قال تقرير نشره موقع “gCaptain”، وهو منصة إخبارية أمريكية متخصصة في الشؤون البحرية والتجارة العالمية، إن قناة السويس أصبحت فعليًا غير متاحة للسفن التجارية الأمريكية أو تلك المرتبطة بحلفاء إسرائيل، في ظل استمرار الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين في اليمن على سفن الكيان وأوضح التقرير أن هذه الهجمات، التي بدأت قبل أكثر من 15 شهرًا، أدت إلى تغيير جذري في ديناميكيات أحد أهم الممرات البحرية في العالم، مما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الإعلان عن نيته اتخاذ “إجراءات عسكرية حاسمة” ضد الحوثيين.
ونقل التقرير عن ترامب، في منشور له على منصة “تروث سوشيال”، قوله إن “أكثر من عام مر دون أن تتمكن سفينة تجارية أمريكية من العبور بأمان عبر البحر الأحمر أو قناة السويس”، منتقدًا إدارة الرئيس السابق جو بايدن التي وصفها بأنها “ضعيفة” في التعامل مع الوضع. وأشار التقرير إلى أن نهج بايدن، الذي ركز على حماية جميع السفن في المنطقة دون إعطاء أولوية واضحة للسفن الأمريكية، يختلف عن موقف ترامب الذي يبدو أكثر تركيزًا على استعادة السيطرة وحماية المصالح الأمريكية بشكل مباشر.
وأوضح التقرير أن الحوثيين نجحوا في تعطيل حركة الشحن عبر البحر الأحمر، مما أجبر شركات كبرى مثل “ميرسك” و”إم إس سي” على تغيير مساراتها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول وأكثر تكلفة. ورغم أن التقرير أشار إلى أن هذه الهجمات كبدت الاقتصاد العالمي خسائر كبيرة، فإنه لفت إلى أن الولايات المتحدة لم تتمكن من ضمان مرور آمن لسفنها التجارية، وهو ما اعتبره البعض فشلاً للقوة العظمى في فرض سيطرتها على هذا الممر الحيوي.
وبحسب التقرير، فإن عملية “حارس الرخاء”، التي قادتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة منذ ديسمبر 2023، لم تحقق نجاحًا كبيرًا في وقف الهجمات الحوثية، حيث وصفها بأنها جهود محدودة شبيهة بلعبة “اضرب الخلد”، تقتصر على اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة دون القدرة على تغيير الوضع على الأرض.
كما أشار إلى أن الدول الأوروبية، مثل فرنسا وإيطاليا، أطلقت عملية “أسبايدس” لحماية سفنها، لكنها لم تستطع تقديم حل شامل بسبب قيود قدراتها البحرية.
وركز التقرير على تصريحات ترامب التي وعد فيها باستخدام “القوة المميتة الساحقة” لاستعادة الأمن في البحر الأحمر، لكنه تساءل عما إذا كان هذا الوعد كافيًا لتغيير الواقع الحالي، خاصة مع تحفظ شركات الشحن عن العودة إلى المنطقة دون ضمانات طويلة الأمد. وأضاف أن التحديات اللوجستية، مثل محدودية عدد المدمرات الأمريكية المتاحة وصعوبة إعادة تسليحها بسرعة، قد تعيق تنفيذ هذه الخطة.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن تصريحات ترامب تمثل تحولًا في الخطاب الأمريكي، حيث تعترف صراحة بفقدان السيطرة على البحر الأحمر، وهو ما قد يمنح البحارة التجاريين الأمريكيين، الذين شعروا بالإهمال خلال السنوات الماضية، بعض الأمل في استعادة الحماية… لكنه أبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن الولايات المتحدة من فرض سلطتها مجددًا على هذا الممر الاستراتيجي، أم أن الوضع قد تجاوز نقطة اللاعودة؟
البيت الأبيض: البحر الأحمر لم يعد ممراً آمناً للسفن الأمريكية
وفي اعتراف رسمي جديد بفشل العدوان الأمريكي في كسر إرادة الشعب اليمني، أقرّ البيت الأبيض في تقرير حديث بأن الهجمات النوعية للبحرية اليمنية تسببت في شللٍ شبه كامل لحركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، وأجبرت السفن الأمريكية والبريطانية على تغيير مساراتها، متكبدة خسائر فادحة في الوقت والتكاليف.
بيان البيت الأبيض الصادر في 15 مارس 2025 يؤكد أن السفن التجارية التي كانت تعبر البحر الأحمر سنويًا وعند بدء العمليات اليمنية عام 2023 انخفضت من 25 ألف سفينة إلى 10 آلاف فقط، مما أدى إلى أزمة خانقة في الإمدادات العالمية. كما اعترف التقرير بأن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتمكنوا من حماية سفنهم، ما اضطر 75% منها لتغيير مسارها حول أفريقيا، مما يضيف أكثر من عشرة أيام إلى مدة الرحلات ويرفع تكاليف الشحن بمعدل مليون دولار لكل رحلة.
البيان يكشف حجم الفشل العسكري الأمريكي، حيث تعترف واشنطن بأن قوات البحرية اليمنية نفذت 174 هجومًا ناجحًا على سفنها الحربية، و145 هجومًا آخر استهدف السفن التجارية، مؤكدًا أن الدفاعات الأمريكية لم تتمكن من منع هذه الضربات المتصاعدة. ومن بين العمليات التي أقر بها التقرير، إصابة سفينة “جبل طارق إيجل” الأمريكية بصاروخ يمني في 15 يناير 2024، وإلحاق أضرار بسفينة الشحن “جينكو بيكاردي” في خليج عدن بواسطة طائرات مسيّرة يمنية في 17 يناير.
وعلى الرغم من الدعاية التي تروج لها الإدارة الأمريكية، يثبت البيان أن واشنطن فشلت في تشكيل تحالف دولي لوقف العمليات اليمنية، حيث فضّلت الدول الأوروبية الانسحاب من البحر الأحمر بدلًا من الدخول في مواجهة خاسرة مع اليمنيين. كما أظهر التقرير أن البحرية الأمريكية في حالة استنزاف مستمر، حيث تُجبر على اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل يومي دون أي نجاح في وقف التهديد المتصاعد.
ما بين السطور، يكشف البيان الأمريكي أن القوات اليمنية فرضت معادلة ردع غير مسبوقة، إذ أصبح الوجود الأمريكي في البحر الأحمر مكلفا وخطيرًا.