يستمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فرض ضغوط غير مسبوقة على مصر والأردن لقبول مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى أراضيهما، ضمن خطة تُعتبر امتدادًا لـ”صفقة القرن” التي تستهدف إنهاء القضية الفلسطينية.
وعلى الرغم من الرفض المصري والأردني العلني لهذه الفكرة، إلا أن تصريحات ترامب المتكررة تشير إلى إصرار أمريكي على تنفيذ هذا المخطط، حتى لو اقتضى الأمر استخدام أساليب التهديد والابتزاز.
ترامب يفرض شروطه: “ستفعلان ذلك”
وفقًا لتقارير إعلامية، أجرى ترامب اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ناقش خلاله خطة إخلاء الفلسطينيين من غزة. ومع ذلك، لم تحظَ هذه المكالمة بأي تغطية إعلامية مصرية، لا سيما من وسائل الإعلام الموالية للنظام، مما أثار تساؤلات حول ما يجري في الغرف المغلقة. يأتي هذا في وقتٍ يتزامن فيه مع زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى واشنطن لمناقشة ملفات عدة، من بينها مستقبل غزة وما يشمله من قضايا التهجير والتهجير القسري.
ويرى الكاتب المصري جمال سلطان أن الصمت المصري تجاه هذه المكالمة يعكس مواربة واضحة، ويثير القلق بشأن ما قد يتم الاتفاق عليه بعيدًا عن الأضواء. فالتوقيت الذي جاء فيه الاتصال بين ترامب والسيسي، وما تلاه من اجتماع مع نتنياهو، يشير إلى وجود تنسيق مباشر بين الأطراف الثلاثة لتحقيق هذا الهدف.
التهجير: استكمال لـ”صفقة القرن”
الخطة الأمريكية ليست مجرد فكرة عابرة، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة إلى ديارهم. كما تتضمن الخطة اجتزاء أراضٍ مصرية وأردنية بشكل غير قانوني، وانتهاك سيادة الدول العربية لصالح تحقيق الحلم الصهيوني القديم بإنشاء “إسرائيل الكبرى”.
وفي هذا السياق، كشف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- عن مخطط صهيوني أكبر يستهدف سوريا عبر التوغل نحو السويداء ومناطق البادية السورية التي تحتلها القوات الأمريكية. ويهدف هذا المخطط، المعروف باسم “ممر داوود”، إلى الوصول إلى نهر الفرات في مناطق سيطرة الأكراد، وهو جزء من استراتيجية صهيونية تسعى إلى توسيع نفوذ الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة.
الموقف المصري والأردني: هل هناك موافقة ضمنية؟
رغم النفي الرسمي، تشير العديد من المؤشرات إلى وجود موافقة ضمنية من النظامين المصري والأردني على تنفيذ هذا المخطط. فقد تم رصد إدخال النظام المصري لعدد كبير من البيوت الجاهزة (الكونتيرات) إلى سيناء، في خطوة تُفسر على أنها استعداد لاستقبال الفلسطينيين المهجرين. كما أن النظام الأردني، الذي لعب دورًا محوريًا في دعم الاحتلال الإسرائيلي عبر توفير الإمدادات الغذائية والأسلحة، يبدو أنه يسير في نفس الاتجاه.
ويؤكد الدكتور مهيوب الحسام أن النظام المصري كان متورطًا في تسهيل وصول السفن المحملة بالأسلحة إلى الكيان الصهيوني عبر ميناء الإسكندرية، بالإضافة إلى إغلاق معبر رفح أمام الفلسطينيين بهدف تجويعهم وإضعاف مقاومتهم. وفي الأردن، عمل النظام على إسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ اليمنية المتجهة إلى فلسطين المحتلة، مما يعكس مستوى التنسيق العالي بين هذه الأنظمة والكيان الصهيوني.
رفض الشعب الفلسطيني: قضية لا يمكن تجاوزها
على الرغم من الضغوط الأمريكية والمخططات الصهيونية، يبقى الشعب الفلسطيني هو العقبة الرئيسية أمام تنفيذ هذا المشروع. فبعد أكثر من 15 شهرًا من العدوان الصهيوني على غزة، والذي راح ضحيته أكثر من 160 ألف شهيد وجريح، يصر الفلسطينيون على البقاء في أرضهم وعدم القبول بأي محاولات تهجير قسري. وهذا الرفض الشعبي يمثل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تعتمدان على الانقسامات الداخلية وضعف الأنظمة العربية لتحقيق أهدافهما.
سيناريوهات المستقبل: هل ستفشل الخطة؟
بينما يرى البعض أن مصر والأردن لن يقبلا بالتهجير تحت أي ظرف، يعتقد آخرون أن الضغوط الأمريكية قد تدفع النظامين إلى تقديم تنازلات. ومع ذلك، فإن الصمود الفلسطيني ودعم محور المقاومة، بما في ذلك العمليات العسكرية اليمنية التي استهدفت العمق الصهيوني، يعززان فرص إفشال هذا المخطط.
وفي النهاية، يبدو أن التهديدات الأمريكية لمصر والأردن ليست سوى محاولة لإعادة تدوير صورة النظامين أمام شعبيهما، وتصويرهما كأبطال قوميين رغم تبعيتهما الكاملة للسياسة الأمريكية. لكن مع استمرار انتصارات المقاومة الفلسطينية ومحورها الداعم، يصبح من الواضح أن القادم أعظم، وأن صفقة ترامب الجديدة ستتحول إلى صفعة جديدة لأمريكا وكيان الاحتلال.