المشهد اليمني الأول | مصر
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن تسجيلات حصلت عليها لمكالمات هاتفية أجراها ضابط بالمخابرات المصرية مع عدد من مقدمي البرامج الحوارية التلفزيونية في مصر، أخبرهم خلالها بموافقة القيادة المصرية على القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لـ(إسرائيل).
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقريرها الذي ترجمه «الخليج الجديد»، إن ضابط الاستخبارات المصري «أشرف الخولي» أبلغ عددا من مقدمي البرامج، خلال المكالمات أن «مصر ستدين علنا قرار ترامب بشأن القدس مثل كل الدول العربية»، مؤكدا في الوقت ذاته موافقة مصر على القرار بحجة أن الصراع مع (إسرائيل) لم يكن في مصلحة مصر.
ودعا «الخولي» مقدمي البرامج إلى إقناع المشاهدين بقبول القرار الأمريكي، معتبرا أن القدس لا تختلف عن أية مدينة أخرى مثل رام الله.
وقالت الصحيفة إن التسجيلات عبارة عن 4 مكالمات، 3 منها مع مقدمي برامج حوارية، ومكالمة واحدة مع ممثلة شهيرة، فيما أكدت الصحيفة أن التسجيلات تم تقديمها إليها من قبل وسيط داعم للقضية الفلسطينية ومعارض للرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي».
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن اثنين من المتحدثين باسم الحكومة المصرية رفضوا طلبات بالتعليق على هذه التسجيلات، فيما تعذر الوصول إلى «الخولي».
وفي تعليقه على التسجيلات التي كان طرفا فيها، قال المذيع المصري «عزمي مجاهد» لـ«نيويورك تايمز»، إنه كان متفقا مع الحاجة إلى تجنب اندلاع موجات عنف جديدة بناء على تقييمه الشخصي وليس بناء على توجيهات جهاز المخابرات.
وأشار «مجاهد» إلى أن «الخولي» صديقه، وأنهما على تواصل مستمر، لافتا إلى أنه ليس لديه مشكلة من إذاعة كل ما جاء في التسجيلات علنا.
وأضاف «مجاهد»: «يجب جمع كل من يريد الذهاب للقتال من أجل القدس في أتوبيس واحد، ودفعهم فعلا إلى القدس، ونقول لهم قاتل إن كنت ترى نفسك قويا»، معتبرا أن «الناس مرضى بالشعارات»، وأن ما يهمه هو مصلحة بلاده.
وكانت المكالمة الثانية مع المذيع المصري الشهير «مفيد فوزي»، الذي قالت الصحيفة إنه نفى صحة هذه المكالمات وأغلق الهاتف بشكل سريع.
وأما المذيع الثالث فهو، «سعيد حساسين»، عضو البرلمان المصري، الذي قالت الصحيفة إنه انسحب من خطط لإجراء مقابلة معه بعد تواصل الصحيفة مع كل من «مجاهد» و«فوزي»، فيما كانت المكالمة الرابعة مع الممثلة المصرية الشهيرة «يسرا».
ووفقا للتسريبات التي كشفت عنها الصحيفة الأمريكية، فقد قال «الخولي» لـ«حساسين»: «أنا أتصل بك فقط لأخبرك ما موقفنا العام، لذلك إذا كنت ستخرج على شاشة التلفزيون، أنا أقول لك ما هو موقف مصر الوطني والأجهزة الأمنية من مسألة إعلان القدس لتكون عاصمة إسرائيل، أوك؟».
وأجاب «حساسين»: «أؤمرني يا فندم.. أنا تحت أمرك».
وتابع «الخولي»: «نحن مثل كل أشقائنا العرب ندين هذه المسألة لكن بعد ذلك، سيصبح هذا الأمر واقعا، ولا يمكن للفلسطينيين أن يقاوموا ولا نريد الذهاب إلى الحرب.. لدينا ما يكفي من المشاكل كما تعلم».
وأوضح «الخولي» أن النقطة الخطيرة بالنسبة لنا هي قضية الانتفاضة فلن تخدم مصالح الأمن القومي المصري لأن الانتفاضة ستعيد إحياء الإسلاميين وحماس.. ويمكن القول أن الانتفاضة ستعيد ميلاد حماس من جديد».
وأردف: «في نهاية المطاف، القدس لن تختلف كثيرا عن رام الله.. ما يهم هو إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني».
واختتم «الخولي» قائلا: «التنازلات لا بد منها لإنهاء الحرب وحتى لا يموت أحد».
وقالت الصحيفة إن التسجيلات كلها تبدو مطابقة لأصوات أصحابها، مشيرة إلى أن الخطوط العامة للحوار كانت ثابته في كافة الاتصالات الأخرى.
غير أن «الخولي» أضاف في حديثه مع «مجاهد» أنه ينبغي التركيز على أن أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، الذي وصفه بالعدو الإقليمي لمصر، يقيم علاقات سرية مع (إسرائيل)، على حد زعمه.
وأجاب «مجاهد»: «العلاقات واضحة.. سأذكر ذلك في الحلقة القادمة بإذن الله».
وتعهد المذيعون الثلاثة الذين تلقوا اتصالات «الخولي» بنقل رسالته وحججه في برامجهم الحوارية.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى الدور الهام الذي تلعبه البرامج الحوارية التلفزيونية في تشكيل الرأي العام في مصر، لافتة إلى أنه في كثير من الأحيان تقدم أجهزة الاستخبارات المصرية موجزا لمقدمي البرامج حول الرسائل التي ترغب في نقلها إلى الجمهور.