المشهد اليمني الأول/ رشا عيسى

لم يكن ما كشفت عنه صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية عن زيارة وفد عسكري سعودي إلى كيان الاحتلال لعقد صفقات تسليح بالخطوة الاستثنائية أو المنفردة بهذا الاتجاه وإن كانت قد سجلت أعلى مستوى لها حتى الآن وفقاً للتسريبات، فالسعودية تحاكي إقامة ما زعمت أنه (منصة ردع) ضد إيران عبر شراء نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي وتكثف تعاونها العسكري مع وزارة الحرب الإسرائيلية مستفيدة بشكل كبير من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس الشريف «عاصمة لإسرائيل».

لا يوجد أي شك في أن قرار ترامب مهّد الطريق بشكل كبير للسعودية للتطبيع الكامل مع (إسرائيل) حيث توطدت علاقتهما بشكل كبير بعد القرار الأسود رغم أن السعودية لا تزال تتستر على الأمر وتبرر علاقاتها مع (تل أبيب) بحجة السعي إلى «حل الدولتين» لحسم الخلافات بين (إسرائيل) وفلسطين، على حد تعبير (واشنطن بوست). لكن الواضح أن القضية باتت مفتاحاً لأموال إضافية للسعوديين ومفتاح الرضا كذلك في (إسرائيل) وبقدر ما سيؤثر إبقاء القضية الفلسطينية في مرحلة التجميد سيكون للسعودية مكاسب أكبر وسيجنبها الخيارات الحساسة هذا إن اضطرت لذلك مستقبلاً.

تستمر السعودية باستنزاف القضية الفلسطينية واستثمارها لمصالحها الخاصة بشكل مفضوح من دون خجل خاصة بعد أن قطعت أشواطاً في علاقاتها مع كيان الاحتلال، لكن أين العجب من ذلك؟ فمتى اهتمت لأمر الفلسطينيين أو العرب؟ وعبر التاريخ دورها كان أقرب إلى التآمر والشرذمة منه إلى الحل والوفاق عربياً، ويبدو أن ما خفي أعظم وما يُسّرب لا يزال أجزاء بسيطة عن درجة التقارب بين الطرفين.

من الواضح أنه لا تعقيدات تواجه هذا التطبيع، فـ(إسرائيل) تناسب بشكل كبير العقلية الحاكمة في السعودية، وإعلان التطبيع النهائي هو مسألة وقت ليس إلا، ومسلسل التسريبات عن طبيعة وحجم التطبيع الاقتصادي والعسكري والتجاري بينهما لن يتوقف، ويبدو أنه سيتواصل بشكل تصاعدي يتوازى إلى حد ما مع صعود العلاقات بين السعودية وكيان الاحتلال.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا