مقالات مشابهة

من غزة إلى لبنان.. المجرم واحد وبنك الأهداف هو المستشفيات والبنى التحتية الصحية

تواصل قوات الكيان الإسرائيلي تنفيذ هجمات ممنهجة على المستشفيات والطواقم الطبية في قطاع غزة وجنوب لبنان، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية الصحية وإحداث أزمة إنسانية غير مسبوقة. وتأتي هذه الاعتداءات في إطار سياسة منهجية تهدف إلى شلّ الخدمات الصحية وزيادة معاناة السكان المدنيين.

الوضع الكارثي في مستشفيات غزة

تشهد مستشفيات قطاع غزة أزمة غير مسبوقة نتيجة الحصار الخانق الذي فرضه الكيان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن معظم المستشفيات باتت على شفا الانهيار بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.

مستشفى كمال عدوان في شمال غزة يمثل نموذجاً لمعاناة النظام الصحي. فقد استُهدف المستشفى مرات متعددة بالقصف المباشر، مما أدى إلى تدمير مولداته الكهربائية وإلحاق أضرار جسيمة بخزانات المياه. ويعمل المستشفى حالياً بحدود إمكاناته الدنيا، بينما يواجه المرضى والأطباء خطر الموت تحت الأنقاض أو بسبب انعدام الخدمات الطبية الأساسية.

دكتور حسام أبوصفية، مدير المستشفى، أكد أن الهجمات المتكررة تُظهر استهدافاً متعمداً للطواقم الطبية والبنية التحتية، وهو ما يُعد انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية.

استهداف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف

لم تسلم الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف في غزة من الهجمات. وأفاد محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في القطاع، بأن الكيان الإسرائيلي يتعمد استهداف الفرق الطبية بهدف شلّ النظام الصحي بالكامل. ويؤكد المسؤولون أن هذه الاعتداءات تهدف إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وإجبار السكان على النزوح القسري

الوضع في لبنان: استهداف مستشفى دار الأمل

في لبنان، لم تقتصر هجمات الكيان الإسرائيلي على المناطق السكنية، بل امتدت لتشمل المستشفيات والمرافق الصحية. وأدى استهداف مستشفى دار الأمل في بعلبك-الهرمل إلى استشهاد مدير المستشفى، الدكتور علي ركان علام، وستة من أفراد الطواقم الطبية.

وزارة الصحة اللبنانية وصفت هذا الهجوم بأنه جزء من سياسة عدوانية ممنهجة تهدف إلى تدمير البنية التحتية الصحية وإضعاف قدرة الشعب اللبناني على الصمود.

خلال العام الأخير، تعرضت المستشفيات في غزة ولبنان لاعتداءات متكررة من قبل الكيان الإسرائيلي، مما أثار قلقاً واسعاً منظمات حقوقية وإنسانية:

في غزة:

– أكتوبر 2023: استهدف القصف الإسرائيلي عدة مستشفيات، بما فيها مستشفى الأهلي العربي ومستشفى الشفاء. تعرضت الأخيرة لحصار وقصف مكثف، مما أدى إلى محاصرة آلاف المرضى والمدنيين داخله دون توفير الخدمات الأساسية. كما استُهدفت سيارات الإسعاف ومنع دخول الإمدادات الطبية بحجة مزاعم استخدام المستشفيات كقواعد عسكرية، وهو ما رفضته المنظمات الدولية​

– أكتوبر 2023: تعرض مستشفى المعمداني في مدينة غزة لقصف مروع من قبل الكيان الإسرائيلي، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 500 شخص، بينهم مرضى، مرافِقون، وطواقم طبية، إضافة إلى عائلات لجأت إلى المستشفى هرباً من القصف المتواصل على مناطق أخرى في القطاع. هذا الهجوم أثار إدانة واسعة النطاق دولياً ووصفته منظمات حقوقية بأنه جريمة حرب.

