كتب/ حُميد منصور
لطالما حاز الأستاذ علي البخيتي ” أبو غاندي ” على إعجاب الكثيرين وتشكلت حوله هائلة من الجاذبية في أطروحاته المتزنة والمنصفة والعقلانية والشجاعة تجاه الخصوم طوال فترة قرانه السياسي بمكون أنصار الله ، قبل أن تتغير حالته السياسية إلى أرمل سياسيا بعد فك القران السياسي معهم .
وبغض النظر عن اختلافه أو وفاقة مع أي مكون يمني فهذا حقه الطبيعي ،ولكن المستغرب هو التحول الحاد والجذري في خلافه وصدامه مع أنصار الله إلى حد التناقض والتصادم مع مواقفه السابقة.
بل وتخليه عن الصورة الأخلاقية و الواقعية والمنصفة التي شكلت الركيزة الأساسية من شخصيته السياسية والهالة الجذابة للمعجبين، كل ذلك بمجرد الطلاق او الخلع السياسي من أنصار الله وكان الصورة المثالية والجذابة والأخلاقية في الخلاف مع الخصوم لم تكن جزء من شخصيته بل تقمص لأخلاق الحركة المعبر عنها سابقا .
قد يبرر خلافه وخروجه من جلده السياسي العام بعدة مبررات وله الحق في اختيار الطريق والقرار، ولكن طرحه الأقرب إلى الانتقامية وبطريقة مسفة في صدامه مع أنصار الله الذي تجلى في إطلاق الاتهامات الكاذبة، والتي سبق و رد عليها بنفسه بالحجج الدامغة والشواهد المنطقية والواقعية طيلة عامين تقريبا من القران السياسي وهنا لا يتسع المقام لشرحها ولمن يريد أن يتأكد من ذلك يأخذ كل اتهاماته منذ استقالته والى اليوم ويبحث عن أطروحاته قبل استقالته وسوف يجد كل الردود .
وما يهم هنا هي الصورة الواقعية التي ارتسمت نتيجة لسلوكه ومواقفه وأطروحاته بعد الانفصال السياسي والذي يضع التقدير التحليلي للتحول الجذري سياسيا وأخلاقيا 180درجة في الاتجاه المضاد ،من المدافع والمفند لاتهامات خصوم قرينه السابق سابقا ،والانتقال حاليا إلى الاتجاه المعاكس بتبني اتهامات خصوم قرينه السابق وتكذيب كل دفاعاته والتناقض مع كل أطروحاته بل وتسفيه مواقفه السابقة .
السبب في ذلك التحول قد يكون احد التقديرين : الأول أما أن يكون أبو غاندي مخدوعاً طيلة عامين ونيف من القران واكتشف ذلك وهذا يرسم علامات تعجب حول شخص طالما جذب الناس بذكائه ودهاه والذي أظهره التحول الأخير في صورة الغبي والببغاء المقلد للأصوات و المثالي الواهم وشخصية خداعه كمعدن براق ولكنه فالصو . والثاني أن أبو غاندي بعد التطورات السياسية والثورية في اليمن بعد 21 سبتمبر صدم عندما لم يستطيع جعل أنصار الله جسرا وممرا للوصول إلى طموحه السياسي في المناصب الرسمية واكتشف انه ركب قطار طريقه ووجهته ليست التي يتمناها .
المحطة الاولى البحث عن قرين سياسي جديد: الملفت في أمر أبو غاندي انه ومنذ الأيام الأولى بعد الانفصال عن قرينة السياسي اتجه مستعجلا البحث عن قران سياسي جديد و بداء بتسويق نفسه على خصوم قرينه السابق بتبني خطابهم واتهاماتهم ، بطريقة مبتذلة و غبية وسفور قبيح .
