المشهد اليمني الأول | ايران
يتحدى المتظاهرون في إيران الحكم الراسخ منذ 4 عقود تقريبا في الجمهورية الإسلامية؛ وتطالب الاحتجاجات -وهي الأكبر والأكثر انتشارا منذ الانتفاضة ضد نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009- بتغيير النظام، وهو تحرك قد يكون له تداعيات في جميع أنحاء المنطقة، حيث تتمتع إيران بنفوذ كبير على دول أخرى في الشرق الأوسط، مثل العراق ولبنان وسوريا واليمن.
وفيما يلي سرد هنا لما تحتاج لمعرفته حول الاحتجاجات:
كيف بدأت الاحتجاجات؟
كانت الاحتجاجات الصغيرة المتناثرة -التي ركزت على المظالم الاقتصادية- تتسرب إلى عدة مدن إيرانية منذ سبتمبر/أيلول؛ وتجمعت الحشود في تلك المدن للتظاهر ضد الفساد المالي المزعوم، ومخصصات الميزانية التي تذهب للمؤسسات الدينية، وإفلاس صناديق التقاعد.
وفى يوم الخميس، في مدينة مشهد شمال شرقي البلاد، توجه الناس إلى الشارع للتعبير عن غضبهم إزاء التضخم وما وصفوه بفشل الرئيس «حسن روحاني» في الوفاء بوعوده بالازدهار الاقتصادي، وكان الإيرانيون يأملون في أن تؤدي إدارة «روحاني» والاتفاق النووي مع القوى العالمية الأخرى إلى إنهاء عزلة إيران، وأن وتؤدي -بالتالي- إلى جذب استثمارات أجنبية وفرص عمل وقوة شرائية أفضل.
وانتشرت أخبار الاحتجاج على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي -مثل تليغرام وواتساب- التي تحظى بشعبية في إيران، وفي غضون ساعات، اندلعت احتجاجات عفوية في مدن أخرى مثل كرمانشاه وأصفهان وطهران.
وقد تحولت المظاهرات التي بدأت باستهداف الاقتصاد فقط في نهاية المطاف إلى احتجاجات ضد القمع السياسي من قبل حكومة البلاد للطبقة الوسطى، وانضم الناشطون من الطلاب والمعارضين إلى الطبقة العاملة ونقابات العمال في الشوارع.
وبحلول يومي الجمعة والسبت، انتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مدن مثل قم -حجر الأساس للحكم الشيعي- ومعاقل النظام الأخرى المعروفة بسكانها المحافظين والدينيين.
ماذا يريد المتظاهرون؟
تجاوز المتظاهرون المطالب التقليدية بالإصلاح مطالبين بالإطاحة بالنظام وتنحي المرشد الأعلى «علي خامنئي».
وفي بعض المظاهرات، هتف الحشود «سيد علي عار عليك»، و«حان الوقت للرحيل»؛ وفي طهران، عرض المتظاهرون جدارية لـ«خامنئي» مع شعار «الموت لك». وتعد تلك الاحتجاجات التي تستهدف «خامنئي» -الذي يعتبر في إيران ممثل الله على الأرض- جريمة تنطوي على عقوبة الإعدام.
وفي عدد من المدن، أعرب المتظاهرون عن حنينهم إلى آخر الحكام الملكيين الإيرانيين -من سلالة «بهلوي»- من خلال استحضار اسم مؤسسها«رضا شاه»، ويعتبر كثير من الإيرانيين «رضا شاه» مؤسس إيران الحديثة، ويرتبط عصره بالازدهار الاقتصادي.
ما الذي يردده المتظاهرون؟
لدى الإيرانيين الموهبة في الخروج بشعارات سياسية ذات قافية في الفارسية كما لو كانت أبياتا من الشعر.
وهنا بعض الشعارات التي هتفوا بها في الاحتجاجات، وترجمت إلى العربية:
«لا نريد جمهورية إسلامية.. لا نريدها.. لا نريدها».
«الاستقلال، الحرية، الجمهورية الإيرانية».
«الإصلاحيون، المتشددون، انتهت اللعبة».
«نحن نحصد الفقر، ورجال الدين يقودون السيارات الفاخرة».
«نموت نموت.. وتعود إيران».
«الموت للحرس الثوري».
كيف استجاب النظام؟
واتجهت شرطة مكافحة الشغب والميليشيات المدنية إلى الشوارع عبر أنحاء إيران، لكن عمليات القمع شهدت بعدا جديد مقارنة بالاحتجاجات السابقة.
وقد اتخذ بعض المسؤولين الإيرانيين أيضا مسارا مختلفا، معترفين بأن الجمهور لديه مظالم اقتصادية مشروعة تحتاج الحكومة إلى معالجتها، وفي الوقت نفسه، ألقوا باللوم على قوى خارجية -مثل وسائل الإعلام الأجنبية وقادة المعارضة المنفيين- لاستغلال الاحتجاجات والتحريض على الاضطرابات السياسية.
إلا أن الاحتجاجات لم تمر دون حوادث؛ فبحلول ليلة السبت بالتوقيت المحلي، كان الإيرانيون ينشرون مقاطع فيديو عن اشتباكات متناثرة مع قوات الأمن باستخدام الهراوات والغاز المسيل للدموع في مدن متعددة لتفريق الحشود، كما تم توزيع لقطات فيديو عن متظاهرين اثنين قيل إنهما قتلا وأطلق عليهما الرصاص في مقاطعة لورستان الغربية.
وقد تم إبطاء خدمة الإنترنت في طهران، وتم قطعها في مشهد -حيث بدأت الاحتجاجات- وتم إيقاف استقبال المكالمات الدولية.
أين قد تذهب الاحتجاجات؟
تميل الانتفاضات في إيران إلى الانتهاء بسبب فقدان القيادة والتنظيم الواضح والأهداف، وإذا استمرت الاحتجاجات، فإن النظام قد يقمعها أكثر فأكثر، مع الاعتقالات الجماعية وعمليات القمع العسكرية.
وفي حسابه على «تويتر»، عبر الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» عن دعمه للمتظاهرين الإيرانيين، قائلا إن العالم يراقب، كما أعرب مسؤولون أمريكيون آخرون وشخصيات سياسية، مثل رئيس مجلس النواب «بول رايان» والسيناتور «توم كوتون» عن التضامن مع شعب إيران.
وقد يكون الدعم الخارجي -في كثير من الأحيان- ضارا للمتظاهرين داخل إيران، حيث يستخدمه النظام بشكل روتيني لتقويض مطالب المعارضة المحلية.