدة لننحو 8,8 مليون فقط منهم منهم 8,4 مليون في حال الاحتياج الشديد ، ويحتاجون للمساعدة للبقاء على قيد الحياة .
في قطاع الصحة تقول الخطة بوجود نحو 16 مليونا بحاجة للمساعدة الصحية، وستعمل الخطة عبر تخصيص الخطة الأممية نحو 12,34 مليون دولار، لتقديم المساعدة لنحو 11,6 مليون شخص هم في حال الاحتياج الشديد للمساعدة الصحية للبقاء على قيد الحياة بين أولئك مليونا طفل ومليون امرأة من الحوامل والمرضعات.
وفي مؤتمر تدشين الخطة رسميا بصنعاء وجهت الأمم المتحدة تحذيرات من انهيار القطاع الصحي بعد ان بلغ عدد المراكز الصحية المتوقفة جراء الحرب والحصار 50%.
في جانب المياه تشير الخطة الأممية الى وجود نحو 16 مليون يمني بحاجة لمياه الشرب النظيفة، وخصصت الخطة مبلغ 298,85 مليون دولار لتوفير مياه الشرب لنحو 9,34 مليون دولار، و12,3 من الرقم السابق هم في حال الاحتياج الشديد لإمداد منتظمة بالمياه النظيفة.
وتسير الخطة الأممية إلى أن انهيار نظم المياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية ساهم في مفاقمة الكارثة وتفشي وباء الكوليرا العام الماضي الذي سجل اكبر تفش لوباء الكوليرا على مستوى العالم.
تخصص الخطة الأممية لجانب التغذية الصحية والذي يستفيد منه بشكل مركز فئتي الأطفال والنساء مبلغ 195 مليون دولار، وتهدف إلى توفير التغذية الصحية لنحو 5,6مليون طفل من الأطفال حديثي الولادة ودون سن الثالثة ،من هذه الفئة 4,55 في حال الاحتياج الشديد لتغذية صحية للبقاء على قيد الحياة.
وتقول مؤشرات الأمم المتحدة بان 1,8 مليون طفل و1,1 مليون غمرأة حامل أو مرضعة يعانون من سوء التغذية الحاد منهم 400 ألف طفل دون الخامسة من العمر.
وسجلت المؤشرات الأممية نحو 2,9 مليون شخص بحاجة الى علاج من سوء التغذية الحاد في العام 2018م.
في قطاع التعليم تشير الخطة الأممية إلى البداية الصعبة التي انطلق من خلالها العام الدراسي 2017و2018، في 13 محافظة وترجع ذلك إلى عدم دفع مرتبات المدرسين.
وتقدر الخطة وجود 4,1 مليون طفل بحاجة إلى المساعدة لمواصلة تعليمهم، وتخصص الخطة الأممية مبلغ 53.45 مليون دولار لهذا القطاع.
في مواجهة مشكلة النازحين داخليا بسبب تمدد القتال أو تعرض مناطقهم لقصف جوي أدى لتهدم منازلهم واستحالة العيش والبقاء تسعى خطة الاستجابة الإنسانية لتوفير مبلغ 195,35 مليون دولار في جانب المأوى وتستهدف في هذا الإطار نحو 3 ملايين شخص منهم ،2,6 في وضع الاحتياج الشديد نتيجة ترك مناطقهم بسبب ظروف الحرب والحصار.
وتقدر الأمم المتحدة وجود 5,4 ملايين شخص بحاجة إلى الإيواء الطارئ أو الأدوات المنزلية الأساسية، وبين أولئك 2,6 مليون شخص هم في حاجة شديدة إلى المساعدات بسبب النزوح المستمر.
خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2018م تشتمل على توفير مخصصات في قطاعي الحماية وتوفير سبل العيش، حيث يحتاج 8,4 مليون شخص متضرر إلى مساعدات في سبل كسب العيش لتوفير احتياجاتهم الأساسية فيما توفر الخطة لنحو 5 ملايين شخص يعيشون في مناطق متضررة بشدة.
بحسب المنسق الاممي المنتهية فترة عمله في اليمن جيمي ماكغولدريك فان الأرقام والمؤشرات الأساسية في اليمن تدهورت بشكل كبير خلال الفترة بين ابريل وحتى نهاية 2017م، وارتبط ذلك، وان الجوانب التي جرى تغطيتها بخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2018م مرشحة للتدهور بصورة اكبر مع استمرار الحرب او حدوث تصعيد عسكري محتمل .
