في يناير من العام الماضي اطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا عدوان واسع على اليمن، وبعد نحو عام اعادت توسيع التحالف، لكن مالذي تغيير على مدى عام كامل ؟
في الثاني عشر من يناير من العام 2024، أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا شن غارات على العاصمة اليمنية ومدن خاضعة لسيطرة حركة انصار الله. كان ذلك إيذانا بمرحلة جديدة من العدوان بعد اشهر من المواجهات البحرية مع القوات اليمنية.
ما كان لافتا حينها ان وتيرة الغارات استمرت بشكل يومي على مدى الأشهر الأولى من العام قبل ان تتراجع بشكل كبير إلى ما دون غارتين إلى ثلاث فقط في الشهر خلال النصف الثاني من العام الماضي، اما على الصعيد الدولي فقد حاولت الدولتان العظمى استخدام بيان ادانة لمجلس الامن للعمليات اليمنية المساندة لغزة كغطاء لاستهداف بلد ذات سيادة.
وعقب سلسلة من الغارات التي اكدت قيادة يمنية على راسها قائد حركة انصار الله عبدالملك الحوثي عدم تأثيرها على القدرات اليمنية العسكرية، حاولت بريطانيا وامريكا تصوير إنجازات كبيرة بتسويق دعاية حول القضاء على كافة القدرات العسكرية لمن وصفتهم بـ”الحوثيين”.
كانت أمريكا تعتقد بأنها قد نجحت إلى حد ما بتقليص القدرات اليمنية مع ان العمليات اليمنية البحرية لم تتوقف بما في ذلك استهداف البوارج وحاملات الطائرات إضافة إلى استهداف المدن المحتلة بفلسطين وعلى راسها العاصمة تل ابيب ناهيك عن كشف اليمن عن قدرات عسكرية جديدة كالصواريخ فرط صوتية والطائرات المسيرة ذات القدرات الأكبر إلى جانب الغواصات المسيرة.
خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام ومع نجاح امريكي وحلفائها بوقف عدة جبهات مقاومة في المنطقة، باتت العمليات اليمنية تشكل ارقا لتلك الأطراف مع تصويب عدسات الكاميرات لها وفرار المستوطنين عند منتصف الليل إلى الملاجئ هربا من دويها. وما اثار مخاوف التحالف البريطاني – الأمريكي ليس فقط إبقاء العاصمة تل ابيب تحت وطأة الصواريخ اليمنية بل تداعيات ذلك على النفوذ المستقبلي لهذه القوى التي ظلت تحكم أعالي البحار لعقود فقررت جميعها العودة بالمواجهة إلى نقطة الصفر لكن هذه المرة بتحالف أوسع يضم الاحتلال الإسرائيلي مع ان الأهداف التي تم قصفها حتى اللحظة هي ذاتها التي قصفتها أمريكا وبريطانيا والاحتلال الإسرائيلي من قبل وقبلهم جميعا التحالف السعودي الاماراتي.
خلافا للعام 2024 الذي شهد ارتفاع ملحوظ بالغارات الامريكية – البريطانية بغض النظر عن أهدافها الخاوي يبدو التحالف الجديد متعبا جدا ويعاني لوجستيا واستخباراتيا وهي المعضلة ذاتها التي حالت دون تحقيق اي انتصار له خلال الأشهر الماضي، فالدفاع الامريكية التي تحدثت العام الماضي عن تدمير قدرات “الحوثيين” عادت هذه العام بنغمة جديدة مفادها انها تعمل “قدر المستطاع” لتقليص قدراتهم في تأكيد واضح على فشل الحملة المشتركة مع بريطانيا في وقف الصعود المتنامي لليمن.
بين قصف صنعاء و”تل ابيب”.. لا مكان للذعر في قلوب اليمنيين
على غرر معادلة الرعب التي تفرضها القوات اليمنية في العاصمة تل ابيب ، حاول التحالف الثلاثي إعادة رسم المشهد في العاصمة اليمنية لكن المشهد كان مختلفا تماما وأعطى نتائج سلبية بالنسبة للاحتلال.
عشية التظاهرات الأسبوعية التي ينفذها ملايين اليمنيين في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات دعما لغزة واسنادا للموقف اليمني الرسمي، نفذ الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات على محيط ميدان السبعين حيث التظاهرة الكبرى.
كانت الصواريخ والقنابل تنهال تباعات على منطقة النهدي اعلى تلة مشرفة على الميدان المكتظ بالقادمين من مختلف القرى اليمنية، وكان المخرج يهدف لإظهار مشهد لذاك الذي فرضته اليمن في تل ابيب. كانت الهدف اثارة الذعر وروية العشرات وهم يسقطون ضحايا التدافع كما هو الحال تماما في تل ابيب لحظة دخول الصاروخ اليمني الأجواء ودوي صفارات الإنذار.
وخلافا لما هو الحال في تل ابيب ومدن محتلة أخرى بفلسطين، حيث تتحدث المصادر العبرية عن سقوط عشرات الجرحى بمجرد د\وي صافرات الإنذار وهرع ملايين الصهاينة للملاجئ ، كان الوضع مختلف تماما في اليمن وقد اعطى نتائج عكسية.
فالملايين في اليمن سواء في صنعاء او الحديدة حيث حاول الاحتلال تكرار السيناريو ذاته وقفوا ثابتين بينما تنقل عدسات الكاميرات مشاهد أعمدة الدخان والانفجارات الضخمة في محيط الساحة المركزية للتظاهر بينما الملايين في الميدان يهتفون بصوت واحد “ما نبالي ما نبالي”.
ربما كانت الأصوات الهادرة هذه اكبر صفعة للاحتلال الإسرائيلي وحلفائه في واشنطن ولندن ممن كانوا يتوقعون مشهد اخر من يوم النشور.
صورة أخرى تثبت بأن الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه لا يزالون متأخرين بخطوات عن اليمن الذي اعتاد اهله مثل هذه المشاهد واصوات انفجارات اكبر بكثير على مدى 10 سنوات من الحرب والحصار، لكن ما لايفقه الاحتلال ورعاته ان تلك الجسارة والصمود ستقلب عليه وابلا وستعيد له الكيل بمكيالين.