على رغم تحذيرات صنعاء الموجّهة إلى الرياض من مغبة التورط في أي عدوان أميركي – إسرائيلي محتمل على الأولى، إلا أن السعودية، وفق المؤشرات، لا يبدو أنها في وارد معارضة توجّه إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي تدفع نحو تصعيد ضد اليمن بمشاركة أو تمويل سعودي. وفي هذا السياق، برز أكثر من مؤشر داخلي وخارجي إلى بدء واشنطن في التنسيق مع التحالف السعودي – الإماراتي لتنفيذ عمليات ضد صنعاء.
وفي الوقت الذي تقوم فيه منذ أكثر من أسبوع بتقييم الوضع الفني لمدارج مطاري الغيضة في المهرة والريان في حضرموت، توازياً مع تسارع عملية إنشاء مدرج خاص بالطيران الحربي في منطقة ذوباب الواقعة قبالة باب المندب، عقدت السفارة الأميركية في اليمن المزيد من اللقاءات مع قيادات عسكرية وحزبية في المحافظات الجنوبية، في إطار الترتيب لتصعيد واسع تشارك فيه الفصائل الموالية للتحالف بغطاء أميركي – إسرائيلي جوي، بذريعة “القضاء على أهم أجنحة إيران”. وهو تصعيد من المفترض أن يسبقه فرض عقوبات قاسية اعتباراً من التاسع من آذار المقبل، وفق قرار التصنيف الأميركي لحركة “أنصار الله” منظمة إرهابية أجنبية.
وعلى رغم أن السعودية حاولت تجنيب نفسها مواجهة “أنصار الله”، مع بقاء ترتيباتها ضد الحركة غير معلنة خلال الأشهر الماضية، إلا أنها وفق رؤية صنعاء، ستكون شريكاً أساسياً إلى جانب الإمارات في أي عدوان على اليمن. وفي هذا السياق، أثارت زيارة وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة عدة تساؤلات في الشارع اليمني، خاصة أن ابن سلمان الذي يُعتبر مسؤول الملف اليمني في الديوان الملكي منذ سنوات، اصطحب معه سفير المملكة في اليمن، محمد آل جابر، الذي يُعدّ المنفّذ الأهم لسياسات المملكة في هذا البلد، وصاحب القرار الأول في المحافظات الخارجة عن سيطرة حكومة صنعاء.
“رئيس أركان قوات عدن”: خيار السلام انتهى مع تصنيف إدارة ترامب
وتزامنت هذه الزيارة مع حديث عن تلقّي الفصائل الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي ضوءاً أخضر سعودياً – إماراتياً للاستعداد لأي طارئ، وسط مخاوف أممية من انهيار محتمل لاتفاق وقف إطلاق النار المطبّق منذ نيسان 2022. وهي تأتي أيضاً في إطار مساع جديدة لتحييد جبهة الإسناد اليمنية ضد إسرائيل، وسط مؤشرات إلى عودة التصعيد العسكري من قبل الكيان الإسرائيلي ضد غزة. وعلى مدى الأيام الماضية، تمّ رصد تحرّكات عسكرية تجريها القوى الموالية للرياض وأبو ظبي على جبهات مأرب والجوف والضالع، والتي شهدت تصاعداً لافتاً لخروقات اتفاق وقف إطلاق النار.
كما سُجلت ترتيبات أميركية موازية في محافظتي المهرة وحضرموت، فضلاً عن رصد تحركات عسكرية أميركية جديدة في جزيرة عبد الكوري الواقعة في نطاق أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وهو ما يعكس مدى تنسيق واشنطن مع الفصائل الموالية للتحالف، خاصة بعد عقد السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، خلال الأسابيع الماضية، لقاءات مكثّفة شملت محافظين وقادة فصائل في إطار التحضير لتصعيد عسكري مرتقب ضد صنعاء.
وجاءت التحرّكات الأخيرة تنفيذاً لتوجيهات صادرة عن رئيس “المجلس الرئاسي”، رشاد العليمي، مطلع الأسبوع الجاري، للقوات والفصائل الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي؛ برفع الجاهزية القتالية والاستعداد لما سمّاها “معركة الحسم مع الحوثيين”. وقال رئيس أركان القوات التابعة لحكومة عدن، الفريق صغير بن عزيز، بدوره، إن “خيار السلام انتهى مع تصنيف إدارة ترامب”، مضيفاً في كلمة له أمام فعالية عسكرية في مأرب، أمس، أن حكومته تلقّت ضوءاً أخضر بالتصعيد ضد صنعاء.
وكان موقع “ماريتايم إكزيكيوتيف” الأميركي المتخصص بالشؤون البحرية، ذكر أن الإمارات تشغّل المطار الذي وصفه بـ”الغامض” في جزيرة عبد الكوري، بكامل طاقته. وقال إن القمر الصناعي “سنتينل” التقط في 16 شباط الجاري، صور طائرة نقل كبيرة على الطرف الشمالي لمدرج المطار، موضحاً أنها قد تكون من طراز “سي-17” بحسب عدة مؤشرات. ولفت إلى أنه على مدى الأسابيع القليلة الماضية، شهد المطار زيارات منتظمة لطائرة أصغر حجماً يبلغ طول جناحيها أقل من 25 متراً، كانت تتوقف في ساحة المطار أثناء زياراتها القصيرة تلك.
ـــ
الاخبار اللبنانية: رشيد الحداد