المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    حماس تؤكد التزامها باتفاق تبادل الأسرى وتوجه رسائل قوية للعدو

    أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" اليوم عن إتمام عملية...

    تفاصيل خطيرة تكشف وصول ضباط مخابرات أجنبية إلى سقطرى

    انتشرت خلال الساعات الأولى من الجمعة الفصائل الإماراتية بشكل...

    القمة العربية المُصغّرة تنعقد في الرياض… وتُختتم دون بيان

    عُقدت قمة عربية مصغّرة في الرياض، الجمعة، بحضور رؤساء...

    أبو عبيدة: سنفرج غدا السبت عن 6 أسرى صهاينة

    أعلن، أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري...

    الشهيد القائد السيد حسن نصر الله.. كابوس على الأعداء حياً وميتاً

    في المشهد السياسي والأمني والإعلامي الذي يتكشّف أمامنا، يتخطى تشييع جنازة الأمين العام لحزب الله، القائد الشهيد السيد حسن نصرالله، مجرد وداع قائد، لتصبح لحظة استثنائية تهز توازنات إقليمية ودولية، وتكشف عن صراع يتجاوز الشخص ليطال المفاهيم والقيم والذاكرة الجمعية.

    ليس مستغرباً أن يُقابل حدث كهذا بحملةٍ استباقيةٍ محمومة، لا لمحاولة منعه فحسب، بل لمنع معناه من الترسخ في وعي الشعوب، في هذا التقرير، نسلط الضوء على الأبعاد المختلفة لمراسم التشييع وتحليل المشهد وما وراؤه من تداعيات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.

    في الإطار؛ يؤكد مراقبون أن كل هذه التداعيات ليست اعتباطية، إذ لا يمكن فصل الإجراءات القمعية التي تُمارس لمنع الحشود من التوافد إلى العاصمة اللبنانية “بيروت” عن المشهد الجيوسياسي الأشمل، فالأمر لا يتعلق بأمن العاصمة، بل بإدراك دوائر القرار في “واشنطن وتل أبيب” أن مشهداً جماهيرياً بهذا الحجم قادر على تقويض كل السرديات التي تم الترويج لها منذ سنوات.

    لافتين إلى أن هذه ليست مجرد جنازة، بل لحظة اختبار لحقيقة الصراع، فالأعداء حاولوا الإيحاء بأن المقاومة فقدت شرعيتها وشعبيتها، وهم اليوم يخافون أن الجماهير ستثبت العكس وتؤكد أن الخطاب الذي قدمه السيد الشهيد لا يزال متجذراً في الوجدان العام.

    وأكد مراقبون أن حضور التشييع لمثل هذا القائد الكبير يسهم في تعزيز النسيج الاجتماعي والتماسك بين أفراد المجتمع اللبناني، ويجمع الأمة من مختلف الفئات والخلفيات تحت مظلةٍ واحدة، ما يزيد من الوحدة والتضامن، وفرصة للتعبير عن الولاء والانتماء للقضية المشتركة، ويرسخ من الهوية الوطنية الداخلية ويعمق الروابط الدينية والاجتماعية في الإقليم.

    من هنا، يصبح استنفار الأجهزة الأمنية والسياسية والإعلامية مبرَّراً من وجهة نظر خصوم المقاومة، فمنع وصول الجماهير إلى بيروت، وإلغاء الرحلات الجوية، والتضييق على المسافرين، ليس سوى تعبير عن خوفٍ حقيقي من مشهدٍ يُخشى أن يتحول إلى نقطة تحولٍ مفصلية في الوعي الشعبي العربي، يؤكد أن الاغتيال لن يغير الحقائق ولن يكسر الإرادات.

    حرب على التوثيق.. حرب على الذاكرة:

    لا يتوقف الصراع عند منع الراغبين بحضور تشييع جنازة الشهيد الأمين، بل يتسع ليشمل ميدان الذاكرة والتوثيق، فالشركات الكبرى، من منصات التواصل الاجتماعي إلى الإعلام الغربي، دخلت في معركةٍ تهدف إلى جعل الحدث عابراً، دون صور توثق مدى المشاركة الشعبية.

    وفي صراع المعاني والقيم، فالهجمة على مراسم التشييع تعكس صراعاً أعمق حول المعنى والقيم والتجربة التاريخية، إذ أن هذا الحدث يمثل استفتاءً شعبياً على المعركة الكبرى التي تخوضها المقاومة منذ أربعة عقود، وأن القيادة هنا ليست مجرد وظيفة شغلها السيد الشهيد، بل هي تعبير عن التزام مبدئي ديني أخلاقي وموقف تاريخي.

    ووفقاً لتقارير إعلامية فإن التشييع سيحمل تأثيرات نفسية عميقة على المشاركين والمشاهدين، ويعزز من الشعور بالفخر والاعتزاز بالقائد والقضية، ويخلق شعوراً بالانتماء الجماعي والقوة المشتركة، وبالنسبة للمشاهدين المتفاعلين عن بعد، قد يكون التشييع مصدر إلهام وتجديد للأمل في تحقيق الأهداف والقيم المشتركة.

