المشهد اليمني الأول/
كشف الدبلوماسي الإيراني السابق والباحث الأكاديمي في جامعة برينستون الأمريكية سيد حسين موسويان بعض التغييرات غير المسبوقة في نظام صنع القرار الأمريكي التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر على القرارات المتعلقة بإيران في واشنطن.
وقال الكاتب في مقال نشره موقع «غلوبال ريسيرش»: على مدى العقود القليلة الماضية تبوأ العديد من المسؤولين العسكريين رفيعي المستوى مناصب رئيسة داخل الإدارات الأمريكية عامة وخاصة في الإدارة الحالية، فمثلاً الجنرال جيمس ماتيس هو وزير الدفاع، الجنرال هربرت ماكماستر هو مستشار الأمن القومي وجون كيلي هو رئيس الأركان في البيت الأبيض، بينما في الماضي كانت هذه الوظائف الثلاث غالباً ما يشغلها أشخاص غير عسكريين، ويضاف إلى الثلاثة آنفي الذكر الجنرال المتقاعد جويل رايبورن الذي يتولى حالياً منصب مدير مجلس الأمن القومي الأمريكي لشؤون العراق وسورية وإيران وليبيا ولبنان وكان قد شارك في الحرب الأمريكية على العراق، ودوره في السياسات المتخذة ضد إيران أكبر من دور دبلوماسيي وزارة الخارجية الأمريكية أنفسهم.
ولفت المقال إلى أن الذين جمعهم ترامب حوله تجمعهم رؤية واحدة وهي ضرورة التدخل المباشر في منطقة الشرق الأوسط ومعاداة طهران وانتقاد سياسات حكومة باراك أوباما، وتالياً فقد تم عملياً تهميش وعزل وزارة الخارجية الأمريكية وكبار الدبلوماسيين فيها بطريقة غير مسبوقة، في حين أن الدبلوماسيين من ذوي الخبرة لديهم دور ثانوي إلى حد ما في التأثير على عملية صنع القرار الأمريكي.
وأشار المقال إلى أن الجمع بين ابنة ترامب إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر في البيت الأبيض ودورهما الرئيس في اتخاذ القرارات من دون أية خبرة سياسية أو دبلوماسية كان ظاهرة غير مسبوقة أثارت غضب الجنرالات في البيت الأبيض و«البنتاغون» إضافة إلى الدبلوماسيين الأمريكيين، ما تسبب في إثارة الخلافات في نظام صنع القرار الأمريكي، ولا ننسى أن كوشنر ينحدر من عائلة أمريكية صهيونية شهيرة كانت تربطها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو علاقات أسرية وثيقة، وبالنسبة لنتنياهو فإن كوشنر هو أقصر وأسرع طريقة للتأثير على قرارات البيت الأبيض، كما تم تنظيم علاقات كوشنر الخاصة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بهذه الطريقة.
وأوضح المقال أن التطورات الثلاثة المذكورة أدت إلى خلط غريب بشأن الأمن القومي لأمريكا والعملية الحاسمة لصنع القرار فيما يتعلق بالسياسات الخارجية، لافتاً إلى أن هذا الوضع أوجد فرصة ذهبية «للوبيات» في واشنطن، بما فيها «اللوبي» الإسرائيلي الذي كان على مدى العقود القليلة الماضية صاحب تأثير غير عادي على قرارات الولايات المتحدة، ولكن في نهاية المطاف، فقد غيرت التطورات في إدارة ترامب كل شيء فامتثلت «تل أبيب» لقرارات واشنطن.
وأضاف المقال: كان للسعوديين وحلفاء أمريكا العرب الآخرين لوبي نشط ومؤثر في واشنطن لسنوات عديدة، ومع ذلك فقد كان الهدف الرئيس من هذا اللوبي هو الحفاظ على التوازن فيما يتعلق بسياسات واشنطن المرتبطة بالعلاقات بين بعض العرب و«تل أبيب»، وكان تعزيز السياسات المعادية لإيران هو الهدف الثانوي للوبي العربي. ولكن، وخلال إدارة أوباما ومع تغيير السياسات الأمريكية تجاه إيران، اتحد هذان «اللوبيان» معاً لكنهما فشلا في تغيير سياسة أوباما تجاه إيران. ومع ذلك، خلال إدارة ترامب، فقد نجح اللوبي الموحد، الصهيوني- السعودي- الإماراتي، بالتأثير في نظام صنع القرار في واشنطن ومعاداة طهران.
ولفت المقال إلى أن واشنطن، في الماضي، كانت تقوم بعمليات عسكرية مباشرة ضد بلدان المنطقة، مثل أفغانستان والعراق، لكن استراتيجية واشنطن الجديدة هي أن ينفذ حلفاؤها، لا هي، الضربات العسكرية بالنيابة عنها وبدعم منها، كما هي الحال في الحرب ضد اليمن. أضف إلى ذلك أن ترامب نفسه يمثل ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الرؤساء الأميركيين، وبحسب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب كوركر، فإن سياسات ترامب قد تتسبب بانطلاق شرارة الحرب العالمية الثالثة. وفي الواقع، فإن أغلبية قرارات ترامب بشأن السياسة الداخلية والخارجية كانت مثيرة للجدل، باستثناء العقوبات المفروضة على إيران، ففي هذه الحالة، كان للحرب الدعائية و«اللوبيات» والدبلوماسية العامة دور كبير في إثارة سياسات مناهضة لإيران بطريقة لا تصدق.