تعود اليمن مجددا لرفع العصا الغليظة في وجه الاحتلال الإسرائيلي وحماته الدوليين وقد حددت مهلة4 أيام لرفع الحصار عن غزة او مواجهة العواقب، فما ابعاد التهديد اليمني وما تبعاته إقليميا ودوليا؟
منذ انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق غزة والاحتلال يحاول الضغط على المقاومة الفلسطينية لتمرير اجندتها أبرزها تمديد المرحلة الأولى لا لهدف سوى انتزاع اسراه ومعاودة الحرب. بدأ بوقف المساعدات حيث يدخل اليوم السابع من الحصار ويهدد بقطع الكهرباء والماء واستئناف العدوان العسكري خلال مهلة حددها نتنياهو وتنتهي في غضون 10 أيام.
بالنسبة لليمن، فاعلان قائد أنصار الله حول استئناف العمليات البحرية لم يكن ارتجاليا ولا من جانب واحد، فهو وفق خبراء، التقط إشارة تضمنتها كلمة متحدث القسام أبو عبيدة الأخيرة وشد فيها على اليمن وترجمت لاحقا بمواقف القوى الفلسطينية التي أشادت بالقرار اليمني الجديد.
بالنسبة للمهلة التي حددها قائد الأنصار ليست اعتباطية أيضا فهي تأتي وسط اشتداد الحصار على أهالي غزة وبالتزامن مع انتهاء المهلة التي حددها نتنياهو للمقاومة بالإفراج عن الاسرى او استئناف العدوان على غزة، وتوقيتها يشير إلى أن اليمن وجهت صواريخها صوب تل أبيب بانتظار ساعة الصفر التي يتوقع ان يطلقها الاحتلال خلال أيام.
فعليا، رغم محاولات الاحتلال التقليل من العمليات اليمنية، الا انها كانت الأقوى فاليمن تخوض معركة الاسناد بعيدا عن الحسابات والخطوط الحمراء، وقد أظهرت الأيام الأخيرة التي سبقت دخول اتفاق غزة حيز التنفيذ مدى التأثير اليمني في المواجهة حيث كانت تنقل وسائل اعلام عربية ودولية مشاهد الصواريخ اليمنية الفرط صوتية وهى تمخر أجواء الاحتلال في طريقها إلى هدفها غير مبالية بأنظمة الدفاع الجوي المختلفة.
اضف إلى ذلك ما حققته العمليات البحرية من حصار بحري للاحتلال امتد من البحر الأحمر حتى البحر المتوسط مرورا بخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي وتلك الممرات تحولت إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين القوات اليمنية تارة والأمريكية – البريطانية في أخرى وفي ثالثة مع السفن المرتبطة بالاحتلال او التي قررت خرق قرار اليمن حظر الملاحة إلى الموانئ الإسرائيلية بشقيها على الأحمر والمتوسط.
ما إمكانية أمريكا بتأمين الاحتلال؟
ومع تلويح اليمن باستئناف العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، سادت حالة من الذعر في الأوساط الصهيونية والإقليمية، فما إمكانية أمريكا بحجب الصواريخ اليمنية عن الاحتلال ؟
بالنسبة لليمن فقد ضبطت ساعتها على الاثنين أو الثلاثاء بالكثير كموعد لعودة العمليات البرية والبحرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهي بذلك تكشف استكمال التجهيزات اللازمة لعمليات ستكون هذه المرة، وفق مراقبين، الأعتى من سابقتها، ومالم يحدث تغيير في المشهد بغزة فإن القرار اتخذ ولا رجعة فيه.
هذه القرار المفاجئ اثار حالة من الذعر في صفوف قوى إقليمية ودولية، وقد صار حديث وسائل اعلام أمريكية وعبرية خصصت مساحات واسعة لقراءات تبعات القرار وتأثيره خصوصا بعد عام كان صعب بالنسبة للاحتلال الذي تجرع ويلات الهجمات اليمنية التي اصابته بمقتل.
بالنسبة للاحتلال، فقدراته، كما يعترف خبرائه، محدودة في مقارعة اليمن او تنفيذ ما يصفوه بردع استراتيجي لبلد يبعد نحو 2500 كيلومترا ولا يبدو ان مجرد غارات هنا وهناك كفيلة باحتواء عملياته، وهو، وفق هؤلاء، يعول كثيرا على الحماية الامريكية التي تحتفظ بقواعد بحرية وبرية في المنطقة وتحديدا دول محيطة باليمن.
ربما لا يزال الاحتلال مسكون بهاجس القوة الأمريكية، فهي تملك ترسانة ولديها وسائل اعلام على امتداد خارطة العالم لتسويق دعايتها وحربها النفسية، لكن ما لم يدركه الاحتلال بعد حتى وقد تجاوزت الصواريخ والطائرات اليمنية الأساطيل الأمريكية على امتداد البحر الأحمر، ان اليمن تعرف جيدا حجم القدرات الأمريكية وقد عجزت عن حماية سفنها وبوارجها بمن فيها حاملات الطائرات التي اضطرت أمريكا لسحبها تباعا من البحر الأحمر.
ما يهم الان هو ماذا تحمله العمليات الجديدة، فالقوات اليمنية أظهرت خلال المواجهات السابقة سواء مع الاحتلال او القوات الأمريكية مفاجئات غير متوقعة من الغواصات المسيرة إلى الطائرات بعيدة المدى وصولا إلى الصواريخ الفرط صوتية، وقد تكشف خلال مراحلة العودة المرتقبة تطورا لافتا تقنيا وفنيا.
لعقود ظلت أمريكا والاحتلال الإسرائيلي وحدهما من يلوحان بالعصا في وجه خصومهما او الخارجين عن حظيرتهما، لكن اليوم اليمن تعيد صياغة المعادلة وبيدها ما يمكن ان تهش به الاحتلال وحلفائه.