المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    ترمب يستعجل الملف الإيراني.. ماذا عن روسيا والصين؟

    ١- ترمب مستعجل يلوح بالعصا وبيد بالجزرة يعلن فرض رسوم...

    مجلة “نيوزويك”: حملة واشنطن العسكرية فشلت في وقف عمليات اليمن

    أكدت مجلة “نيوزويك” الأميركية اليوم الاثنين، أنّ اليمن يتحدى...

    محللون: استمرار اطلاق الصواريخ من اليمن يعد إنجازا ونجاحا للقوات المسلحة اليمنية

    تواصل القوات المسلحة اليمنية عملياتها المساندة لغزة التي تستهدف...

    منظمات محلية: استهداف المصانع والمنشآت المدنية يكشف الوجه الحقيقي للعدوان الأمريكي

    أدان مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية، الجريمة التي ارتكبها...

    بين الحرب والتبادل.. كيف واصلت “خمس دول عربية” تعميق علاقاتها التجارية مع “إسرائيل” رغم دمار “غزة”؟

    في الوقت الذي كانت فيه صواريخ الاحتلال تدك بيوت الفلسطينيين في قطاع غزة، وبينما كانت صور المجازر تملأ الشاشات وتُلهب غضب الشارع العربي، كانت هناك حركة موازية في الاتجاه المعاكس، لا تقل عنفًا في وقعها الرمزي والسياسي، ازدهار التجارة بين “إسرائيل” وخمس دول عربية، وصلت إلى مستويات قياسية، بل تضاعف بعضها خلال ذروة القصف.

    تبدو هذه المفارقة وكأنها تجسيد حيّ للفصل بين السياسات الرسمية والمشاعر الشعبية، وبين المصالح الاقتصادية ومبادئ الدعم التاريخي للقضية الفلسطينية، هذا ما كشفته بيانات رسمية مفصلة صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، تغطي الفترة من أكتوبر 2023، تاريخ بدء الحرب على غزة، حتى فبراير 2025.

    صمت على الأرض.. وازدهار في الأرقام

    بلغ حجم التبادل التجاري بين “إسرائيل” والدول العربية الخمس المُطبّعة – الإمارات، ومصر، والأردن، والمغرب، والبحرين- نحو 6.1 مليارات دولار خلال الحرب، منها 4.57 مليارات دولار صادرات عربية لـ”إسرائيل”، و1.57 مليار دولار واردات إسرائيلية إلى الدول العربية.

    هذا التوسع الاقتصادي لم يكن طارئًا، بل جاء في سياق تصاعد تدريجي في العلاقات التجارية منذ توقيع اتفاقيات “أبراهام”، لكنه اكتسب زخمًا لافتًا خلال الحرب، مع تسجيل ارتفاع نسبته 12% مقارنة بالفترة نفسها من العامين السابقين.

    الإمارات: العمود الفقري للتطبيع الاقتصادي

    تُظهر البيانات أن الإمارات شكلت ثقلًا اقتصاديًا حاسمًا في التجارة مع “إسرائيل”، حيث استحوذت وحدها على ثلثي التبادل التجاري العربي-الإسرائيلي خلال الحرب، بقيمة بلغت 4.3 مليارات دولار.

    لم تقتصر العلاقة على المواد الغذائية أو التقنية، بل شملت 1377 صنفًا من المنتجات المُصدّرة و763 صنفًا من الواردات، من ضمنها مجوهرات، معدات كهربائية، مواد بناء، وأدوية، ما يعكس مستوى متقدمًا من التشابك الاقتصادي.

    مصر: مضاعفة التعامل رغم الحساسية الشعبية

    رغم الوضع الجغرافي والسياسي لمصر وحدودها مع غزة، إلا أن علاقتها التجارية مع “إسرائيل” تضاعفت هي الأخرى، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري 1.2 مليار دولار، تضمنت 924 صنفًا من الصادرات و165 صنفًا من الواردات.

