في الوقت الذي تحتاج فيه غزة على الاقل ان يبقى انتباه العالم عليها كي لا يستفرد بها نتنياهو .. قام اردوغان بطعن غزة في ظهرها .. وهاهي الدنيا تلتفت الان الى شمال سورية وقد نسيت غزة .. واستراحت اسرائيل من حديث العالم عن جرائمها ومن عيون العالم التي تراقبها بغضب .. ولكن الاهم ان غزوة حلب التي قدمها اردوغان لاسرائيل ستساعد اسرائيل في غسل يديها ووجهها واسنانها من دماء غزة وستساعدهم الجزيرة واعلام العرب في ذلك..
فسيتم في المعارك القادمة في الشمال السوري وتحرير ادلب استعمال صور الضحايا جميعهم على انهم ضحايا الجيش السوري .. وسيتخذ الارهابيون بتعليمات تركية من المدنيين دروعا بشرية كي لايتم قصفهم .. واذا تم تبادل قصف واطلاق نار فستذهب الخوذ البيضاء والجزيرة واعلام النفط لتصوير المشاهد القاسية وتوزعها للقول ان الجيش السوري يقتل المدنيين والاطفال .. وستقوم آلة دعائية ضخمة في الترويج لذلك في العالم كي ينسى العالم مافعله نتنياهو في غزة وكي تتوقف المظاهرات ضد نتنياهو واسرائيل .. وكي ينسى العالم ان نتنياهو مطلوب بل وتتحرك الماكينة العربية والصهيونية للادعاء على الاسد وتصويره كمجرم حرب بدل نتنياهو حيث لم ننس بكائيات المعارضة ومسرحيات الكيماوي .. وشعارات حلب تحترق .. وأنقذوا حلب ..
ومن يتابع الجزيرة في تغطيتها لاحداث غزوة حلب وانتصارات الثوار وماتسميه (قوات المعارضة السورية) ينتبه انها بدأت مع اعلام المعارضة تتحدث عن قصف الجيش السوري العنيف لادلب .. والتسبب بالكثير من الضحايا .. ونقل صور المباني المتفجرة والانقاض كأنها في غزة ..
طبعا كل من قام بمديح الجزيرة على ادائها الفريد في حرب غزة وتصوير الفظائع الاسرائيلية وفضحها لم يكن يدري انها لاتقدر ان تفعل الا ذلك لان العالم كله كان يتابع مايحدث وان هناك قنوات اخرى تصور المحرقة .. ولكن لم يكن احد يدري ايضا أن الجزيرة ستجمع الكثير من الجمهور وستعيد بناء الثقة مع الجمهور العربي وقد استعادت مصداقيتها في عيون العرب بدماء اهل غزة ودماء مندوبيها .. ومراسليها .. واليوم بعد ان جمعت ماجمعت من ثقة بها .. ستصرف هذه الثقة والجماهيرية في الحرب التي سيطلقها الجيش السوري لتحرير حلب وادلب .. وستصور لنا ماستسميه فظائع الجيش السوري .. ولاأستغرب ان تقتل النصرة المدنيين بوحشية لتصورهم الجزيرة على انهم ضحايا الجيش السوري والاسد .. وهكذا تغسل الجزيرة يدي نتنياهو من دم أطفال غزة مستغلة رصيدها الذي راكمته في غزة .. وتنزع صوره من مظاهرات العالم وتنشر صور الاسد وبوتين ..
