قال مركز “ستراتفور” الاستخباراتي الأمريكي للدراسات، إن عدم انسحاب “إسرائيل” من غزة سيقود إلى سلسلة من الهجمات المتبادلة بينها وبين الجيش اليمني ، وهو ما سيزيد من قوة الأخيرة بالنظر إلى صعوبة ردعها، مشيراً إلى أن احتمالية اشتعال الجبهات في اليمن قد يؤدي إلى مكاسب كبيرة لأنصار الله من شأنها أن تسبب انهياراً للتحالف السعودي الأمريكي والحكومة التابعة له.
ونشر المركز هذا الأسبوع تقريراً جاء فيه أنه “من المرجح أن تكون الغارات الجوية الإسرائيلية على اليمن قد غذت المزيد من المشاعر المؤيدة للحوثيين في البلاد، خاصة وأن بعض الضربات استهدفت البنية التحتية المدنية الرئيسية مثل محطات الطاقة، وفي الوقت نفسه، عملت تلك الغارات على ترسيخ الرواية القائلة بأن الحوثيين يقاتلون العدو الإقليمي للبلاد، مما عزز شعبية الحركة”.
وأضاف: “لقد أعلن الحوثيون أيضاً عن وقف عملياتهم بعد دخول وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ في يناير 2024، لكنهم هددوا باستئناف الهجمات في حالة انهيار وقف إطلاق النار، الذي يواجه قيوداً خطيرة أمام خلق سلام دائم”.
واعتبر التقرير أنه “في حين أنه من غير المرجح أن تخرج إسرائيل بالكامل من قطاع غزة في الأمد القريب، فإن هذا الوضع سوف يوفر للحوثيين مبرراً سياسياً مستمراً للضربات المتقطعة على إسرائيل، وهو ما من شأنه أن يقود إلى ضربات إسرائيلية مضادة على اليمن نفسه، وسوف تستمر هذه الديناميكية في زيادة حجم تجنيد المقاتلين الحوثيين، بدافع من المشاعر المعادية لإسرائيل بين اليمنيين”.
وأضاف: “إلى جانب ذلك، ونظراً للقيود الجغرافية والعسكرية، فلن تتمكن إسرائيل من إلحاق أضرار عسكرية كبيرة بالحوثيين كما فعلت مع حزب الله وحماس، وهو ما يمنع أي تدهور كبير في الموقف العسكري للحوثيين في اليمن”.
وبحسب المركز فإن “أسلحة الحوثيين يتم تخزينها في جميع أنحاء البلاد في مواقع تحت الأرض ومموهة.. مما يجعل تدميرها أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، ويزداد الأمر تعقيداً بسبب الافتقار إلى قوات حليفة كبيرة على الأرض لاستكشاف الأهداف، حيث يعتمد التحالف المناهض للحوثيين على الأقمار الصناعية والوكلاء المحليين والكشافة السرية التي تبطئ وتيرة الاستهداف”.
وأشار التقرير إلى أنه في حال اشتعال الجبهات داخل اليمن “سيكون من غير الواضح ما إذا كانت المملكة أو شركاؤها- أي الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة- على استعداد للتدخل عسكرياً لوقف هجمات الحوثيين كما فعلوا ضد مأرب في عام 2021، وبدون الدعم الجوي للتحالف ومع وجود عدد أكبر بكثير من المقاتلين الحوثيين على الأرض، فمن المرجح أن تنتج مثل هذه الهجمات اختراقاً على طول خط المواجهة لأول مرة منذ سنوات عديدة”.
وأوضح أن “السعودية حاولت الخروج من الصراع من خلال المفاوضات مع الحوثيين، والتي وصلت إلى وقف إطلاق النار المتجمد منذ عام 2022″، مشيراً إلى أن “الهجمات الحوثية المتكررة على الأراضي السعودية، إلى جانب الفشل في دحر الحوثيين في اليمن، دفعا بالرياض إلى تعديل سياستها الخارجية نحو نهج إقليمي أكثر براجماتية بعد جائحة كوفيد-19، وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية حريصة على تجنب استدعاء المزيد من الضربات الصاروخية الحوثية، وخاصة تلك التي تستهدف صناعة النفط الحيوية وعاصمتها”.
وبالنسبة للإمارات أشار التقرير إلى أنها “تبدي أيضا تردداً في الانخراط في الحملة اليمنية بما يتجاوز الدعم اللوجستي والمالي والتسليح لوكلائها الجنوبيين، خاصة بعد أن هاجم الحوثيون في عام 2022 العاصمة أبو ظبي، وهو أول هجوم أجنبي كبير على البلاد”.
واعتبر التقرير أنه في حال اشتعال الجبهات في اليمن فإن “تحقيق اختراق على خط المواجهة من شأنه أن يمنح الحوثيين نفوذاً كبيراً في المفاوضات مع “الحكومة اليمنية” الموالية للتحالف والسعوديين، مما قد يجبر الحكومة على تقديم تنازلات كبيرة أو حتى يؤدي إلى انهيار جزء كبير من التحالف المناهض للحوثيين في البلاد”.