إن الأساس النظري للصهيونية فكرة «تحرير اليهود»، تحويل هذه الجماعة الدينية الأوروبية إلى جماعة سياسية مستقلة، إلا أنه ورغم تحول هذا المشروع الاستعماري إلى «دولة» حديثة، إلا أن ضوابط العلاقات الدولية مع أوروبا، وأمريكا مع وجه التحديد، جعل سؤال «التحرر اليهودي» محل شك لدى الصهاينة أنفسهم، فلا يزال ميزان القرار السياسي لهذا المشروع لدى صانع القرار المسيحي الأمريكي.
توسعت وانكمشت مساحة استقلال القرار السياسي الإسرائيلي وفقاً للظرف الإقليمي والفعالية في خدمة المصالح الإمبريالية الأمريكية، إلا أن ما اختلف ما بعد السابع من أكتوبر وحتى اللحظة، هو أن مساحة الاستقلال هذه، في انكماشها الأكبر. والملاحظ للسياسة الداخلية الصهيونية، وجود حالات عدة، للعب مسرحية آليات اتخاذ قرار سياسي مستقل، رغم أن القرار قد اتخذ في واشنطن وانتهى الأمر. حيث تتصنع هذه الأيديلوجية «تحرّرها» بشكل مثير للشفقة.
يشكل اليمن، جبهة تأثير مركزّة على طبيعة علاقة السيد الأمريكي والعبد اليهودي الصهيوني، فهي الإفصاح المادي العسكري لسابقة، وتحول كبير في تاريخ الصراع العربي مع الصهيونية، حيث عملية ضرب الأمريكيين واستنزافهم مباشرة لإجبارهم لتغيير سياسة «إسرائيل»، وليس ضرب «إسرائيل» للتأثير على السياسة الأمريكية واملاءاتها على «إسرائيل».
يمسي إذاً، التسديد المستمر في إسقاط الـMQ9، من ناحية إعماء العدويّن الأمريكي والإسرائيلي عن جمع قاعدة بيانات، من الواضح أنها من أكبر معضلاتهم، بما يؤثر ذلك على إستنزاف أمريكي أكبر. وكل ذلك ينعكس على صلب أساس فكرة الأيديلوجية الصهيونية، ليس أنهم ليسوا «أحراراً» فقط، بل أن السيد نفسه في ورطة إستراتيجية.
لسنا كعرب وبظرفنا الحالي بالفاعل الدولي أو التاريخي ذو المقدرات المادية الكبيرة والكثيرة، المسألة هي في أن نكون الأبرع في إستخدام القليل في صناعة الكثير، ولمن يبحث عن مصداق عون الله وقوة الإيمان به فهو هنا.
هو وأنت تسمع أخيك العربي وهو يقول: «استقطت بصاروخ، صباح اليوم الأربعاء، هذه ذي أمريكا هنا حرقت، نحمد الله ونشكره».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
موسى السادة
كاتب ومعارض سعودي