وماذا نتوقع من محطة اعلامية نفطية ملوثة بدماء ملايين العرب في الربيع العربي؟؟ وماذا نتوقع من محطة بنتها اسرائيل واميريكا ولم تقم بوقف بثها على الاطلاق بينما تجد انك تعاني وانت تحاول التقاط بث الميادين او المنار او القنوات السورية بين فترة وأخرى .. وفي اوروبة لايمكنك التقاط بث اي محطة او موقع روسي او ايراني ولا فتح موق على الانترنت .. بينما تطل عليك الجزيرة بسهولة في كل مكان ولو كنت تسكن في مناطق الاسكيمو او القطب الجنوبي بين البطريق .. رغم ان الجزيرة يوجه لها نتنياهو واعلامه التهديد والوعيد يتبين ان ذلك هو لرفع اسهمها ليراها العرب الاغبياء اكثر انها جزيرتهم وقناتهم وقرآنهم السياسي الذي لايدخله الباطل .. فنتنياهو يهاجم قرآن العرب وراوي احاديثهم السياسة الشريفة فيتمسك العرب الغوغاء والدهماء بها أكثر .. وفيما اسرائيل تهاجم الجزيرة تتم عملية تقوية بثها رغم أن عملية ايقاف بثها لاتحتاج الا قرارا بسيطا وحصارا وتشويشا .. لكن ياسبحان الله .. فاسرائيل والغرب واميركيا وكل الذكاء الصناعي ورغم ان جاريد كوشنر صهر ترامب الذي منع العرب من ازعاج قطر ابان الازمة السعودية القطرية لم يقدر ان يوقف الجزيرة عن ازعاج اسرائيل؟؟ ولم يقدر احد ان يمنع بث الجزيرة او يضعفه الكترونيا .. فعلماء بني خليفة وخبراء البث فهروا الذكاء الصناعي والقوة الاعلامية الاعلامية للغرب !!
الان صرنا نعرف كيف تمت اللعبة وكيف هو الجزء الثاني من اللعبة .. وكيف تم التنسيق بين نتنياهو واردوغان برعاية امريكية وكيف سيكون الهجوم المعاكس الاعلامي الذي كلفت له الجزيرة وأخواتها .. ففي الجزء الاول من اللعبة أكثر اردوغان من طلبه بلقاء الاسد ورغبته في المصالحة وكان اعلامه يضخ كلاما عن خصومته مع المعارضة والمسلحين لاقناعنا انه بدأ الطلاق معهم .. ولكن شكوكنا كانت قوية لأن التحرك على الارض في ادلب كان تحرك تثبيت الجماعات المسلحة .. والتزويد بالسلاح لايتوقف .. ولذلك لم يقبل السوريون باللعبة التركية .. كلامهم لاينسجم مع مانلاحظه على الارض .. والشروط التركية كانت مثل الشروط الاسرائيلية .. دعونا نتصافح وبعدها نتحدث .. فيما سياسة التتريك وتعويم الليرة التركية وانخراط الشركات التركية في الشمال السوري كانت حركة استيطان ولم يطرأ عليها تعديل او تراجع مما كان يعني ان الاتراك لايفكرون في المغادرة او التسليم فيما هم ينفقون على منطقة سيغادرونها ..
وبعد ان علا صراخ اردوغان عن العلاقات السورية التركية الاخوية والعائلية .. لوحظ ارتفاع في نسبة التهديدات الاسرائيلية في الجنوب السوري بعد اغتيال السيد نصرالله .. وصار التهويل الاعلامي عن قرب احتلال جنوب لبنان والوصول الى دمشق او احداث خرق في جنوب لبنان للوصول الى الحدود السورية اللبنانية ..
ولذلك كان حزب الله ينقل قواته من نقاط تثبيت المواقع في مناطق حلب وانتقلت معه أعداد كبيرة من الجيش السوري للاستعداد لمعركة متوقعة او محتملة في الجنوب السوري .. والتقدير الغالب ان اردوغان على الاقل سينتظر حتى نهاية حرب غزة ليقوم بأي تحرك سياسي او عسكري ..
الاقمار الصناعية الاميركية رصدت التغيير المهم في حجم القوات السورية وحلفائها والذي حصل في الاسابيع الاخيرة .. وقدرت المناطق الرخوة والضعيفة .. وقدمتها للمخابرات التركية التي وزعت بعدها القوات المهاجمة وفق تلك الخرائط ..
تقديرات الحلفاء كانت ان الاتراك يزيدون من تسليح الجماعات المسلحة لانهم على قناعة انه بعد حرب غزة سيباشر السوريون تفعيل طلبهم بتطبيق اتفاقات استانة وتنفيذها بالقوة .. ولكن التحذيرات المقدمة من قبل بعض الضباط في محور المقاومة من ان تركيا قد تحرك هذه الجماعات في اية لحظة لم تقدر ان تقدم براهين كافية لأن الاتراك أغرقوا المنطقة بتصريحات الندم والسعي للمصالحة .. وكان هناك سؤال كبير من ان يقدم اردوغان قبل نهاية مأساة غزة على هذه الحركة التي ستظهره خائنا لدماء غزة .. فهل يغامر هذه المغامرة؟؟ وتبين لاحقا ان اردوغان خرج من حالة التقية السياسية وداس على دماء اهل غزة ونفذ تلك الخدعة اسرائيلية التركية .. وقدم اكبر خدمة لاسرائيل .. لاتحلم بها ..
أي جريمة يرتكبها اردوغان بحق 100 ألف شهيد في غزة لم يقدم لهم قطرة ماء؟؟ .. ولم يزعج خاطر اسرائيل بالطلب من سفيرها بان يأخذ اجازة بعيدا عن تركيا منعا للحرج .. ولكنه لم يفعل .. بل كان فقط يجمع مليون تركي ويعطيهم اعلاما فلسطينية ويثرثر عن اسرائيل المجرمة فيما قوافله النفطية لتل ابيب لم تتوقف وكل مصانع الذخيرة الاسرائيلية كانت أخذ موادها الاولية من السفن التركية حتى وقت قريب عندما كشفت الفضيحة فاضطر الاتراك لاعلان ايقاف السفن التي تحمل تلك المواد رغم انها سرا لم تتوقف ..
هل لايزال غبي يصدق ان اردوغان يحب فلسطين او غزة او يعنيه وجع اهلها وهو يخفي وجهها الدامي بدخان المعارك في شمال سورية؟ أليس مافعل هو أفضل خدمة لنتنياهو .. وتحضيرا لتبرئته من جرائمه ..؟؟
اسرائيل اخرجت من خزانتها اليوم علنا كل أذرعها وكنوزها .. نظام الاردن والممالك العربية ..و اردوغان والمعارضة السورية والتيارات الاسلامية السلفية والاخوان المسلمين والقاعدة .. ولايزال في جعبتها الكثير وخاصة من الاغبياء العرب جماعة الحرية والديمقراطية والاستبداد الذين سيسحقون اهل غزة وهم يأخذون العالم وعيون العالم من غزة الى حلب وادلب ..
لذلك ومن هذه المعرفة فان معركة حلب لايجب ان تستمر طويلا .. ولن تستمر طويلا كي لايتم تحويلها الى نقطة اعلام ودعاية .. والتحرك السريع من قبل المحور ونقل القوات الضخم الى الشمال يوحي ان قرار تحرير المنطقة لن يأخذ وقتا طويلا وسيتم قبل ان تتثبت هذه الجماعات التي ستضرب بعنف وسيتم عزلها في جيوب محاصرة وقطع شرايينها بين حلب و ادلب والاستفادة من خطئها في التمدد السريع والانتشار .. وستكون ادلب في قلب العاصفة القادمة قريبا ..
هذه المعركة لن انها تطول كثيرا لأننا لن نعيد أخطاء الامس .. ولانملك رفاهية الوقت والانتظار .. وماسمعناه عن جدول زمني صارم للتحرير ربما يفسر هذا الفهم لنوع المعركة .. فكما ان عدونا يريد ان ننشغل عنه طويلا في هذه المعركة التي سيستغلها لاعادة عقارب الساعة الى الوراء فاننا سندفع عقارب الساعة الى الامام وبسرعة .. وسنصل الى المستقبل القريب بسرعة في حلب ..
الساعة آتية لاريب فيها .. ورغم ان عقارب الساعة تتصارع بين من يريد تثبيتها أو ارجاعها الى الوراء وبين من يريد دفعها للامام .. ولكن بعد أن عرفنا كيف حركنا عقارب الزمن للامام في معركة تحرير حلب السابقة فلا تستهينوا بخبرتنا في تحريك عقارب الساعة في الاتجاه الذي نريد .. وبالسرعة التي نريد .. اشياء كثيرة تغيرت .. ونذكر الخونة والاتراك بما يقول هيراقليطس (لايمكنك ان تقفز في نفس ماء النهر مرتين) .. ولذلك فاننا نعرف ان المشروع التركي والاسرائيلي لن يقدر ان يقفز في نفس ماء النهر مرتين .. معرفتنا بالنهر تغيرت .. ومعرفتنا بحركة الفيضانات والطوفان تغيرت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
نارام سرجون