المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    عودة الكاوبوي “ترامب”.. بداية البلطجة الى محاولة السيطرة الكاملة

    الرئيس الأمريكي المنتخب حديثا “دونالد ترامب و انتزاع “قناة...

    الاتحاد الأوروبي يثير غضب سعودي بنسف تصنيف ترامب لـ”الحوثيين”

    اثار الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، غضب سعودي مع كشفه...

    الذي اغتالته أمريكا.. احياء ذكرى استشهاد “الرئيس السابق” في العاصمة صنعاء

    تواصلت في صنعاء، اليوم الثلاثاء، فعاليات احياء ذكرى استشهاد...

    غضب يمني عقب تصفية شاعر بسجون المليشيات بمأرب بسبب احتفاله بانتصار غزة

    أقدمت ميليشيا حزب الإصلاح في مدينة مأرب التي يسيطر...

    خلال 3600 يوم.. إحصائية جديدة لجرائم التحالف السعودي الإماراتي في اليمن

    كشف مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية، اليوم الثلاثاء، عن...

    ناصر قنديل: ترامب يقود التراجع الأميركي بلغة القوة لينتج الفوضى

    – توحي التهديدات الصادرة عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أميركا ذاهبة إلى توسيع نفوذها العالمي، حيث لغة القوة من قبل دولة عظمى تترافق عموماً مع اتساع دائرة هيمنتها، لكن التدقيق يكشف ببساطة أن ترامب يهدد حلفاءه من المكسيك إلى كندا إلى أوروبا مستخدماً سلاحاً كان معلوماً عند أسلافه، لكن التغاضي عنه كان ثمن النفوذ على هؤلاء الحلفاء، ذلك أن اختلال الميزان التجاري مع أوروبا وكندا بحوالي 500 مليار دولار سنوياً كان ثمناً تسدده أميركا المزدهرة بقوة تأثيرها الاستعماري لضمان ولاء أوروبي وكندي مطلق لسياساتها الدولية، فتنتعش اقتصادات أوروبا وكندا ويتحقق لها الاستقرار جراء عائداتها من الأسواق الأميركية، بينما تُعيد أميركا تحقيق مكاسبها من توظيف مكانة الدولار العائدة من اتساع رقعة النفوذ العالمي والتجاري، وخصوصاً تجارة الآخرين بالدولار وفي مقدّمتهم هؤلاء الحلفاء.

    – أن تقرّر واشنطن إعطاء الأولوية لضمان مكاسبها كسوق ودولة على حساب مكانتها القيادية بين حلفائها، يعني التسليم بالتراجع في المكانة الدولية، لا حاجة لفحصه بعدما قدّم مثال دولة صغيرة مثل بنما ما يكفي عن تراجع النفوذ الأميركي، فقد بدأ الرئيس الأميركي بتحديد طلبه باستعادة إدارة قناة بنما لحساب حكومته من الإدارة البنمية، باعتبار القناة كانت أصلاً أميركية وتمّ إهداؤها إلى بنما، ضمن سياسات توسيع النفوذ، مهدداً بغزوها والاستيلاء عليها بالقوة ما لم تتم إعادتها ودياً، لكن المفاوضات التي جرت مع حكومة بنما انتهت إلى بقاء القناة بإدارة حكومة بنما، واكتفاء واشنطن ببعض المكاسب الجانبية مثل استعمال قاعدة جويّة لمراقبة ملف المهاجرين غير الشرعيين.

    – تستطيع واشنطن أن تفرض رسوماً جمركية على البضائع الآتية من أوروبا وكندا والمكسيك، لكن ليس بالضرورة أن يؤدي ذلك إلى تصحيح الميزان التجاري مع هؤلاء الحلفاء، لكنه يضمن دخلاً جيداً للخزينة من العائدات الجمركية، لكن النتيجة على المستهلك الأميركي سوف تكون زيادة في أسعار البضائع المستوردة التي لا بديل أميركي أفضل وأرخص منها، وهنا تحضر قضيّة الرسوم الجمركية التي قال إنه سوف يفرضها على البضائع الصينية ثم أعلن أنه يدخل مفاوضات مع الصين، لأن الصين شريك تجاريّ غير قابل للاستبدال، وسلاسل التوريد الاستهلاكية في أميركا بنسبة كبيرة ترتبط بالبضائع الصينية، ورفع أسعار البضائع الصينية لن يحفز الإنتاج الأميركي أو استهلاك بضائع أميركية بل سوف يؤدي فقط لزيادة الأكلاف على المستهلكين، ولذلك اضطر ترامب بعدما تحدّث عن رسوم بـ 20% إلى التراجع نحو 10% وهو الآن يتحدّث عن مفاوضات.

    – المعضلة التي يواجهها ترامب هي في محاولته التغطية على التراجع الذي يقوده من خلال رفع الصوت بالتهديدات التي يدير التراجع بواسطتها، لكن الحصيلة الحقيقيّة والواقعيّة لا تلبث بالظهور، والمجتمعات الأوروبية والكندية أهم من الحكومات، وقد بدأت تنمو فيها بسرعة وقوة تيارات تدعو لقياس المصلحة الوطنية في العلاقات الدوليّة، والصوت مرتفع في كندا لمقاطعة البضائع الأميركيّة، بينما في ألمانيا مثلاً ترتفع أصوات القوى التي تقول بإعادة تشغيل خط نورث ستريم للغاز الروسي الرخيص بدلاً من شراء الغاز الأميركي بأربعة أضعاف السعر، وتراجع النفوذ الأميركي سوف يعني تراجع مكانة الأحزاب والقيادات التي مثلت هذا النفوذ.

    – هشاشة رؤية ترامب وسطحيتها تظهر في مقاربته للوضع في غزة، فهل يُعقل لعاقل أن يسمع رئيس الدولة العظمى يقول إنه لو كان في الرئاسة يوم طوفان الأقصى لما وقع الطوفان، وباللغة نفسها ها هو يُعيد الكرة، طالباً بلغة الإمرة من مصر والأردن استقبال المهجَّرين من غزة، والمشكلة ليست عنده ولا عند من يهدّدهم بل المشكلة في معرفة مَن سوف يقدر على تهجير سكان غزة، بعد حرب إبادة غير مسبوقة تعرّضوا لها وصمدوا وبدأوا عودتهم إلى بلداتهم ومخيماتهم المدمرة دون انتظار الخيام والمساعدات الغذائية والدوائية، متمسّكين بالأرض حتى الشهادة، وسقف ما يستطيع ترامب هو عدم الممانعة بعودة بنيامين نتنياهو للحرب، لكن دون تغيير النتائج.

    – فوضى الأفكار بلغة العظمة الشعبويّة ليست إلا للتغطية على التراجع، لكنها لا تنتج عندما تكون على مستوى رأس الحكم في بلد هو رأس الحكم في العالم، إلا المزيد من الفوضى السياسية والاقتصادية والأمنية في العالم. وهذا ما يبدو أنه مقبل فقط.
    ــــــــــــــــــــ
    ناصر قنديل

    spot_imgspot_img