    اللافت أن مصر رفعت وارداتها من إسرائيل بنسبة 290% خلال الحرب، لتصل إلى 271.5 مليون دولار، فيما بلغت صادراتها نحو 120.2 مليون دولار.

    الأردن: اتساع في الاستيراد وتراجع في التصدير

    أما الأردن، فجاء في المرتبة الثالثة من حيث التبادل التجاري، مع زيادة في الواردات بنسبة 35.3% لتصل إلى 67.8 مليون دولار، لكنه سجّل تراجعًا نسبيًا في حجم صادراته، التي وصلت إلى 192.7 مليون دولار خلال فترة الحرب.

    المغرب: استيراد مضاعف وركود في التصدير

    ضاعف المغرب من وارداته من “إسرائيل” بنسبة 144%، لتبلغ 109.5 ملايين دولار، إلا أن صادراته تراجعت قليلاً لتسجل 10.1 ملايين دولار فقط، مقارنة بـ 12 مليونًا في الفترات السابقة.

    المواد التي استوردها المغرب شملت الطائرات، والمنتجات الكيميائية، والبلاستيك، بينما تركّزت صادراته لـ”إسرائيل” في الملابس والطعام.

    البحرين: من الهامش إلى القفزة

    ورغم تواضع حجمها الكلي، إلا أن البحرين كانت مفاجأة الأرقام. زادت صادراتها بنسبة 590%، بينما قفزت وارداتها بنسبة 1200% مقارنة بنفس الفترة من العامين السابقين، لتصل قيمة التبادل إلى 13.5 مليون دولار فقط، لكنها تمثل تغيرًا كبيرًا نسبيًا.

    ما الذي تصدّره الدول العربية لـ”إسرائيل”؟

    وفقًا لتحليل البيانات، تنوعت الصادرات العربية بين:

    منتجات اللؤلؤ والمعادن النفيسة والمجوهرات: 584.8 مليون دولار

    معدات كهربائية وآلات: 278.5 مليون دولار

    مواد البناء (إسمنت، جبس، حديد، سيراميك): 533 مليون دولار

    منتجات غذائية ومشروبات: 369.2 مليون دولار

    أسمدة زراعية: 52.6 مليون دولار

    ملابس ومنتجات نسيجية: 152.3 مليون دولار

    الشارع يغلي والحكومات تتوسع

    يطرح هذا التوسع الاقتصادي مع الاحتلال أسئلة مؤرقة: هل تسير بعض الدول العربية في طريق اقتصادي منفصل كليًا عن سياساتها الخارجية ومواقفها الرسمية من القضية الفلسطينية؟ ولماذا لم تتأثر هذه التجارة، ولو مؤقتًا، بالغضب الشعبي العارم الذي عمّ شوارع العواصم العربية منذ بدء الحرب؟

    في وقت امتنعت فيه هذه الحكومات عن نشر أي تفاصيل تتعلق بتجارتها مع “إسرائيل”، وربما رغبةً منها في تجنب الحرج الشعبي، كانت “إسرائيل” تفعل العكس تمامًا، وتنشر شهريًا بيانات تفصيلية تُظهر كل ما يدخل ويخرج، وتمنح المتابعين خريطة دقيقة لما يُبنى في الخفاء من علاقات عميقة ومعقدة.

    تظهر تجربة الأشهر الماضية أن الاقتصاد بات يتحدث بلغة مغايرة للوجدان الشعبي، حيث تغلّبت المصالح التجارية على الاعتبارات الأخلاقية في بعض الدول، وبينما تتواصل الحرب على غزة، وتتوالى التقارير عن مآسي المدنيين، تواصل بعض الحكومات فتح خطوط جديدة من التعاون، متجاهلة الصوت الشعبي، بل ربما متسلحة بصمته الإجباري، وفي النهاية، يبدو أن “تطبيع المصالح” يمضي بخطى واثقة، بينما يبقى “تطبيع الشعور” مؤجلًا إلى أجلٍ غير مسمّى.

    المصـــــــــــدرالوقت التحليلي
    spot_imgspot_img