كتب/ الباهوت الخضر
بعد ما نفّذ عمّال وموظّفو شركة “بن لادن” للمقاولات إضرابًا واعتصامات متتالية للمطالبة بتسلّم رواتبهم، وفي تطور ملحوظ ومتسارع عمّال شركة “ سعودي أوجية ” ينفّذون اعتصامات أخرى احتجاجًا على عدم نيل مستحقاتهم المتأخرة سبعة أشهر حيث تميزت الأخيرة بأحداث العنف التي طالت مقرات الشركة أمس في الدمام بعد اقتحامها من قبل المحتجين الغاضبون.
أحداث شركة “بن لادن ” و” سعودي أوجية ” ليست أحداث عفوية ناتجة عن استحقاق اجتماعي فحسب ولم تكن بمعزل عن الأحداث العامة التي تضرب المملكة في الوقت الراهن, بل هي أحداث بارزه لها خصوصياتها المتفردة والتي نستطيع إدراكها من خلال جانبين بارزين
الجانب الاول :
ان هذه الاحتجاجات والمظاهرات ليست كسابقتها التي حدثت في المملكة في القطيف والعوامية وغيرها والتي عمل النظام الارهابي على قمعها وحتوائها تحت عناوين طائفية مقيته
فهي مظاهرات عمالية بحتة ناتجة عن شعور المواطن بخطر يتهدد قوته وبنيه وهنا تكمن الكارثة على بني سعود فاذا جاعت البطون الله وحده فقط يعلم حجم الغضب الذي ينفجر ليثأر لذاته .
والجانب الثاني : ان قوانين المملكة تجرم التظاهر وما تسميه ” أحداث الشغب ” وتنزل بمفتعليه اشد العقوبات التي تنتهي غالبا بفصلها بسواطير الإعدام في الساحات العامة .
مشهد يعكس مدى الغليان الشعبي المتصاعد فإن تخرج مظاهرات عامة في بلد يحتوي على أكبر نسبة في عدد مساجين الرأي في العالم فهذا حدث ضخم يكشف عن تنامي مؤشرين ايجابيين لصالح الشعب المسعدن وخطيرين على نعاج المملكة بنو سعود وهما كالأتي :
أولا :
هذه ألانتفاضات تعكس حالة من التطور الإيجابي السيكولوجي للمجتمع داخل المملكة العبرية فعندما يخرج الآلاف للتظاهر مطالبين بحقوقهم كاسرين كل القيود الاستبدادية الوحشية فهذا الأمر يعني أن حاجز الخوف الدكتاتوري الإرهابي الذي عمل النظام الإرهابي على غرسه عميق في وعي المجتمع المسعدن طيلة قرن من الزمان عبر المجازر الوحشية وساحات ضرب الرؤوس العامة قد كسر وسقط الرهان القمعي الإرهابي في إخراس الشعوب وإذلالها بل تعتبر هذه الأحداث ” إرهاصات” عمالية لثورة مجتمعية شاملة لكافة الشرائح المستبدة داخل قوقعة النظام الملكي الشمولي الرجعي الإرهابي والذي سيؤدي في النهاية إلى اجتثاثه كليا .
إذا هي الضربة الانعكاسية الناتجة عن سياسات المملكة الخاطئة داخليا وخارجيا طيلة عقود من الزمان وهو ما تسعى الأسرة الحاكمة الى تفاديه بسياسات عقيمة أيضا تزيد من حدة الاحتقان الداخلي وتسرع مؤشر العد العكسي لانتهائها, كان أخرها الرؤية التي قدمها مراهق المهلكة ” بن سلمان ” والتي ركزت في مجملها على الإصلاحات الاقتصادية في القطاع الخاص بشكل خاص خلال الثلاثين السنة القادمة.
في محاولة منه لامتصاص الاحتقان الداخلي الأمر الذي تسبب بتأجيج الاحتقان الداخلي نظرا لعدم ارتباط الوعود الرسمية بحيثيات الواقع وعزوفه عن تناول خصائصه والبدء في معالجتها آنيا بل وتعليقها بوعود غرامية ترفيهية مستهلكة جعلت المواطن المسعدن يشعر بوقع الإهانة على نفسه وآماله في الخلاص أكثر من ذي قبل
ثانيا :
إن تسريح الشركات الخاصة العملاقة التي تتبع دوما وأبدا نافذي البلاط الملكي عشرات الآلاف من موضفيها يكشف حجم الازمة المالية المتفاقمة التي تعصف بالاقتصاد السعودي نتيجة استنزاف موارد الدولة الاستخراجية في تغذية حروب المنطقة وتغطية نفقاتها في مغامرتها الزهيمرية .
خصوصا وان الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل أساسي على الموارد الإستخراجية _ النفط ومشتقاته _ وقد بداء العجز الاقتصادي جليا في القروض المليارية التي تعتبر الأولى في تاريخ إمبراطورية النفط الورقية, إضافة الى ازمة الاصول المالية بينها وبين مولاتها الأمريكية أخيرا كلها عوامل اقتصادية أدت الى تصدع الجبهة الاقتصادية للكيان السعودي وبتالي تعميق الشرخ الاجتماعي الذي لا يحتاج الى الكثير في ظل حكم إمبريالي طائفي مطلق
السياسة التقوقعية للكيان السعودي طيلة عقود من الزمان وفشله في تبني رؤى ترشيدية حكيمة منذ النشأة نتيجة لغياب الحاكم الفعلي المتجذر والمنحدر من شعب الحرمين وبقاء القوى العالمية هي السلطة الفعلية والمتحكمة بمقاليد الأمور في تلك البقعة الطاهرة
واستمات الأذناب السعودية الدخيلة بإهدار الأملاك العامة للشعب المسعدن طلبا في إرضاء تلك القوى الاستكبارية وتمويل مشاريعها التدميرية في المنطقة عوامل ستؤدي في مجملها الى انفجار الوضع بشكل عارم باتت بوادره تلوح في الأفق انفجار سيحمل معه آمال وطموح شعب الحرمين الى السطح عبر ثورة تعيد له كرامته وحقوقه.