حتى انه لم يراعي شروط العدة السياسية واكتمال نصابها ،لكي تتضح وتتجلى حيثيات الانفصال ودواعيها و مقتضيات التمهيد للحياة الجديدة ليتقبل العرض وينّشد للتسويق من يريد أن يتقدم للقران الجديد وفق الظروف الجديدة .
ولكن وللأسف طيلة الفترة منذ تحولت حالته السياسية إلى أرمل والى يوم العدوان لم ينجح في صيد أي قرين جديد ممن استهدفهم بالتسويق والعرض ، خصوصا القوى المحلية التابعة للمملكة. السبب في ذلك أنهم كانوا يتلقون كل مغازلاته السياسية بريبة وشك وتعاملوا معه كملف مشبوه وملغوم ،ولعل أبو غاندي نسي أن من يغازلهم تتحكم فيهم الذاكرة العاطفية المليئة بالأحقاد عليه وعلى قرينه السابق خصمهم الحاقدون عليه وكل من تبنى او انتمى لمواقفه وتنظيمه .
هذا ما حصل فقد عاد بخفي حنين من رحلة البحث عن قرين جديد لتأمين أرضيه يضع قدمي مستقبله عليها ، أو يجد محرماً سياسيا يأوي إليه ويحتمي به وكل يوم يمر مابين الانفصال والعدوان يجد أدوات المملكة تنحسر وتتلاشى من كل المحافظات تقريبا ويجد أمانيه وأحلامه تتبدد وتتلاشى معها وصارت آماله أشبه بسراب .
المحطة الثانية بداية العدوان وأمل العودة إلى قرينه السابق: وجاء العدوان فوجدها أبو غاندي فرصة لإعادة الرابطة القديمة مع قرينة السابق عسى يعود الحال والعود احمد فبداء يتبنى خطاب ضد العدوان مليء بمغازلة أنصار الله واذكر في إحدى مقابلاته على شاشة الميادين في الأيام الأولى للعدوان قال بالحرف وبكل حماس إذا كانت المملكة بعدوانها تستهدف الحوثيين فكل الشعب اليمني حوثيون و أنا من اليوم حوثي.
واستمر في طرحه يغازل أنصار الله في عدد من أطروحاته الغرام وسياسية، رغم الانخفاض التدريجي في مستوى الحماس كل ما مر يوم ولم يجد إشارة ايجابية أو رسالة قبول من طرف أنصار الله ولم يجد قنوات رابطه بينهما تسمح بعودة المياه إلى مجاريها .
وعلى ما اعتقد أن أنصار الله فهموا واستوعبوا تلك الرسائل والمغازلات ،ولكن القناعة التي وصلوا إليها، بأن ابوغاندي شخص غير ناضج ،و يفتقد إلى الحد الأدنى من المسؤولية تجاه الروابط و الالتزامات الأخلاقية في ظروف الوفاق والخلاف، و متقلب غير مبدئي في الشراكة والمواقف.
ويتحكم في ذلك شعوره المفرط بالنرجسية المقنعة بالمثالية وينطلق في مواقفه من طموحه الأناني تحت شعارات إنسانية مزيفة هذه خلاصة ما اعتقد تحليلا أن أنصار الله استخلصوه من تقييمهم لسلوكه الذي اظهر عيوب فيه طالما استطاع إخفائها طيلة فترة القران السابق. بعد ذلك الصدود الصامت وصل إلى مرحلة اليأس من قيام أنصار الله باسترجاعه إلى عش الحياة السياسية .
وظهر على أطروحاته في تلك المرحلة الشعور باليأس والوحشة السياسية وغياب مؤشرات الانفراج لاستمرار الحياة السياسية كجزء من أفراد الأسرة اليمنية ،و الذي يسمح له بان يشارك في صنع القرار ،و أن ينهي فترة من التعاسة السياسية التي عاشها كعابر سبيل لا يسمح له بأكثر من التعليق على ظروفه مجبر بالتقيد بقواعد الأمر الواقع والتصرف على ذلك الأساس .