المشهد اليمني الأول| متابعات
يزور ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع، الذي برز بسرعة مؤخرا، واشنطن “لإجراء محادثات حول الأمن الإقليمى وخطته للإصلاح الاقتصادي”. لكن الأمير الشاب فشل، تقول هيومن رايتس ووتش، في معالجة قضايا أساسية وعلى وجه الخصوص حرب اليمن.
يؤكد مقال لهيومن رايتس ووتش في موقعها الرسمي كتبه كل من، ادم كوجل و كريستين بيكلر (Adam Coogle ، Kristine Beckerle)، أنه استنادا إلى سجل الأمير محمد بن سلمان (30 سنة)، الذي يبرز بسرعة مؤخرا، على واشنطن وقادة الأعمال في الولايات المتحدة ألا يثقوا كثيرا في التزامه، بالنظر إلى حرب اليمن بالخصوص وقتل المدنيين وتهديد الأمم المتحدة بوقف التمويلات على خلفية “قائمة العار” لقتل الأطفال في اليمن.
ويقول الباحثان في هيومن رايتس ووتش “ستركز المناقشات على “الرؤية السعودية 2030″، وجهوده لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصادي السعودي، والحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، والتي يقودها هو بصفته وزيرا للدفاع في بلاده وهو الذي يقود جهودا في كلا المسألتين، ويُصدر تصريحات سياسية بوتيرة متسارعة.
لكن الأمير الشاب فشل في معالجة بعض القضايا الأساسية المتعلقة بالرؤية السعودية 2030 وحرب اليمن، وهي قضايا حاسمة يجب إثارتها خلال مناقشات هذا الأسبوع في الولايات المتحدة”.
وفيما خص الرؤية الاقتصادية الطموحة فإن “الخطة تجاهلت التمييز الممنهج الذي يمنع النساء السعوديات من المشاركة الكاملة في الحياة العامة والاقتصاد”، و “ما لم يبدأ الأمير محمد في التراجع عن هذا النظام التمييزي للغاية، على واشنطن وكبار رجال الأعمال في الولايات المتحدة التشكيك في قدرة السعودية على الإيفاء بوعودها المتعلقة بالتحول الاقتصادي. من دون تغييرات جوهرية، يبدو من غير المحتمل أن يحقق الأمير محمد أحلامه الاقتصادية الطموحة بشكل كامل”.
ويمضي الباحثان في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ادم كوجل و كريستين بيكلر، إلى القول:
تعتبر الحملة العسكرية الجارية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن كارثة بأتم معنى الكلمة على المدنيين اليمنيين. وفقا للأمم المتحدة، قُتل 3500 مدنيا على الأقل منذ مارس/آذار 2015، أغلبهم سقطوا في غارات جوية للتحالف.
وثقت هيومن رايتس ووتش وحدها 43 غارة جوية للتحالف، بعضها قد يرقى إلى جرائم حرب، تسببت في مقتل 670 مدنيا على الأقل، منهم 200 طفل تقريبا، و16 هجمة استخدمت فيها قنابل عنقودية محرمة دوليا، ما أسفر عن إصابة 66 مدنيا وقتل 19 آخرين على الأقل.
رغم هذه المذابح، لم تخضع السعودية وحلفاؤها لأي مساءلة عن الهجمات غير القانونية في اليمن. الولايات المتحدة، التي وفرت معلومات استخباراتية وأشكال أخرى من الدعم المباشر للتحالف، هي أيضا طرف في النزاع، لكنها لم تتخذ أي خطوات للتحقيق في هجمات شاركت فيها وتبدو غير مشروعة.
تبدو المملكة العربية السعودية في الواقع عازمة على تجنب المسؤولية في كل المناسبات، ما يبرُز بشكل خاص في الخطوات التي اتخذتها في الأمم المتحدة. نجحت المملكة في منع قرارا لـ “مجلس حقوق الإنسان” فى أكتوبر/تشرين الأول بإجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات المزعومة من قبل جميع الأطراف في اليمن.
ثم هددت السعودية بكثير من التحدي الأمين العام للأمم المتحدة بوقف تمويل برامج الأمم المتحدة بملايين الدولارات ما لم يسحب التحالف من “قائمة العار” لدوره في “قتل وتشويه” الأطفال اليمنيين. رغم الكم الهائل من الأدلة الدامغة التي وثقتها الأمم المتحدة بنفسها، وهيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى، خضع الأمين العام لهذه الضغوط.
مع تواتر التقارير حول انتهاكات التحالف، يبدو أن البعض في الولايات المتحدة باتوا يشككون في سير الحملة. تواصل الولايات المتحدة بيع القنابل وغيرها من الأسلحة للسعودية رغم علمها بأنها ربما تُستخدم في هجمات غير قانونية أخرى.
قدّم كل من السيناتور كريس ميرفي (ديموقراطي من كونيتيكت) وراند بول (جمهوري من كنتاكي) تشريعا مؤيدا من كلا الحزبين من شأنه تعليق نقل بعض الذخائر إلى أن يصادق الرئيس الأمريكي على أن السعودية “أثبتت التزامها بمحاربة الإرهاب وحماية المدنيين في اليمن”.
وكانت إدارة أوباما نفسها قد علقت بهدوء نقل الذخائر العنقودية “CBU-105” إلى السعودية، وجنّبت المدنيين هذا السلاح العشوائي.
لكن هذه الخطوات تبقى مجرد بداية، وهي غير كافية. على الولايات المتحدة التحقيق في الهجمات غير المشروعة المزعومة التي شاركت فيها في اليمن. وعليها أيضا أن تدعم إجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي ترتكبها جميع الأطراف.
وفي النتيجة يخلص المقال: استنادا إلى سجل الأمير محمد، على واشنطن وقادة الأعمال في الولايات المتحدة ألا يثقوا كثيرا في التزامه بدفع عجلة الاصلاح لإحداث تغيير جريء وجذري في السعودية، أو اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حصول ضحايا اليمن على العدالة التي يستحقونها.