المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    ترمب يستعجل الملف الإيراني.. ماذا عن روسيا والصين؟

    ١- ترمب مستعجل يلوح بالعصا وبيد بالجزرة

    يعلن فرض رسوم ثم يُعلقها، ويستثني كثيراً من السلع الصينية، بينما أعلنها حرب بلا هوادة غير آبه بما سيكون، أهو أحمق وارتجالي؟ أم محارب ذكي متمرس، يعرف ما يريد وكيف يحققه بأقل التكاليف؟ الأيام القادمات ستجيب فلا داعي للانخراط بحروب طواحين الهواء والسجالات.

    أعلن أنَّ زمنه سيكون للصفقات والتسويات ووقف الحروب، ثم أمرَ بحربٍ لا هوادة فيها على اليمن، ونقل جهداً الى الصومال، وليس ما يمنعه للعودة إلى أفغانستان ودولٍ غيرها.

    ٢- هدد إيران وحشد الأساطيل، وأعظم ترسانات أمريكا الجوية والبحرية، وحدد موعداً، وخَيَّر إيران بين الاتفاق أو التدمير غير آبه بالأثمان. ويدرك أن بينها القواعد والطاقة وإسرائيل ونظم والبحار الحاكمة. ثم هرول إلى التفاوض في مسقط مروراً بزيارة لمفاوضه إلى موسكو حيث التقى بوتين.

    في مسقط كانت النتائج إيجابية بحسب الوفدين، وتحقق شرطه وشرط إيران، إذ جرت المفاوضات بالواسطة واختتمت بلقاء لـ٤٥ دقيقة بين الوفدين وجهاً لوجه -إخراج محترف! –
    حدد موعد السبت القادم لاستئناف المفاوضات، وسيلتقي ترمب وفده المفاوض، ووعد بقرارات مفرحة إشارة إلى تفاؤله بالتفاوض.

    ٣- تجاهل واحتقر نتنياهو إعلاناً منه عن تحرره من شروطه، ونفض يده منه ومن عنترياته الفارغة والاستعراضية.

    التفاوض بين إيران وأمريكا، وجدول الأعمال “ترمبي” خالص لا إسرائيلي ولا بصمات، أو تأثير لنتنياهو والإشارة إيجابية دالة ومبشرة.

    ثلاث مطالب لترامب: 1-لا سلاح نووي لإيران. 2-السوق الإيرانية البكر للشركات الأمريكية وحدها دون الأوروبية والآسيوية.

    3- استطلاع إمكانية فك تحالف إيران مع روسيا والصين واستمالتها، فحرب حروبه مع الصين ثم مع روسيا في القطب الشمالي، والباقي معارك للتسلية والاختبار واستطلاع بالنار وعروض عضلات وحرف انتباه.

    ٤- السلاح النووي الإيراني والسوق من اليسر الاتفاق عليها، ولكلا الفريقان مصلحة وفائدة.

    فك العلاقة مع أوراسيا قد تشهد أخذ ورَد، وتحتاج إلى وقت، لكنها لن تعطل الاتفاق. فمخطط ترمب احتواء إيران التي جُردَّت من الأذرع، وتقلص حضورها في الإقليم، وتصفيته جارية في العراق. وقد خسرت كثيراً من مصداقيتها ومن قوة نموذجها.

    إذاً بعد الاحتواء قد تكون الخطة العبث بالاستقرار والوحدة الوطنية، وله في ذلك باع طويل، ولدى أمريكا ونموذجها قاعدة اجتماعية واسعة في النخبة، واختراق وازن في المنظومة والدولة العميقة وفي المؤسسة الدينية الحاكمة.

    ٥- جاذبية روسيا والصين “مثلومة” في مقابل أمريكا، وكان استراتيجييها ومنهم كيسنجر – وتذكروا آيالون ماسك ولقاءاته الإيرانية- أوصوا الإدارات بإيران لأهميتها، وإمكانية احتوائها بدل تحديها.

    خاصةً مع استحالة إسقاطها واحتلالها بالحروب والتحدي والحصارات- يبدو هذا رهاناً، وتزيد جاذبيته. إضافةً إلى ما يحكى عن عُمر “المُرشد الأعلى” ووضعه الصحي، فقد قُتِل أبرز ورثته “الرئيس رئيسي” و”اللواء قاسم سليماني”، وخبراء قوة القدس وقادتها التاريخيين، واكتساح الاصلاحين الانتخابات الرئاسية.

    ثورة إيران الإسلامية انتصرت تحت شعار “لا شرقية ولا غربية” وتمسكت الجمهورية به، ووازنت ولم ترتمي بحضن روسيا أو الصين، واستمرت العلاقات إشكالية ونديَّة، ودوماً عين إيران على الغرب وتفضله.

    ٦- لا يستطيع أحد اتهام الصين أو روسيا ببيع إيران

    فإيران أكبر وأعظم من أن تُباع، وفي العلاقات الدولية لا بيع ولا شراء، إنما مصالح وعلاقات مصلحية.
    الصين ساندت إيران، وسعت لتطوير وتعميق المصالح، ورعت المصالحة مع السعودية الحدث الأكثر أهمية، وأعلنت الحرب التجارية مع ترمب، ولم تهادن أو تتركه يتفرغ لابتزاز إيران وحيدة.

    روسيا احتضنت إيران، وأَمنَّتها بالسلاح والتقانة وصناعة النووي والفضائي والفرط صوتي وأسلحة الدفاع الجوي، وتزيد.

    ٧- أعلى المراجع الصينية والروسية أصدرت بيانات صارمة، أكدت فيها على حق إيران بالنووي السلمي، ورفضت التهديدات، أو أي اعتداءات، وطالبت بالتفاوض وبالحلول السلمية.

    ورداً على تهديدات و”عراضات” ترمب، أُجريت مناورات ثلاثية، وصدر بيان بتوقيع البلدان الثلاثة نصرةً لإيران وتأكيداً لحقوقها.

    الموقف والمصالح والعلاقات وحجم التبادلات والتقاطعات قوية واستراتيجية بين إيران ومؤسستها الدينية الحاكمة وروسيا والصين، وتعامل إيران بانها العامود الثالث في ” سيبة (سُلَّم) ” أوراسيا الصاعدة، وإيران أساسية في البريكس وشنغهاي.

    فلا حجة أو ذريعة لاتهام روسيا والصين بالتقصير أو التخلي أو البيع. وإيران مفاوض محترف، وسيدة نفسها تقرر ما تراه لازماً.

    ٨- المؤشرات والمعطيات والوقائع المعاشة والجارية تُرَّجح احتمال الاتفاق وربما سريعاً استجابة لاستعجال ترمب،

    ولوضوح الأمور، وللحاجات الضاغطة عند الطرفين، ولغياب قوى أو معطيات الإعاقة والتعطيل. وقد أُسقطت شروط وأوهام نتنياهو، وتحرر منها ترمب، وليس من اعتراض بل تفضيل سعودي وإماراتي ومصري وحتى تركي.

    عندما تعلن المفاوضات نتائجها سنعالجها ونبحث بمستقبل إيران وتحالفاتها، والتحديات والمخاطر، وقصدنا التقييم والتحصين. فالثورة الإسلامية الإيرانية شكلَّت حدثاً فارقاً، واستحضرت إيران وفلسطين والمقاومة، وعاكست خطط ومشاريع الهيمنة والتصفية وأنهكتها.

    إيران وتضحياتها ودورها تستحق الاهتمام والاعتراف بتضحياتها والوفاء.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    ميخائيل عوض
    ١٤/٤/٢٠٢٥

    spot_imgspot_img