المشهد اليمني الأول/
كارثة إنسانية حقيقية تعصف في اليمن، يشتدّ أوارها يوماً بعد يوم في ظل العدوان “السعودي” المستمر منذ قرابة الأعوام الثلاثة، مع انعدام بوادر الحل السياسي، على الرغم من المطالبات المستمرة من منظمات حقوق الإنسان بوقف العدوان السعودي وفك الحصار عن أشد البلدان فقرا في المنطقة.
يعاني أهالي اليمن من انعكاسات وارتدادات العدوان والحصار الذي فُرض على كافة المنافذ (البحرية – البرية – الجوية)، إذ أعلن تحالف العدوان بقيادة”السعودية” الإغلاق الكامل للمطارات والموانئ اليمنية في 6 تشرين الثاني من العام المنصرم، بالإضافة الى قصف متعمد على كافة المرافق العامة من ضمنها: محطات توليد الكهرباء، محطات الوقود، محطات معالجة الصرف الصحي، المستشفيات، المدارس، الجوامع، الأسواق وغيرها.
تسبب الحصار بمنع وصول المواد الغذائية للمدنيين كذلك الأدوات الطبيّة، والمواد النفطية وما سواها من مقوّمات الحياة ما أدى إلى استفحال الفقر بين شريحة واسعة من المواطنين وانتشار الأمراض والأوبئة، بفعل تلوث مياه الشرب وشيوع المجاعة وسوء التغذية، إذ يأتي الكوليرا في مطلع الأمراض المستشرية حيث قضى على حياة آلاف اليمنيين من بينهم مئات الأطفال فيما يقبع 11 مليون طفلاً آخر بحاجة الى مساعدة وذلك بحسب المتحدثة باسم اليونيسيف “جولييت توما” التي تصف اليمن بأنه ” المكان الأسوأ للأطفال”.
المساعدات الانسانية
وعلى الرغم من حجم المعاناة الإنسانية، إلا أن المنظمات الدولية التي تقدم مساعدات إنسانية الى اليمن لا تغطي أكثر من نسبة 30% من حاجة اليمن في حين يقبع بحدود 70% من السكان تحت خط الفقر بحسب تقارير لمنظمة الصليب الاحمر في أواخر العام 2017، حتى أن هذه المساعدات عرضة لمزاج التحالف “السعودي” بالتضييق والمنع، بحسب مدير عام مطار صنعاء الدولي خالد الشائف أن التحالف السعودي كان قد منع سابقاً وصول طائرات إغاثية إلى مطار صنعاء على متنها علاجات طبية ولقاحات.
إعادة فتح الموانئ
بعد مطالبة المنظمات الدولية لا سيما الأمم المتحدة للتحالف بإعادة فتح طرق مرور المساعدات، وصير إلى فتح ميناء الحديدة على البحر الأحمر وفتح مطار صنعاء لاستقبال المساعدات بعد أكثر من أسبوعين على الحصار، إلا أنه بالرغم من ذلك لم تصل المساعدات بالشكل المطلوب وظل اليمنيون يقبعون تحت وطأة الأزمة، ومنع التحالف السعودي 7 سفن محمّلة بالوقود والمواد الغذائية من الوصول إلى ميناء الحديدة وفق ما تقول مؤسسة موانىء البحر الأحمر اليمنية، وذلك بعد إعلان التحالف السعودي رفع الحصار.
هذا وقد شرع رئيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAId) “مارك غرين” بالقول لوكالة رويترز في ديسمبر 2017: “لا أستطيع القول إن هناك تخفيفاً للحصار.. نحاول الإشارة بهذا الإعلان إلى أننا مستعدون للإستجابة لهذه الكارثة الإنسانية”.
تدهور الأوضاع الصحية والتعليمية
بدورها، أفصحت منظمة الصحة العالمية منذ أيام بتاريخ 11يناير2018 ، عن ارتفاع الوفيات جراء مرض “الدفتيريا” في اليمن إلى 48 حالة، منذ بدء انتشار المرض، قبل نحو شهرين. وأعلنت المنظمة في تقرير أنها رصدت هذه الحالات من الوفيات بالمرض، في 19 محافظة من أصل 23، وفي 114 مديرية من أصل 333، بينما جرى تسجيل 610 حالات يشتبه إصابتها بالمرض نفسه، في هذه المحافظات.
وأوضح التقرير أن محافظتي “إب” و”الحديدة”، هما أكثر المحافظات اليمنية التي انتشر فيها هذا المرض مشيرا إلى أن هذا المرض ينتقل عبر جرثومة تدعى “الوتدية الخناقية”، ويصيب بشكل أساسي الفم والعينين والأنف، وأحيانًا الجلد. إلى جانب مرضي “الكوليرا” و”الدفتيريا” يعاني اليمنييون من تفشي مرض السرطان لا سيما في صفوف الأطفال، حيث يقول في هذا الصدد رئيس المؤسسة اليمنية لعلاج سرطان الدم للأطفال في صنعاء السيد عبد الرحمن هادي: “بأنه هناك حوالي 30 ألف شخص في اليمن مصاب بالسرطان ويتعرض للموت في أي لحظة”.
من جهتها أعلنت منظمة “أوكسفام الدولية للإغاثة” أن الحرب تسببت في إغلاق نحو 1400 مدرسة في عموم اليمن وهناك 1600 مدرسة باتت خارج نطاق الخدمة في اليمن بسبب الحرب. وبحسب الإحصائيات المتوفرة التي أعلنتها المنظمة في مطلع الشهر الحالي من العام 2018 فإن 70 % من المعلمين لم يتلقوا رواتبهم منذ نحو عام أما بالنسبة للمدارس الخاصة فإن الآلاف من التلاميذ اضطروا لتركها لعدم قدرة ذويهم على دفع الرسوم الدراسية. وهناك الكثير من الآباء والأمهات منعوا أطفالهم من الذهاب إلى مدارسهم خوفاً على سلامتهم.
الإدانات الدولية
في المقابل، دعت منظمات إنسانية دولية السعودية إلى إيقاف هذه الكارثة وإنهاء الحصار ويأتي في طليعة هذه المنظمات، منظمة اليونيسف ومنظمة أوكسفام كما دعت مؤخراً منظمة الأمم المتحدة، السعودية” لإنهاء الحصار على اليمن في أقرب وقت ممكن.
وعلاوةً على ذلك هناك مساعي دولية للحد من هذه الأزمة حيث دعا كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي إلى وقف الحصار لتجنب الكارثة. يشار إلى أن مجلس النواب الأميركي ّ صوّت على مشروع قرار يدين استهداف المدنيين في اليمن بتاريخ 14/11/2017 يناشد جميع الأطراف تعزيز الجهود لتبنيّ الإجراءات الضرورية منعاً لوقوع المزيد من الضحايا والسماح بدخول المساعدات الانسان، وقد حاز هذا التصويت على موافقة 366 صوت فيما رفضه 30 آخرون.
تقرير – زينب فرحات