    ولعل حذف المنشورات، وحجب الحسابات، وتضييق الخناق على أي محتوى يتعلق بالتشييع، كلها إجراءات تعكس الذعر من الأثر الذي قد يتركه المشهد في الذاكرة الجماعية، فالصور، كما علّمنا التاريخ، ليست مجرد لقطات، بل حجارة تُرصف في طريق السردية الكبرى التي ستُحكى لاحقاً عن هذه المرحلة.

    عندما تكشف الجنازة زيف الخصوم:
    في الإطار؛ يتساءل مراقبون، إذا كان حزب الله قد هُزم، كما يزعم خصومه، وإذا كان جمهوره محبطاً ومنهكاً، فلماذا كل هذا الهلع من جنازة؟ لماذا يُنفق كل هذا الجهد لمنع الناس من المشاركة؟

    والجواب بسيط، لأن مراسم التشييع سيكون بمثابة استفتاء شعبي غير مسبوق، سيُظهر أن المقاومة لم تفقد شرعيتها، بل على العكس، لا تزال تُلهم جموعاً واسعة من الأمة؛ إن لم تكن الأمة ككل.

    وأعتبر مراقبون أن جزء من الهجمة يأتي من بيئةٍ اجتماعيةٍ لم تُمنح يوماً حق الفخر بقائدٍ اختار المواجهة حتى النهاية، وهذا الحرمان من التجربة يجعل البعض يشن هجومه، لا لأنه يخاف من الأثر السياسي فقط، بل لأنه يشعر بأنه قد فاته أن يكون جزءاً من لحظة تاريخية لا تتكرر.

    ولعل خروج الملايين في وداع السيد الشهيد، لا يعني فقط وداع قائد، بل تجديد الولاء لمسيرةٍ وقضية، وهو إعلان بأن القتل لن يُرهب الأمة، بل سيزيدها تمسكاً بخيارها، وهذا ما يرعب النخبة السياسية في الغرب و”تل أبيب” على وجه الخصوص، لأنهم يدركون أن استمرارية المقاومة لا تُقاس فقط بالصواريخ والسلاح، بل بإيمان الناس بها، وهذا الإيمان يتجدد اليوم بشكلٍ يصعب احتواؤه.

    جنازة تفضح أزمة الغرب الأخلاقية

    ويرى خبراء ومحللون أن الهجوم على التشييع ليس مجرد مسألة سياسية أو أمنية، بل هو انعكاس لصراعٍ حضاري وأخلاقي أعمق، فكل المجتمعات الغربية والعربية، التي لم تعرف سوى القادة الانتهازيين الذين يركضون نحو السفارات قبل سقوط أنظمتهم، تجد نفسها أمام مشهدٍ صادم، إذ ستتعرف على قائد اختار المواجهة حتى النهاية، وشعبٌ يودّعه ليس بحزن الاستسلام، بل بعزيمة الاستمرار والسير على نهجه.

    هذه المفارقة تفضح زيف الخطاب الغربي حول القيادة والقيم، وتجعل من جنازة السيد الشهيد لحظة مربكة لأولئك الذين لم يعيشوا تجربةً مماثلةً من الفخر والعزة، ولذا وبحسب الخبراء، فإن الحرب على التشييع ليست فقط حرباً على المقاومة، بل هي أيضاً حربٌ على المعاني التي تحملها، والتي تجعل من رمزية هذا القائد العظيم أكبر من مجرد شخص، بل فكرة تتحدّى نظاماً عالمياً بأسره.

    وبحسب مراقبين، فالمعركة اليوم ليست على تشييع القائد الأمين، بل على محاولة محو رمزيته من التاريخ، غير أن التجارب أثبتت، أنهُ لا يمكن محو فكرة متجذرة في قلوب الملايين، ولا يمكن إسكات حشودٍ تؤمن بأن المواجهة قدرها، وهذه ليست مجرد جنازة، إنها لحظة إعلان أن القتل لا يصنع النهايات، بل يخطّ بدايات جديدة، وأن الذين يسيرون خلف الجثمان اليوم، يسيرون أيضاً نحو مستقبل كتبوه بدمائهم وصمودهم.

    وعليه؛ فإن مراسم تشييع جنازة الشهداء القادة، تحمل أكثر من رمزية إذ ليست مجرد حدث سياسي، بل هي لحظة تاريخية تحمل معها رسائل قوية وتعبيرات عميقة عن القيم والمعاني والتجارب التي شكلت وعي الشعوب، وهذا ليس إلا جزء من الصراع بين من يملك ذاكرة ممتلئة بالمواقف والتضحيات، ومن يعاني فراغاً وجودياً.
    ـــــــ
    عبد القوي السباعي| المسيرة نت

    spot_imgspot_img