المشهد اليمني الأول/
في وقت لم تعد الانتهاكات التي ترتكبها السلطات السعودية باستغلالها لإدارتها للمشاعر المقدسة بمنأى عن الرصد والمتابعة والانتقاد، أصدرت “الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين”، تقريرها الأول، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر دولي على أراضي الهند يدعو لتدويل المشاعر، من أجل حماية المسلمين وتأمين حقوقهم بتأدية المناسك دون مضايقات ومحاذير تهدد حياتهم.
اعتقال، ترحيل، تشويه، ومنع، من أبرز عناوين الانتهاكات التي رصدتها الهيئة الدولية في تقريرها، وقد رصدت الهيئة، في 7 يناير 2018،أن السلطة السعودية عمدت إلى تغيير مكان الصلاة من المحراب العثماني إلى المحراب النبوي في المسجد النبوي الشريف؛ وذلك لأسباب سياسية، بعد توقف للصلاة في المحراب النبوي لربع قرن من الزمان، على خلفية خلافات سياسية بين السعودية وبعض الدول.
الهيئة وثّقت أيضاً عدة انتهاكات بحق معتمرين تم اعتقالهم وترحيلهم من السعودية؛ إذ تلقت شكوى من مواطن ليبي (37 عاماً)، بتاريخ 6 يناير 2018، تفيد بأنه تم اعتقاله من السلطات السعودية لدى وصوله إلى أراضي الرياض في ديسمبر الماضي، بغرض أداء مناسك العمرة، وفق التقرير فإن المواطن الليبي اشتكى من اعتقاله في مطار الرياض وتعرّضه للتوبيخ والإهانة، بزعم وجود اسمه لدى السلطات السعودية على قائمة زوّدها بها جهاز الأمن التابع للجنرال الليبي “خليفة حفتر”.
كما أشار التقرير إلى اعتقال وترحيل السلطات السعودية معتمرين مصريين بطريقة غير قانونية؛ حيث تمّ توثيق اعتقال 39 معتمراً مصرياً وترحيل 65 آخرين إلى بلادهم بالقوة في 2017، لافتاً إلى إفادة أحد المعتمرين المصريين المرحلين، في 10 يناير 2018، والذي قال فيها إنه تقدم للحصول على تأشيرة لدخول السعودية بشكل قانوني لأداء العمرة، وتمّت الموافقة عليها، لكنه فوجئ بعد وصوله بيومين بحضور قوة من الأمن السعودي إلى الفندق الذي يقيم فيه، واعتقاله وترحيله إلى بلاده من دون إبداء أي أسباب.
ووثق التقرير شكاوى مواطنين مصريين وأردنيين حول تفتيش وفحص هواتفهم النقالة والتحقيق معهم في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بمدينة جدة، في حين تستغل الرياض المناسك وتعمد إلى زيادة الرسوم مطلع العام الحالي، حيث جددت الهيئة استهجانها تعسف السلطات السعودية بحق مسلمين ومنعهم من حقهم في أداء الشعائر الدينية من دون أي مبرر مقنع، وطالبت الرياض بوقف مثل هذه الممارسات وضرورة احترام مواد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ذات الصلة بالحقوق المدنية والسياسية.
في السياق عينه، استضافت مدينة نيودلهي الهندية، مؤتمراً دولياً حاشداً، حول رفض تسييس المشاعر المقدسة في السعودية وضرورة ضغط الدول الإسلامية على الرياض لضمان عدم إغلاق المشاعر بوجه أي مسلم.
السعودية ضلّت عن طريق الإسلام المؤتمر عُقد بتنظيم من “الحملة العالمية لمنع تسييس المشاعر في السعودية” ومؤسسة “منظمة علماء المسلمين” في الهند ومؤسسات هندية محلية، وحمل عنوان “نحو إنهاء ممارسات السعودية في تسييس المشاعر المقدسة”، بمشاركة نحو250 شخصاً، وتحدث خلاله عدد من مشايخ الهند الذين أدانوا ما تقوم به السعودية من هيمنة وتحكم بالمشاعر المقدسة.
المفتي الإمام أشفق حسين قادري رئيس مؤسسة علماء المسلمين في الهند، وصف ما تقوم به السعودية بأنه انتهاك للشريعة الإسلامية وكتاب الله، مستغرباً أن يصبح الإسلام “رهينة لدولة ذات أهداف سياسية قامت وتقوم بمنع المسلمين من دول عربية وإسلامية من ممارسة شعائر الحج والعمرة”، وفق تعبيره.
وخلال كلمته، شدد المفتي على أن السعودية “أضلّت وضلَّلت الناس وفقدت صوابها حيث لا يجوز إغلاق أبواب الرحمن في وجه العائدين إلى الله الراغبين في رحمته”.
من جهته، العالم سيد جفيد نقشبندي، أشار إلى أن الرياض “ضلّت الطريق عن الإسلام القويم وطريق الهداية”، موضحاً أن ما يحدث من تسييس للمشاعر ومنع المسلمين من أداء فرائض الحج والعمرة وزيارة الأماكن المقدسة في السعودية لم يحدث في التاريخ الإسلامي قط “حتى أن الغزاة الذين جاؤوا للدول العربية المجاورة لأرض الحجاز كانوا يسمحون بحرية حركة الناس للذهاب لمكة والمدينة”،حسب قوله.
المؤتمر الدولي، خلص إلى عدة توصيات ركزت على أن “السعودية انحرفت عن الإسلام القويم الحنيف بمنعها أي مسلم من أداء الفرائض مهما كانت الظروف أو الأسباب”، وأكدت أن مسلمي الهند سيشرعون بحراك قوي خلال الفترة المقبلة لرفض سلوك السعودية بما يتضمن عقد مؤتمرات وإعداد بحوث حول الممارسات السعودية.
وشددت التوصيات على ضرورة الضغط على الرياض لضمان عدم إغلاق المشاعر بوجه أي مسلم، وأن يكون لمنظمة مؤتمر العالم الإسلامي دوراً أكثر فاعلية وقرباً من الشعوب لا من الأنظمة والقيادات وأن تتحرك جدياً لرفض تسيس السعودية للمشاعر المقدسة.
وأكد المجتمعون ضرورة بدء الحراك وإقامة الوقفات والاحتجاجات للضغط على السعودية بحيث سيتم تنظيم وقفة احتجاجية في نيوديلهي أمام السفارة السعودية مطلع فبراير المقبل.
الجدير بالذكر، أن الحملة العالمية لمنع تسييس المشاعر حملة عالمية إسلامية تسعى لمنع السعودية من خلط سياستها بخدمتها للحرمين والأماكن الإسلامية المقدسة، وهي عبارة عن حراك عالمي يركز على العالم الإسلامي والجاليات المسلمة في الغرب بما في ذلك أميركا واستراليا ونيوزيلندا، وتسعى لضمان حرية العبادة لكافة المسلمين على اختلاف توجهاتهم السياسية أو انتماءاتهم العرقية، وفق بيانها التعريفي.