كتب/ الشيخ عبدالمنان السنبلي
ألم أقل لكم أنهم يستمتعون بمشاهدة فصول مسرحية واقعنا المخزي ؟!
لو عدنا بالتاريخ إلى الوراء و أمعنا النظر في ما حولنا منذ الحروب الصليبية و سقوط الخلافة العباسية على يد التتار (و الذي قيل أنه كان بإيعازٍ من بابا الفاتيكان يومها) و كذلك سقوط الأندلس، لوجدنا أن العالم الغربي في ذلك الزمان كانوا أكثر وضوحاً بمجاهرتهم العداء للمسلمين من عالم اليوم و الذي إستطاع الأخير أن ينال من وحدة المسلمين وعقيدتهم، بدون أن يكلف نفسه حتى عناء إرسال الجيوش و إعلان الحروب بطريقةٍ أكثر خبثاً ودهاءً لدرجة أنهم رغم هذا كله و ما إقترفوه بحق الأمة الإسلامية قد ظلوا و مايزالوا يوصفون بأنهم أصدقاءٌ وحلفاءٌ لمعظم الدول الإسلامية، بل و مرجعيةً لهم في كثير من الأحيان .
لقد ظلوا في حقيقة الأمر يخفون نظرتهم الحقيقية للمسلمين متظاهرين بالرضا التام عن واقعهم المحزن و المخزي في حقيقته و كأنهم يقولون لهم بلسان الناصح الأمين : إستمروا و إمضوا فيما أنتم عليه، فإنكم تسلكون الطريق الصحيح الذي ينبغي أن تسلكوه، و المسلمون بطبيعة الحال يتلقفون نصحهم و توصياتهم بتلهفٍ و إهتمام و يتّبعون ما يأمروهم به بدون حتى أدنى إعتراضٍ أو تحفظٍ يُذكر !!
هكذا ببساطة شديدة هو حالنا اليوم في علاقتنا مع العالم الغربي و هو حالهم كذلك معنا، إلا أن ما صرح به المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب قبل أكثر من يومين ناصحاً المسلمين بأن عليهم أن يصوموا عن قتل بعضهم بعضا بدلاً من صومهم عن الأكل والشرب قد جاء مخالفاً هذه المرة لإستراتيجية الساسة الغربيين المعروفة عنهم في تعاملهم مع العالم الإسلامي منذ أكثر من قرنٍ من الزمان ليكون بذلك (ترامب) برغم عداءه الشديد للإسلام ربما أصدقهم على الإطلاق نصحاً للمسلمين و أكثرهم وضوحاً، فكأنه بذلك قد شخص حال المسلمين و لامس الجرح تاركاً لهم لو كان فيهم بقية حياةٍ أمر صرف وإستخدام الدواء .
بصراحةٍ شديدةٍ لا يهمني كمسلمٍ اليوم معرفة ما إذا كانت مجرد زلة لسانٍ منه أم أنها تَغيّرٌ مفاجئٌ في طريقة تعاطي الساسة الغربيين الجدد في علاقتهم مع العالم الإسلامي أم ربما – من يدري – كان لديه علمٌ مسبق بأن ما سيقوله لن يجد له آذاناً واعية في ظل حالة النوم الطويل و العميق الذي يعيشه المسلمون، بقدر ما لفت إنتباهي إلى حقيقة النظرة الغربية المخفية للمسلمين و التي نتعامى عنها منذ أمدٍ بعيد، فكأنهم بذلك قد خلقوا لنا مسرح الصراع ثم دفعوا بنا إليه بغير حولٍ منا و لا قوة بعد أن وزعوا الأدوار و المهام في مسرحية التآمر الأممي على الإسلام الكبرى.
و التى لم تنتهِ عند حدٍ زمنيٍ معين إلى اليوم ثم قعدوا يتفرجون على جهالاتنا و حماقاتنا في تجسيد الأدوار المناطة بكل دولةٍ و مجتمعٍ و التي للأسف الشديد لم نعد نتقن في هذه الحياة سوى هذه الأدوار الهزلية و التفنن في معاداة بعضنا البعض !!
إلا أن الأعجب و الأخطر من هذا كله هو أن يتلقى عموم المسلمين على المستويات الرسمية و الشعبية تصريح دونالد ترامب بنوعٍ من اللاإكتراثية و عدم المبالاة فلا نجد لهذا التصريح رغم خطورته أي صدىً يذكر و كأن حالة الجمود و الخمول الطويل الذي ظلت تعيشه الأمة قد سبب لها حالة من عدم الإستيعاب و الإدراك لدرجة أنها أصبحت في حالة ما يشبه الموت السريري الدائم .
من هنا يتبين لنا حجم الكارثة الحقيقية التي نعيشها اليوم في ظل تكالبٍ أمميٍ علينا لم يدع لنا مجالاً واحداً للإفاقة و النهوض من غيبوبتنا حتى أصبحنا و نحن لا نعي إلا كيف نقاتل و نتآمر على بعضنا البعض أضحوكة العصر و إمثولة الشعوب و الأمم …