المشهد اليمني الأول| متابعات
نشرت قناة العربية السعودية أمس تقريراً مصوراً عن زيادة حركة “التشيّع” في قطاع غزة.. الملفت أن هذا التقرير ركّز على ما أسماه بـ “ظاهرة التشيُّع”.. الظاهرة التي يدّعي التقرير أن الحصار على قطاع غزه هو مسببها.. ليس دفاعاً عن أحد ولكن دفاعاً عن فلسطين وليس سجالاً مع قناة العربية, فإننا غير معنيين في إثبات هويتنا ومذهبنا وعقيدتنا ولكن مقتضى الامور فرض علينا ذلك .
كان حريٌ بقناة العربية أن تأخذ المبادرة وتعد برامج وثائقية وتحليلية عن النتائج الكارثية لإغلاق معبر رفح و أثره إذا ما تم رفع الحصار, ولفت النظر إلى أنه وفي الوقت الذي تحاصر غزة فيه ويقفل معبر رفح أمام أشد الحالات الإنسانية فإن معبر طابا مفتوح أمام السياح الصهاينة والأوروبيين.
كان عليها أن تعد برنامجا عن حركة البيع و الشراء المريبة التي تحدث في أهم بقعة في العالم ألا وهي القدس الشريف (وهي التي حملت العهدة العمرية والتي لم يخرج سيدنا عمر بن الخطاب إلا من أجلها) وكيف تتم عمليات البيع والشراء هذه بأموال و إرادات خليجية لصالح المستوطنين ولصالح الكيان الصهيوني.
كان الأجدر بقناة العربية أن تخصص ولو دقيقة واحدة من تقريرها هذا لتظهر بها معاناة الشعب الفلسطيني وأثر الحروب العربية في المنطقة عليه والأسباب والمسببات.
يأتي ذلك وسط الإدعاءات والإشاعات السعودية حول تشيُّع الحركات المقاومة الفلسطينية. نعم جميع الفصائل الفلسطينية تلقّت وتتلقى أموالاً من الجمهورية الإسلامية في إيران إلا أنه لم نسمع عن تشيّع أي فصيل غير أن ايران لم تطلب ذلك من الفصائل قط. وعليه فهل تعطينا قناة العربية اسم فصيل “سنّي” واحد فقط يتلقى دعماً من السعودية أو دولة من دول مجلس التعاون الخليجي (يساريا كان أو يمينياً).
يأتي التركيز اليوم من خلال تقرير القناة على حركة الجهاد الإسلامي والتي وإن كان لي عليها ملاحظات بشكل خاص وعلى الإسلام السياسي بشكل عام, إلا أنه لابد من قول الحق خاصة إذا ما تعلق الأمر بمس الشخصية الفلسطينية والهوية الفلسطينية.
إن ما صدر عن القناة من ربط مؤسس حركة الصابرين هشام سالم القيادي المنشق عن حركة الجهاد الإسلامي وتشيّع حركة الجهاد الإسلامي بحسب زعم القناة لا يمت للواقع بصلة. فإنه رغم حقيقة “شيعية” سالم إلا أنه لا بد من التنويه بان حركة الصابرين هي حركة “مطرودة” وشبه محاربة سواء من حركة الجهاد الإسلامي أو من حركة حماس. غير أنه ومن حيث المبدأ, فإني مع حرية وجود حركة الصابرين وحرية نشاطها الذي قامت حكومة حماس مؤخراً بسلبها تلك الحريات.
إلا أن السؤال يبقى: هل تجرؤ العربية بدعوة قادة المقاومة الفلسطينية وهم المنتمون لمذهب أهل السنة والجماعة على دعوتهم لزيارة مكة ؟
إن السعودية مطالبة بالتوضيح وبفس الأسلوب وعبر الأفلام الوثائقية لقناة العربية عن الجهة التي أوصلت المنطقة إلى ما وصلت إليه من دمار وانتشار للجماعات التكفيرية الإرهابية الإجرامية. ولكن السعودية ووسائل إعلامها وكل قنواتها مستنفرة ومنشغلة وقد جن جنونها ومنذ الأمس بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكأن بريطانيا انسلخت عنها علما أن الشعب البريطاني لم يُهجّر ولم ينزح ولم يدمّر وطنه.
فكيف نسكت عن سلخ فلسطين أرض الرسالات ( القدس و بيت لحم ) وتهجير شعب فلسطين بأكمله…
وعليه نُذكر قناة العربية بأن السعودية كانت قد تبنت المبادرة العربية للسلام لنكون في النهاية خداماً عند العنجهية والتعنت الصهيوني .
لمصلحة من تعمل قناة العربية وماذا تحاول أن تثبت وهي التي ما فتأت تهاجم قادة المقاومة.
في الوقت الذي تهجمت فيه قناة العربية على الجهاد الإسلامي كانت الحركة تزف الحاجة أم رضوان (خنساء فلسطين) والتي ضحت ب 10 من فلذات كبدها دفاعاً عن فلسطين ومقدسات وهوية فلسطين .
وفي هذا الإطار اوجه انتقادا لـ ( رمضان شلح ) الذي وفي رثاء الفقيدة أم رضوان قال ” أنها شهيدة فلسطين و الأمة “.. إن أمةً لم تمتلك يوماً مشروعاً واحداً لدعم القدس والأقصى لا تستحق ان تسمى الحاجة أم رضوان بشهيدتها, لكن بكل فخر نقول هي شهيدة الشعب الفلسطيني وأحرار العالم بمن فيهم أحرار أميركيين ويابانيين وأفريقيين وأوروبيين. ولكن بكل تأكيد لم يكونوا و لن يكونوا يوماً من ذوي القربى على شاكلة البعض.
الأكيد بأن فلسطين عربية و لكن قناة العربية لم تكن يوما فلسطينية فعليها أن تبحث عن هويتها منذ الآن لترقى لمستوى أن تذكر فيه اسم فلسطين .
محمد مشهراوي ــ بانوراما الشرق الاوسط