والمفارقة في المؤشرات الأممية الإنسانية لعام 2018م حيث تسجل عدن أعلى محافظة يمنية في نسب الأشخاص المحتجين للمساعدة وبنسبة عوز شديد تصل 60% من السكان مقارنة بالعاصمة صنعاء حيث تقل النسبة الى 40 %، ما يعد دليلا على المأساة الإنسانية التي تعيشها المحافظات اليمنية في ظل المحتل،
وحلت محافظة صعدة في المرتبة الثانية من حيث العوز الشديد نتيجة القصف السجادي المستمر للمحافظة من قبل طيران العدوان السعودي الأمريكي بشكل يومي، وتدمير مقومات الحياة بشكل ممنهج لدفع المجتمع المحلي إلى حالة من الفقر الشديد وإجبارهم على النزوح من المحافظة.
بحسب المؤشرات الأممية فإن حوالي 107 مديرية -32% من إجمالي عدد المديريات في اليمن – معرضة بشكل كبير لوقوع مجاعة وهناك 17 ملايين شخص بهذه المديريات هم في أمس الحاجة للمساعدات بينهم 2,4 مليون طفل دون الخامسة من العمر.
وتخشى منظمات الأمم المتحدة من معاودة وباء الكوليرا التفشي مجددا – سجل عام 2017م أسوأ تفش للمرض على مستوى عالمي – ويؤكد مسؤولو الأمم المتحدة ان قدوم موسم الأمطار يشكل قلقا حقيقيا في ظل ضعف النظام الصحي، وبلوغ نسبة الإبلاغ عن الإصابة 900 ألف شخص، توفي منهم 2192 شخص ، وسجل ظهور العدوى في 305 مديرية من أصل 333 مديرية، حيث يحتاج 11,3 مليون شخص إلى إجراءات وقائية لحالات الطوارئ والاستعداد لتفشي الوباء مجددا في 2018م.
وبموازاة انهيار الناتج المحلي إلى نحو سالب 41,8 في الفترة ما بين 2015م و2017م، مسجلا خسارة مقدارها 32,5 مليار دولار بسبب الحرب وتأثيرات الحصار، ارتفع التضخم المالي بنحو20% خلال العام المنصرم 2017م ما ضاعف من الأعباء الاقتصادية على السكان.
ويؤكد مسؤولو الأمم المتحدة إن القيود التي يفرضها العدوان على دخول المواد الأساسية والوقود إلى اليمن تفرض أعباءً قاسية واضافية وتضغط على البرامج الإنسانية للمنظمات الدولية ما يدفعها لاجتزاء مبالغ أكبر لتوفير الوقود وايصال المساعدات.
كما أن انعدام الرواتب منذ ما يقرب من العام والنصف وانعدام السيولة النقدية يضغط على النظام الاقتصادي المنهار ويهدد بدفع الوضع المعيشي للسكان المتأثرين أصلا إلى وضع مأساوي قد يصعب تحمله دوليا.
وفيما تأمل الأمم المتحدة أن يتوفر التمويل الكامل للخطة -70 % اجمالي ما توفر لخطة الاستجابة الإنسانية 2017م -، فإنها تؤكد أن العمل الإنساني لوحده لن يكون بمقدوره مواجهة تداعيات أزمة إنسانية هي الأعمق والأكبر عالميا خلال 2018م، ويجب التحرك العاجل لوقف الحرب وفك الحصار عن اليمن الذي سيكون أمامه عامان آخرن للعودة إلى مؤشرات الاحتياج الإنساني المقبول وتجاوز الآثار الوخيمة للحرب.
وشنت السعودية بدعم أمريكي وبريطاني على وجه الخصوص ومشاركة إماراتية، عدوانا عسكريا على اليمن في ال26 من مارس 2015م ، وسقط جراء الغارات الجوية لطيران التحالف السعودي الأمريكي عشرات الآلاف من المدنيين بينهم نساء وأطفال قتلى وجرحى، كما تفرض منذ ذلك الحين حصارا اقتصاديا خانقا يمنع دخول الأدوية والمستلزمات الأساسية ويفرض قيودا وإجراءات قاسية على وصول المساعدات إلى المناطق اليمنية .