المشهد اليمني الأول/
مع اقتراب حرب اليمن من عامها الرابع، أكد موقع «المونيتور» الأمريكي، أن البلاد تشهد «أسوأ حالة تدهور اقتصادي» منذ ستينيات القرن الماضي.
ولفت تقرير «المونيتور»، المعنون بـ«مع السقوط الحر للريال اليمني… القادم قد يكون أسوأ»، إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، على وقع انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية خلال الأيام القليلة الماضية. فمنذ 14 يناير الحالي، ارتفع سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار، من 435 إلى 510 ريالاً للدولار، وهو أدنى مستوى تسجله العملة المحلية، لتخسر بذلك حوالي 17% من قيمتها خلال فترة وجيزة. وفي هذا الإطار، لفت الموقع إلى أن البيانات الواردة أعلاه، تعد مؤشراً واضحاً على تكاليف الحرب التي تكبدتها البلاد منذ اندلاع النزاع في مارس من العام 2015، مشيراً إلى أن الريال اليمني، فقد 130% من قيمته الإجمالية، حيث كان يسجل سعر صرف الدولار أمام الريال اليمني 215 ريالاً في ذلك العام.
وعن الآثار المترتبة عن انخفاض العملة اليمنية مقابل الدولار، أوضح التقرير، الذي أعدته أمل ناصر، وهي خبيرة اقتصادية في «مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية»، أن تدهور سعر صرف الريال، «سيشكل انتكاسة خطيرة لجهود المنظمات الإنسانية الدولية لمعالجة الوضع الإنساني الكارثي في البلاد» من جهة، و«سيسهم أيضاً في تسريع وتيرة إحداث تحولات كبرى في كيفية توزيع الثروة والأصول» من جهة أخرى، بما يعنيه ذلك، من «تبعات خطيرة على المدى البعيد».
ومن هذا المنطلق، أوضحت ناصر، أن اضطرار معظم اليمنيين إلى بيع مقنياتهم الثمينة لشراء الطعام، وعدم تقاضي الموظفين الحكوميين رواتبهم منذ نقل مقر المصرف المركزي إلى عدن في سبتمبر من العام 2016، يأتي في سياق «عملية وحشية جارية لانتقال موارد (الأسر) الفقيرة إلى أيدي النخبة» على طرفي النزاع. وزادت أن أفراد تلك النخبة، لا يبدون متأثرين بالضرورة، جراء أزمة انخفاض سعر الريال، مثل الفئات الشعبية الأكثر فقراً، بل سيخرجون من ذلك النزاع «أكثر قوة من الناحية الاقتصادية»، بمعزل عن حصيلته على ميادين القتال، «فتجريد الجماهير الغفيرة، من مصادر الثروة القليلة التي بحوزتها، ليصار إلى إعادة تركيزها بأيدي قلة (نخبة)، سيكون له آثار خطيرة على إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء النزاع»، وذلك بالنظر إلى أن «هذه الدينامية تقوض أي جهد لإحلال السلام، كونها تعد تجسيداً للمظالم التي أدت إلى نشوء النزاع، وتفاقم منها».
وفي هذا السياق، لفتت ناصر إلى أن هبوط قيمة الريال اليمني، أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات لا يستطيع معظم اليمنيين تحملها، علماً بأن ورادات البلاد من الأغذية، قد انخفضت عقب تشديد «التحالف»، الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية، إجراءات الحصار المفروض على اليمن بعد الهجوم الصاروخي على الرياض في الرابع من نوفمبر الفائت، وعلى وقع احتدام المعارك بالقرب من ميناء الحديدة، التي تتسبب في عرقلة وصول البضائع، والمواد الإغاثية عبر الميناء الواقع على البحر الأحمر.
وبحسب تصريحات جيمي ماكغولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، فإن الشحنات التي مرت عبر الميناء المذكور منذ معاودة إفتتاحه، تعد «أقل بكثير مما هو مطلوب لتلبية إجمالي احتياجات (البلاد) من الغذاء والوقود».
ومع الإشارة إلى قرار الرياض إيداع ملياري دولار لدى البنك المركزي اليمني لدعم العملة المحلية، شددت ناصر على أنه مازال يقع على عاتق حكومة هادي، وإدارة المصرف المركزي أن يباشرا العمل على تطبيق «سياسات اقتصادية سليمة» لمعالجة أزمة هبوط سعر الريال، وتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الوديعة المتواضعة، وفق تعبير الكاتبة.
وأضافت ناصر أن المسؤولية الملقاة على عاتق البنك المركزي، تتمثل بالعمل على توفير العملة الصعبة للمستوردين، والمصارف التجارية، وذلك بغية الحد من تأثير السوق السوداء في تحديد سعر صرف الريال اليمني. هذا، واستبعدت ناصر أن تتعافى العملة المحلية، وأن تعود إلى مستويات ما قبل الحرب، متوقعة مزيداً من التدهور في قيمة صرف الريال اليمني مقابل الدولار في الأيام المقبلة.