يترقب الجميع، ممن يتابعون التطورات السورية، مآل معركة السيطرة على مدينة حمص، لما تتمتع به هذه المدينة من أهمية جيوستراتيجية كبيرة، ستحدد وجهة الصراع بشكل كبير.
وقد أعلنت الميليشيات الإرهابية، وصول مقاتليها إلى حدود مدينة حمص، وأنها باتت على أسوارها، وأنهم يوجهون النداء الأخير للجيش السوري وقواته، للانشقاق عن الدولة.
وبحسب بعض الخبراء والمحللين، تشكل سيطرة الإرهابيين على حمص في حال حصولها، ضربة قوية للدولة السورية، الذي لن يبقى تحت سيطرتها سوى مناطق الساحل المطلة على البحر الأبيض المتوسط، والتي تحوي القواعد الجوية والبحرية الروسية، بالإضافة إلى العاصمة دمشق.
فما هي الأهمية الجيوستراتيجية لحمص؟
_تتمتع حمص، ثالث أكبر مدينة في سوريا، بقيمة جيوستراتيجية كبيرة بسبب موقعها المركزي وإمكاناتها الاقتصادية وأهميتها التاريخية، وغالبًا ما يشار إليها باسم “قلب سوريا” بسبب موقعها المركزي.
_ عُرفت خلال الحرب على سوريا منذ العام 2011، باسم “عاصمة الثورة” وشهدت صراعا طويل الأمد، مما أظهر أهميتها للأطراف المختلفة المتنافسة على السيطرة عليها.
_تقع في موقع جغرافي استراتيجي على طول طرق التجارة الحيوية وخطوط الأنابيب، وتعمل كمحور رئيسي في التماسك بين مختلف المحافظات السورية، وتشكل محورًا للاستقرار العسكري والاقتصادي في المنطقة. فهي تقع عند مفترق طرق وطنية وإقليمية رئيسية (مثل طريقي M5 وM1)، وتربط دمشق في الجنوب بحلب في الشمال، وتربط داخل سوريا بساحل البحر الأبيض المتوسط في الغرب. إن هذا الموقع المركزي يجعلها مركزاً بالغ الأهمية للعمليات العسكرية والتجارة والخدمات اللوجستية.
فمن منظور عسكري، فإن السيطرة عليها تمكّن من إدارة تحركات القوات وسلسلة التوريد بين المناطق الرئيسية في سوريا. خاصةً السيطرة على الطريق السريع M5، الذي يربط المدن الرئيسية السورية في دمشق وحمص وحماة وحلب، وهو الذي يعد طريقاً حيوياً لحركة البضائع والأشخاص والأصول العسكرية. لذلك فإن السيطرة على حمص تضمن الهيمنة على هذا الطريق الشرياني الحيوي، مما يمنح الفصيل المسيطر القدرة على تعطيل خطوط إمداد الطرف الآخر مع الحفاظ على خطوطه الخاصة.
_تقع المدينة بالقرب من حقول غاز الشاعر، أحد أكبر الحقول في سوريا، وحقول نفطية أخرى حيوية في المنطقة الوسطى. هذه الموارد حيوية للاقتصاد ولدعم الحملات العسكرية. وعلى المدى القصير والمتوسط، فإن السيطرة على حمص تضمن الوصول إلى احتياطيات الطاقة هذه، والتي تعد ضرورية للاستهلاك المحلي والصادرات المحتملة.
كما تضم المدينة واحدة من أكبر مصافي النفط في سوريا، وتقع في ضواحي المدينة. وتلعب هذه المصفاة دوراً حاسماً في معالجة النفط الخام وتحويله إلى منتجات قابلة للاستخدام مثل البنزين والديزل، اللذان لا غنى عنهما للاستخدام العسكري والمدني.
_ بالإضافة إلى ذلك، تقع حمص بالقرب من طرق السكك الحديدية وخطوط الأنابيب المهمة، مثل خط أنابيب الغاز العربي، الذي يمر عبرها، والذي يشكّل جزءاً مهماً من البنية الأساسية لتجارة الطاقة الإقليمية، حيث يربط مصر والأردن ولبنان.
_ بالإضافة إلى النفط والغاز، فإن المنطقة المحيطة بحمص لها أهمية كبيرة على صعيد الأمن الغذائي كونها منتجة زراعيا. فنهر العاصي، الذي يتدفق بالقرب من المدينة، يوفر الري السهل للأراضي الزراعية، ما جعل حمص منطقة مهمة للإنتاج الزراعي في سوريا. وخلال الحرب، أصبحت السيطرة على هذه الأراضي الزراعية أولوية لكل من القوات الحكومية والإرهابيين، لما يشكله الأمن الغذائي من عنصر أساسي للحفاظ على الدعم بين السكان.
_كما أن للسيطرة عليها، تأثير خارجي مهم على منطقة شمالي لبنان، وخاصةً على منطقتي بعلبك والهرمل وما تمثلانه من معاقل رئيسية حاضنة للمقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، سواء من خلال الثقل البشري الداعم لها، وأحد اتجاهات الدعم اللوجستي الأساسي لها.