– نوفمبر 2023: دُمّر المستشفى الإندونيسي جزئياً نتيجة انقطاع الكهرباء بسبب القصف، مما اضطر الطواقم الطبية للعمل تحت أضواء المصابيح اليدوية لعلاج المصابين. تسبب ذلك في وفاة العديد من المرضى بسبب نقص التجهيزات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المرافق​

في لبنان:

– سبتمبر 2024: استهدفت 23 منشأة طبية منذ بداية النزاع في الجنوب اللبناني. قُتل 72 شخصاً من العاملين الصحيين والمرضى، وأغلقت عشرات المرافق الصحية، خاصة في المناطق الجنوبية، بسبب الأضرار الهيكلية الناتجة عن القصف المكثف​

– أكتوبر 2024: أجبرت الظروف المتفاقمة النظام الصحي اللبناني على إخلاء خمسة مستشفيات بشكل كامل وخمسة أخرى جزئياً، مع إحالة الحالات الحرجة إلى مستشفيات أخرى. تعاني مراكز غسيل الكلى وأقسام الأورام من نقص الموارد، بينما تعمل الفرق الطبية تحت ضغط شديد لتلبية الاحتياجات المتزايدة​

التداعيات الإنسانية والاجتماعية

الاعتداءات الإسرائيلية على المستشفيات والبنى الصحية أدت إلى أزمة إنسانية حادة. في غزة، يواجه المرضى خطر الموت بسبب انعدام الخدمات الطبية والأدوية. وفي لبنان، تسببت الهجمات في شلل الخدمات الصحية، مما يعوق معالجة المصابين وتقديم الرعاية الأساسية.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكدت أن استهداف المستشفيات يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي، داعيةً إلى وقف فوري لهذه الهجمات وضمان حماية الطواقم الطبية

الوضع الصحي للأطفال في قطاع غزة يمر بأزمة غير مسبوقة جراء استمرار الحصار وتصاعد النزاع. أكثر من 1.1 مليون طفل مهددون بسبب سوء التغذية الحاد، الأمراض المعدية، ونقص المياه النظيفة والغذاء، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كارثي.

– يعاني 90% من الأطفال دون سن الخامسة من مرض معدٍ واحد أو أكثر، مثل الإسهال الذي ارتفع بمعدل 23 ضعفًا مقارنة بعام 2022.

– وصلت معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في شمال غزة إلى 15.6%، وهو مستوى يُعدُّ غير مسبوق عالميًا، في حين كان أقل من 1% قبل النزاع.

– حوالي 95% من النساء الحوامل والمرضعات و90% من الأطفال دون السنتين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث يتناولون وجبات ذات قيمة غذائية منخفضة للغاية.

– تعاني المستشفيات القليلة العاملة من ضغط هائل، حيث تركز على علاج الإصابات الناتجة عن النزاع، مما يؤدي إلى تقصير في علاج تفشي الأمراض أو حالات سوء التغذية.

– محدودية المياه النظيفة تجعل الأسر تعتمد على أقل من لتر واحد للشخص يوميًا، في حين أن المعايير الإنسانية تشير إلى ضرورة توفير 3 لترات على الأقل للشرب فقط، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض بسبب تدني مستويات النظافة.

المساعدات الإنسانية

المنظمات الدولية مثل اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي تبذل جهودًا لتوصيل الإمدادات الأساسية مثل الأغذية المتخصصة والمياه النظيفة والمكملات الغذائية. إلا أن هذه الجهود تواجه عقبات بسبب الحصار المستمر وصعوبة الوصول الإنساني إلى القطاع​

الوضع يتطلب استجابة دولية فورية وشاملة لتجنب كارثة أكبر تهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال في غزة.

ردود الفعل الدولية

أدانت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الاعتداءات المتكررة للكيان الإسرائيلي على المستشفيات والمرافق الطبية. وطالبت بفتح ممرات إنسانية عاجلة لتأمين وصول المساعدات الطبية وضمان سلامة المدنيين والطواقم الطبية في المناطق المتضررة.

دعوة للتحرك العاجل

الوضع الكارثي في غزة ولبنان يتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي. يجب وقف الهجمات الوحشية للكيان الإسرائيلي وتأمين وصول الإمدادات الطبية والوقود إلى المناطق المحاصرة.

الشعبان الفلسطيني واللبناني يواجهان كارثة إنسانية غير مسبوقة، ويحتاجان إلى تضامن دولي عاجل لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة التي تفاقمت نتيجة هذه الاعتداءات المنهجية