المشهد اليمني الأول/

يبدو أن الرياح المبكرة لعام 2018 لم تأتِ كما خطط لها ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان, فالرجل رسم الخطوط العريضة لسياساته ليكون هذا العام ومنذ بدايته منصة تحول في تعزيز «زعامته» في العلاقات الدولية خاصة مع أوروبا، بعدما اعتقد واهماً أنه فرض زعامته في الداخل السعودي ولا ينقصه سوى الوصول إلى العرش.

وعلى سيرة العرش أعدّ ابن سلمان حزمة من الاتفاقيات الاقتصادية لجلب تعاطف وميل دول غربية مؤثرة, كما ذهب بأحلامه بعيداً إلى أروقة العواصم الأوروبية حيث حلم بأن يحظى باستقبالات أسطورية كسياسي يحمل «مشاريع إصلاح» دولة ذات سلطة ومجتمع تقليديين.

لكن وبحسب المؤشرات القادمة من الغرب فإن كل ما حلم به ابن سلمان ذهب أدراج الرياح لأن عام 2018, كما يبدو لن يكون عام انطلاقته سياسياً على المستوى الدولي, كما خطط واشتهى، وإنما عام الخيبات للرجل الذي وجد نفسه ضمن نادي «زعماء» دوليين يتهرب الأوروبيون منهم ولا يحبذون لقاءهم، كما يحدث مع حليفيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وإذا ما استثنينا التأييد «غير المشروط» لترامب إزاء السياسات التي ينتهجها ابن سلمان داخلياً وخارجياً، يبدو أن باقي دوائر صنع القرار في الغرب سواء كانت أوروبية أم أمريكية أصبحت تتحفظ على سياسة الرياض وعلى استقبال المسؤولين السعوديين وفي مقدمتهم ابن سلمان منعاً للحرج الذي باتت تسببه استضافة هذا الرجل, كما أصبحت تتوخى الحذر إزاء سياسات بني سعود التي جعلتها في موقف لا تحسد عليه أمام أوساط سياسية وشعبية تطالب نهاراً جهاراً بوقف التعامل مع نظام متورط بدعم الإرهاب وارتكاب جرائم حرب وانتهاكات بالجملة فيما يتعلق بحقوق الإنسان داخل السعودية وخارجها.

وعليه فقد طالبت ألمانيا علانية بنوع من الحزم الدبلوماسي ضد سياسات الرياض، ما ولّد أزمة بين الجانبين سارع بنو سعود إلى احتوائها عبر تفادي التصعيد، إلا أن برلين تابعت استنكارها لسياسات السعودية وأعلنت صراحة عن رفض تزويدها بالأسلحة.

وليست برلين وحدها من بدأت تعيد حساباتها مع النظام السعودي ولا ترغب حتى في سماع اسم محمد بن سلمان, بل هناك عدة دول أوروبية حذت حذوَ برلين وعلى رأسها فرنسا التي تحفظت على استقبال ابن سلمان، لقيامه باعتقالات عشوائية لأبناء عمومته تحت يافطة «الإصلاح» وهي في الحقيقة ليست سوى عمليات انتقام لتبقى الساحة خالية من المنافسين على العرش، ثم عدم السماح للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالوساطة للإفراج عن بعض الأمراء المعتقلين, ناهيك عن مسؤولية ابن سلمان المباشرة فيما يتعلق بجرائم الحرب المرتكبة باليمن في ظل عدوان بات يشكل عبئاً على الأوروبيين في علاقاتهم بالنظامين السعودي والإماراتي.

والأنكى من كل ما سبق, أن ابن سلمان ليس ضيفاً مرغوباً به لدى دوائر صنع القرار الغربية فحسب وإنما لدى شريحة واسعة من الرأي العام الشعبي والسياسي, والدليل على ذلك المعطيات التي تروج حالياً في أوروبا وتؤكد أن أجهزة استخبارات غربية نصحت ابن سلمان بالبقاء في السعودية وعدم مغادرتها لتفادي مفاجآت قد تقضي عليه بعدما تسببت سياسته في زيادة الاحتقان وترسيخ الانقسام الذي ينهش العائلة الحاكمة.

* صفاء إسماعيل – تشرين

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا