في خطوةٍ استباقيةٍ ذات دلالات عميقة، قام حزب الله، قُبيل اندلاع المواجهة الحالية، بالكشف عن منظومتي “عماد 4″ و”عماد 5” الصاروخيتين، اللتين تحتضنان في جوفهما آلاف الصواريخ متعددة القدرات. هذا الإعلان الاستراتيجي حمل في طياته رسالةً واضحةً للخصم، مفادها بأن الترسانة الصاروخية والمسيَّرة للمقاومة تمتلك القدرة على إحداث تحولاتٍ جذرية في ميزان القوى، مشابهةً في ذلك لقُبَّعة ساحرٍ لا تنضب عجائبها.
وفي خضم الأحداث الراهنة، نشهد تجلياتِ هذه الاستراتيجية يومياً على مسرح العمليات، حيث تتوالى المفاجآت التي تذهل الکيان الصهيوني وتربك حساباته.
في المقابل، يسعى الكيان الصهيوني جاهداً لفرض إرادته على الجانب اللبناني من خلال تكثيف غاراته الجوية، وممارسة سياسة التفاوض تحت وطأة النيران، بيد أن حزب الله، وفي إطار استراتيجية مضادة محكمة، يقوم بالكشف التدريجي عن قدراتٍ عسكريةٍ متطورةٍ، أثبتت في الآونة الأخيرة قدرتها على إعادة صياغة معادلات الصراع.
لقد شهدنا تحولاً ملحوظاً في نهج حزب الله، الذي كان في بداية المواجهة يلتزم ضبط النفس، ويمتنع عن استخدام أسلحته الاستراتيجية ضمن قواعد اشتباكٍ محدودة، غير أن اغتيال قادة المقاومة والهجمات واسعة النطاق على الأراضي اللبنانية، دفعت الحزب إلى الشروع في الكشف التدريجي عن أسلحته الاستراتيجية المتقدمة.
وفي هذا السياق، قام حزب الله مؤخراً بإزاحة الستار عن صاروخ “كروز” أرضي متطور وصاروخ دفاع جوي من طراز 358، في خطوةٍ تعكس تصاعد وتيرة المواجهة، وقد أعلن الحزب، عبر تسجيلٍ مصور، عن استهدافه لقاعدة “حتسور” الجوية الواقعة شرق أشدود بصاروخٍ مجنحٍ (كروز) في الأول من شهر آذار/مارس، ما يشير إلى ارتقاء مستوى العمليات العسكرية إلى آفاقٍ جديدة.
قُدرات الترسانة المجهولة لحزب الله
تُمثِّل المنظومات الصاروخية الحديثة، وعلى رأسها صواريخ الكروز المتطورة ومنظومة الدفاع الجوي 358، نافذةً استثنائيةً على عالمٍ من الأسلحة المبتكرة والمجهولة في الترسانة العسكرية لحزب الله.
وعلى الرغم من ندرة المعلومات التفصيلية حول هذه التقنيات الحربية المتقدمة التي أُدخِلت حديثاً في معادلة الصراع، فإن المشاهد البصرية التي كشف عنها حزب الله لعمليات اعتراض وتدمير الطائرات المسيَّرة الإسرائيلية، تُظهر قدرات تدميرية فائقة تتفوق على – أو على الأقل تُضاهي – منظومة “القبة الحديدية” الشهيرة.
تتميز صواريخ الكروز الجديدة التي أماط حزب الله اللثام عنها، بقدرتها الفريدة على التحليق على ارتفاعات شديدة الانخفاض، ما يجعلها تتسلل عبر شبكات الرصد والاعتراض التابعة لمنظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، وهذه الخاصية تمنحها القدرة على الوصول إلى أهدافها بدقة متناهية، وتدميرها تدميراً شاملاً.
وفي ظل الفراغ الاستراتيجي الناجم عن غياب قوة جوية فاعلة في صفوف الجيش اللبناني، نجح حزب الله في تحويل الأجواء اللبنانية إلى منطقة محظورة فعلياً على الطائرات المعادية، وقد حققت منظومة الدفاع الجوي 358 نجاحات باهرة في فترة وجيزة، متمكنةً من إسقاط عشرين طائرة مسيَّرة إسرائيلية، ما يُشكِّل تحدياً جدياً للتفوق الجوي الإسرائيلي المزعوم في المنطقة.
بيد أن صواريخ الكروز ومنظومات الدفاع الجوي، لا تُمثِّل سوى الطبقة السطحية من القدرات الصاروخية المتنامية لحزب الله، فقد كشف المركز الإعلامي للمقاومة الإسلامية اللبنانية في الثالث والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، النقاب عن صاروخ “فادي 6” المتطور، ووفقاً للمواصفات المُعلنة، يتميز هذا الصاروخ بمواصفات تقنية متقدمة تشمل قطراً يبلغ 302 ملم، ورأساً حربياً بوزن 140 كيلوغراماً، ومدى يصل إلى 225 كيلومتراً، بوزن إجمالي قدره 650 كيلوغراماً.
يُصنَّف “فادي 6” كصاروخ تكتيكي أرض-أرض عالي الدقة، مُصمَّم خصيصاً لتوسيع نطاق العمليات العسكرية في عمق الأراضي المعادية، ويتميز بمرونة تشغيلية عالية تتيح إطلاقه من منصات ثابتة ومتحركة على حد سواء، معتمداً على تقنية الوقود الصلب المركب المتطورة، وقد دخل هذا الصاروخ الخدمة الفعلية في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، مُضيفاً بُعداً جديداً للقدرات الهجومية لحزب الله.
وتجدر الإشارة إلى أن الصواريخ العاملة بتقنية الوقود الصلب، تُعدّ من أكثر الأسلحة تطوراً على الصعيد العالمي، حيث تقتصر تكنولوجيا تصنيعها على عدد محدود من القوى العسكرية العظمى.
في إطار تحول استراتيجي بارز، كشف حزب الله النقاب عن منظومات صاروخية متقدمة، مُعيداً بذلك تشكيل معادلات القوة في المنطقة، وفي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، أماط الحزب اللثام، عبر تسجيل مصور دقيق، عن خصائص صاروخه الجديد “جهاد 2″، الذي أثبت فعاليته الميدانية في استهداف مواقع الجيش الإسرائيلي.
يتميز هذا الصاروخ الأرضي، المعتمد على تقنية الوقود الصلب المتطورة، برأس حربي ذي قدرة تدميرية عالية يزن 250 كيلوغراماً، ومدى تكتيكي يصل إلى 20 كيلومتراً، ما يمنحه مرونةً عملياتيةً فائقةً في ساحات القتال المعاصرة.
وفي تطورٍ لافت، نجحت صواريخ “فاتح 110” قصيرة المدى، في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، في اختراق عدة طبقات من منظومات الدفاع الصاروخي الإسرائيلية المتطورة، مستهدفةً بدقة متناهية قاعدة “تسرفين” العسكرية – المركز الحيوي للتدريب والتعليم العسكري الإسرائيلي – في عمق الأراضي المحتلة. وهذا الاختراق النوعي يشكّل تحدياً جوهرياً لمفهوم التفوق الدفاعي الإسرائيلي، الذي طالما تغنت به تل أبيب.
يُعدّ “فاتح 110” نموذجاً متقدماً للصواريخ الباليستية قصيرة المدى، إذ يمتاز بأبعاد هندسية دقيقة تبلغ قرابة 9 أمتار طولاً، ووزن إجمالي يصل إلى 3.5 أطنان، مع قدرة على تغطية مدى استراتيجي يصل إلى 300 كيلومتر، ويحمل هذا الصاروخ رأساً حربياً ذا قدرة تدميرية هائلة بوزن 500 كيلوغرام، مع دقة استثنائية في الإصابة لا يتجاوز هامش خطئها 10 أمتار.
ووفقاً للتصريحات الرسمية الصادرة عن المركز الإعلامي الحربي لحزب الله، فإن “فاتح 110” يُصنّف كصاروخ فائق الدقة من فئة أرض-أرض، يتميز بمرونة تشغيلية عالية تتيح إطلاقه من منصات ثابتة أو متحركة، معتمداً على تكنولوجيا الوقود الصلب المتطورة.
لقد شهد الشهر المنصرم استخداماً مكثفاً لهذه المنظومات الصاروخية المتطورة في استهداف مواقع استراتيجية عميقة داخل الأراضي المحتلة، مُلحِقةً أضراراً بالغةً بمراكز حضرية وعسكرية حيوية مثل تل أبيب وحيفا والجليل، وهذا النجاح الميداني الملموس، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك التفوق النوعي للقدرات العسكرية لحزب الله على منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية المعقدة، وهو تفوق يُرجَّح أن يتعاظم مع استمرار المواجهة، والكشف التدريجي عن المزيد من القدرات العسكرية المبتكرة.
عنصر المفاجأة في الخطاب العسكري لحزب الله
على الرغم من الإقرار المتواتر من قِبَل الكيان الصهيوني بالقدرات الصاروخية لحزب الله في الفترة السابقة لاندلاع المواجهات، إلا أن تقديراتهم افتقرت إلى الدقة في تحديد حجم الترسانة العسكرية للمقاومة، فقد استندت تصريحاتهم على محض التكهنات والفرضيات، مع تقييم تقريبي للإمكانيات العسكرية.
وبناءً على هذا التقدير النسبي، راهنوا على قدرتهم في تحييد القدرات الهجومية للمقاومة خلال فترة وجيزة، عبر شنّ غارات جوية مكثفة تستهدف منصات إطلاق الصواريخ، بالتزامن مع استهداف شبكة القيادة العليا، في محاولة لتجريد حزب الله من قوته الضاربة في المراحل الأولى من المواجهة.
بيد أن حزب الله قلب المعادلات الاستراتيجية بالكشف عن منظومات تسليحية متطورة تجاوزت كل التوقعات الصهيونية، مؤكداً احتفاظه بعنصر المباغتة كورقة استراتيجية في مواجهة العدو، ما أفقد خبراء الاستراتيجية العسكرية الصهيونية القدرة على استشراف مسار المواجهات وتطوراتها.
وکما أسلفنا، في خطوة استباقية قبيل اندلاع المواجهات، كشف حزب الله النقاب عن المجمعات الصاروخية المتطورة “عماد 4” و”عماد 5″، التي تضم في جعبتها آلاف الصواريخ متعددة القدرات والمهام، موجّهاً رسالةً استراتيجيةً مفادها بأن ترسانته من الصواريخ والطائرات المسيّرة تمثّل مصدراً لا ينضب من المفاجآت الاستراتيجية، وها هي هذه المنظومة المتطورة تواصل تقديم عروض قوتها يومياً على مسرح العمليات، مزلزلةً حسابات الکيان الصهيوني وتقديراته.
إن استراتيجية الحفاظ على القدرات الصاروخية في خضم العمليات العسكرية، وتحديد معايير وقف إطلاق النار، تكتسي أهميةً جيوستراتيجيةً فائقةً، وفي هذا السياق، تبرز المنشآت تحت-الأرضية المتطورة لحزب الله، بما تشمله من مجمعات تخزين ومنصات إطلاق، كعنصر محوري في هذه الاستراتيجية، إذ تتيح هذه المنظومة المتكاملة القدرة على حفظ وإطلاق الصواريخ، مع تقليص احتمالات رصدها وتدميرها من قبل سلاح الجو الصهيوني إلى حدودها الدنيا.
فمن خلال نشر الصواريخ في شبكة معقدة من التحصينات تحت-الأرضية المتينة، يُعقِّد حزب الله المهام الاستخباراتية للكيان الصهيوني في مجالات الرصد والاستهداف والتدمير، وعبر إنشاء المدن الصاروخية المتطورة وتأمين البنى التحتية الحيوية ومستودعات الذخيرة ومراكز القيادة والسيطرة، نجحت المقاومة في تحييد التفوق الجوي الاستراتيجي للکيان، وتقييد قدراته في جمع المعلومات الاستخباراتية حول قدرات المقاومة وإمكاناتها.
وفي المحور الموازي، يُشكّل تفعيل منظومة الدفاع الجوي المتطورة أداةً استراتيجيةً لمنظومة الردع ضد الكيان الصهيوني، فالعقيدة العسكرية لتل أبيب، تستند بشكل رئيسي على التلويح بشن هجمات جوية واسعة النطاق ضد لبنان، وعليه، فإن نجاح حزب الله في إثبات قدراته على تحييد سلاح الجو الإسرائيلي، سواء عبر إسقاط الطائرات المعادية أو تقييد حرية حركتها في الأجواء، من شأنه أن يُقوِّض الاستراتيجية العسكرية الصهيونية، ويردع الکيان عن المغامرة بشن عمليات عسكرية واسعة النطاق.
المفاجآت المتصاعدة في استراتيجية حرب الاستنزاف
كشف حزب الله النقاب عن ترسانة أسلحة متطورة وتوسيع نطاق عملياته العسكرية لتطال أعماق الأراضي المحتلة، ما يُبرهن بشكل قاطع على استعداده الفائق لخوض صراع طويل الأمد، وقد صاغ استراتيجيته العسكرية بدقة متناهية، مستنداً إلى إدراكه العميق لنقاط ضعف الکيان الصهيوني في مواجهة حرب الاستنزاف.
تتمحور الركائز الأساسية لاستراتيجية حرب الاستنزاف حول المحاور التالية:
إنهاك القوات البرية المعادية عبر استهداف ممنهج لتكبيد العدو خسائر بشرية فادحة، وإحباط محاولات الترسيخ العسكري من خلال منع العدو من تثبيت وجوده في المواقع الحدودية المحتلة، وتقويض البنية التحتية الحيوية عبر توجيه ضربات مؤثرة للمنظومة الاقتصادية واللوجستية للكيان، مع التركيز على المراكز التجارية الاستراتيجية، ولا سيما الموانئ، كذلك استغلال الثغرات الاستراتيجية من خلال الاستفادة القصوى من افتقار العدو للعمق الاستراتيجي، وتوسيع رقعة الاضطراب الأمني عبر إشعال فتيل الأزمة الأمنية تدريجياً في عموم الأراضي المحتلة عبر هجمات صاروخية ومسيّرة دقيقة، وتهدف هذه الاستراتيجية المحكمة، إلى تحييد التفوق العسكري والتقني واللوجستي الظاهري للکيان.
وقد بدأت ثمار هذه الاستراتيجية تؤتي أُكلها بوضوح جلي، فبعد التهديدات الصهيونية المتغطرسة باغتيال السيد حسن نصر الله في بداية المواجهة، وبعد انقضاء شهرين على اندلاع الصراع، تصاعدت موجة الانتقادات الحادة ضد الحكومة الإسرائيلية لإخفاقها الذريع في الوفاء بوعودها بإعادة النازحين إلى مدن الشمال.
وتشير التقارير الموثوقة إلى أن قادة تل أبيب قد لجؤوا مضطرين إلى الولايات المتحدة، متوسلين مساعدتها العاجلة في إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، في محاولة يائسة لانتشال كيانهم من المستنقع الذي أوقعوا أنفسهم فيه بأيديهم.
يدرك نتنياهو ودائرته الضيقة، أن خوض معركة ممتدة مع حزب الله في ظل تعدد الجبهات المشتعلة ضد الكيان، سيُكبِّد تل أبيب خسائر فادحة تتجاوز قدراتها الاحتمالية، فالقصف الصاروخي المُحكم والمتواصل الذي ينفذه حزب الله، والذي يستهدف يومياً عشرات المستوطنات الصهيونية، قد أحدث شرخاً عميقاً في النسيج الحياتي للمستوطنين، مُجبِراً إياهم على الانكفاء القسري في الملاجئ لساعات طويلة.
وتكشف التقارير الواردة من المسؤولين المحليين في حيفا، عن تحوّل دراماتيكي في المشهد الحضري للمدينة، حيث باتت تُعرف بـ “مدينة صواريخ حزب الله”، ما أفضى إلى شلل تام في الحركة الاقتصادية، وإغلاق شامل للمنشآت الصناعية، وتوقف النشاط التجاري في كل القطاعات، ونزوح جماعي لأكثر من نصف السكان نحو مناطق أكثر أمناً.
وفي تطور لافت، وجّه الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، رسالةً حاسمةً في خطابه الأسبوع المنصرم، مؤكداً الجهوزية التامة لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد، وشدّد على معادلة ردعية واضحة وهي أن أي استهداف لبيروت سيُقابَل بضربة موجعة في عمق تل أبيب، مؤكدا أن الکيان محاصر في دائرة النيران المحكمة للمقاومة.
وفي سياق متصل، فإن استمرار المواجهة في الساحة اللبنانية قد أفضى إلى تصعيد نوعي في عمليات محور المقاومة، حيث نشهد تصاعد وتيرة العمليات النوعية للمقاومة العراقية، وتعاظم الدور الاستراتيجي لحركة أنصار الله اليمنية.
فقد نجحت أنصار الله، على مدار العام المنصرم، في توجيه ضربة استراتيجية للعمق الاقتصادي الصهيوني من خلال فرض حصار بحري محكم، وتعطيل حركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وإرباك المنظومة التجارية والاقتصادية للكيان، وتشير التقديرات الاستراتيجية إلى أنه في حال استمرار هذا المسار التصاعدي، فإن الكيان الصهيوني سيواجه تحديات وجودية غير مسبوقة، تتجاوز في حدتها وتأثيرها كل السيناريوهات المتوقعة.
إضعاف معنويات العدو
يتبنى حزب الله استراتيجيةً محكمةً في الكشف التدريجي عن منظومته العسكرية المتطورة، مستهدفاً تحقيق النصر في ساحة الحرب النفسية والإعلامية – تلك الساحة التي تتكامل بصورة وثيقة مع المواجهة العسكرية، وتؤثر في مساراتها تأثيراً بالغاً.
ولعل اغتيال الكيان الصهيوني للشهيد محمد عفيف، الناطق الرسمي لحزب الله، يُجسّد بوضوح المكانة المحورية والتأثير العميق للمعركة الإعلامية، التي أظهر فيها حزب الله براعةً استثنائيةً في إدارتها.
وفي مشهد متكرر، كلما سعت القيادات الصهيونية إلى تهدئة هواجس المستوطنين الأمنية عبر الترويج لمزاعم تحجيم قدرات المقاومة، يُباغتهم حزب الله بعمليات نوعية معقدة، مصحوبةً بالكشف عن منظومات تسليحية متقدمة، ما يُقوّض المنظومة الدعائية الصهيونية بأكملها.
وتكشف أحدث الاستطلاعات في الكيان المحتل عن حقيقة صادمة: 82% من المستوطنين يرون استحالة توفر الظروف الأمنية الملائمة لعودة سكان المناطق الشمالية إلى مساكنهم.
وقد أفضت حالة الإحباط واليأس المتفاقمة لدى المستوطنين – جراء الحروب المتلاحقة – إلى انهيار ثقتهم في قياداتهم، وفي هذا السياق، كشف استطلاع للرأي – بثته القناة 12 الصهيونية يوم السبت الماضي – أن نحو 64% من المستوطنين فقدوا ثقتهم في أداء حكومة نتنياهو في إدارة الأراضي المحتلة خلال المواجهة الراهنة. ويُحمّل المستوطنون نتنياهو المسؤولية المباشرة عن تأجيج الأزمات في الأراضي المحتلة، متهمين إياه بتعريض أمنهم للخطر سعياً وراء مصالحه الشخصية، في ظل احتجاجات يومية متواصلة ضد حكومته.
کذلك، تتجاوز المأساة الراهنة حدود معاناة المستوطنين، لتطال أركان المؤسسة العسكرية الصهيونية، حيث يواجه جنودها أزمةً نفسيةً غير مسبوقة، فالتقارير الواردة عن الحالة النفسية للعائدين من جبهات القتال في لبنان، تكشف عن معاناة آلاف الجنود من اضطرابات نفسية وعقلية عميقة، ما أدى إلى رفضهم القاطع للعودة إلى ميادين المواجهة.
وفي تقرير مثير للقلق نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم الجمعة المنصرم، تم تسليط الضوء على الوضع النفسي المتدهور للجنود المصابين باضطراب ما بعد الصدمة جراء الصراعات في غزة ولبنان، وكشف التقرير عن حقيقة صادمة وهي إقدام ما لا يقل عن ستة جنود صهاينة على الانتحار خلال الأشهر الأخيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المنتحرين كانوا من بين الجنود الذين خاضوا معارك طويلة ومريرة في غزة ولبنان، مؤكدةً أن هذه الإحصائيات لا تعكس حجم المأساة الحقيقي، إذ تتعمد القيادة العسكرية التكتم على الأرقام الفعلية، ومحاولات الانتحار المتكررة في صفوف جنودها.
وفي سياق متصل، كشف تقرير صادر عن مكتب إعادة التجنيد في وزارة الحرب الصهيونية – نقلته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” – عن حقائق مروعة: نحو 5200 جندي، أي ما يعادل 43% من المصابين في مراكز التأهيل، يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وتشير التوقعات إلى احتمال خضوع ما يقارب 100 ألف شخص للعلاج النفسي، مع استمرار معاناة ما لا يقل عن نصفهم من اضطراب ما بعد الصدمة حتى عام 2030.