المشهد اليمني الأول/ الوقت
عادت مؤخراً إلى واجهة الأخبار معطيات جديدة تفيد عن تجدد الخلافات بين كل من السعودية والإمارات في اليمن، بحيث تحاول كل دولة العمل على محاولة إقصاء الطرف الآخر بالرغم من اتفاقهما على ضرب أنصار الله والجيش اليمني في الشمال اليمني والعاصمة صنعاء، وعلى توزيع النفوذ بينهما بحيث تقوم السعودية بالسيطرة على الشمال اليمني وصولا الى صنعاء على ان تحمي الامارات في المقابل ” المقاومة اليمنية” في الجنوب.
ولكن خلال السنوات الثلاث الماضية، وبفضل صمود اليمنيين ونجاحهم حتى اليوم بتوجيه رسائل قوية للتحالف الاماراتي-السعودي واستمرارهم بإطلاق الصواريخ البالستية بتجاه الرياض وابوظبي، دفعت الرياض الى التفكير مليا بإعادة تقسيم مناطق النفوذ بينها وبين الامارات والتوجه نحو الجنوب وذلك بسبب تحملها العبء الأكبر من الحرب مما أشعل فتيل الخلافات بين الطرفين من جديد.
وفي هذا السياق، اعلنت وسائل اعلامية يمنية يوم أمس ان الرئيس اليمني الهارب عبد ربه منصور هادي أعرب للقادة السعوديين عن رغبته بالعودة الى ” عاصمة الجنوب ” عدن، الا ان الرد السعودي اتى بالرفض معللين ذلك بان الامارات لا ترى الوقت مناسباً لذلك. وفي هذا الصدد اتهم الاعلام الموالي لعبد ربه منصور وحزب الإصلاح اليمني مرة أخرى الإمارات بتعطيل وظيفة “الحكومة الشرعية” في اليمن، مطالبين السعودية بوضع حد لتحركات المولين لبن زايد في الجنوب.
هجوم اعلام ” الشرعية” على بن زايد قابله هجوم مضاد من قبل الاعلام الاماراتي، حيث استأنف الاخير ولأول مرة منذ لقاء ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد مع محمد اليدومي، رئيس حزب الإصلاح اليمني، في 13 ديسمبر الماضي في الرياض، الهجوم على حزب الاصلاح “الإخواني”. وفي هذا الصدد كتبت صحيفة العرب المدعومة من الامارات يوم الثلاثاء الماضي تقريراً هاجمت فيه حزب الاصلاح اليمني متهمة اياه بإدارة السوق السوداء في اشارة الى عملية تبادل الاسرى بينه وبين أنصار الله والجيش اليمني في 28 اب من العام الماضي، ووفقا لصحيفة العرب، ان حزب الاصلاح لم يعمل بالطريقة التي طالبته بها الإمارات، وان هناك فصيلا كبيراً من هذا الحزب لديه ارتباطاً وثيقاً مع قطر حتى اليوم. ويعد هجوم صحيفة العرب على حزب الاصلاح علامة على عودة ظهور الاختلافات بينهما.
جذور الخلافات الإماراتية-السعودية في اليمن
صحيحٌ ان الامارات تشارك الى جانب السعودية في حربها على اليمن، الا ان هناك شواهد كثيرة تظهر عدم التنسيق بين الطرفين، حتى وصل ببعض المحللين القول ان الامارات لا تريد للسعودية ان تربح في الحرب، وذلك لأسباب عديدة منها ان الرياض قد قامت باجبار بعض الوزراء الموالين للإمارات بتقديم استقالتهم من الحكومة اليمنية في عدن.
وعن الخلاف الاماراتي السعودي المتزايد في الجنوب أكد الكاتب البريطاني المعروف، ديفيد هيرست، في مقال له نشر في صحيفة ” ميدل ايست اي” الاسبوع الماضي ان هذا الخلاف قائم، قائلاً إن التنافس بين الإمارات والسعودية ليس لإعادة الشرعية لحكومة المخلوع عبد ربه منصور انما هو منافسة لقيادة العالم العربي السنيفي الخليج الفارسي، واضاف الكاتب البريطاني ان الامارات تعمل على ضرب حكومة عبد ربه منصور المدعوم من السعودية، وعلل هرست فعل الامارات انها تريد ان يصل احمد علي صالح ابن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ورئيس الحرس الجمهوري السابق، وسفير اليمن في الامارات الى كرسي رئاسة الحكومة في اليمن وبوصوله تكون الامارات قد قطعت يد السعودية من اليمن.
وعلى الرغم من أن هذا التحليل قد نشر قبل حصول فتنة صنعاء ومقتل علي عبد الله صالح، إلا أنه يرتبط ارتباطا وثيقا بالواقع السياسي اليمني، حيث عملت الإمارات بجد لإحضار علي عبد الله صالح الى ابو ظبي كي تخلط اوراق السعودية في اليمن ولكن مقتله تسبب في انهيار جميع المعادلات والحسابات في هذا الصدد.
وتعود جذور الخلاف الاماراتي السعودي الى يونيو 2016 حينما قام عبد ربه منصور هادي بإقالة خالد بحاح المدعوم اماراتياً من رئاسة الحكومة معيناً مكانه شخصية عسكرية تحمل اسم ” الاحمر” المدعوم سعودياً. اقدام منصور هادي على اقالة البحاح اغضب الإماراتيين ودفعهم الى استهداف النفوذ السعودي في الجنوب اليمني وخصوصاً في عدن عبر استهداف قياديي حزب الإصلاح اليمني، وذلك من اجل إضعاف التنظيم الإسلامي وإقصائه عن المشهد السياسي والعسكري اليمني وبالتالي اقصاء السعودية من المشهد اليمني.
وفي هذا السياق توقع صمويل راماني، وهو استاذ وباحث بجامعة اوكسفورد، ان تنشأ خلافات وتوترات كبيرة في العلاقات السعودية –الإماراتية في المستقبل القريب بسبب الاختلافات الكبيرة في السياسة الخارجية لكلا الطرفين، مؤكداً ان ” التوافق الحاصل بين البلدين الآن أضعف مما ينظر إليه”.
في خلاصة التحليل؛ يبدو ان الصراع الاماراتي السعودي في اليمن يتوالى فصولاً، بحيث ان الإمارات مصممة على المضي باستراتيجيتها الواضحة في السيطرة على جنوب اليمن، بينما يعمل امير السعودية محمد بن سلمان جاهداً بلا أي استراتيجية واضحة لتقويض جهود بن زايد ومواجهة التوغّل الإماراتي في الجنوب اليمني والبحر الأحمر.