المقاومة تُحكم قبضتها على جباليا.. تكتيكات عسكرية تُربك “الاحتلال الإسرائيلي” وترسم معالم جديدة في معركة جباليا

180

على الرغم من التدمير الممنهج الذي يتبعه العدو الصهيوني في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال قطاع غزة والمناطق المحيطة به، تحوّل مُخيم جباليا إلى مصيدة حقيقية لقوات العدو، في ظل الهجوم الصهيوني البري المتواصل للشهر الثاني على التوالي.

وخلال 24 ساعة فقط نفذت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) 10 كمائن وهجمات على قوات الاحتلال الإسرائيلي معظمها في جباليا، في مؤشر واضح على شراسة المقاومة في شمالي قطاع غزة.

وتنوعت عمليات القسام بين استهداف دبابات ميركافا وجرافات عسكرية من طراز “دي-9” بعبوات ناسفة وقذيفة التاندوم وقذائف “الياسين 105″، إضافة إلى قنص جندي واستهداف قوة راجلة بقذيفتين مضادتين للأفراد، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.

ويحاول العدو الصهيوني منذ أكثر من شهر تهجير سكان شمال قطاع غزة قسراً، من خلال فرض حصار مُشدد وتدمير واسع للمنازل والمباني، مانعاً الدخول والخروج إلا عبر حواجز أقامها لتفتيش النازحين لغزة وإلى الجنوب، وسط استخدام سلاح التجويع والتدمير للضغط على الأهالي ودفعهم لترك منازلهم والنزوح جنوباً.

تكتيكات المقاومة

وتنتهج المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها، وعلى رأسها كتائب القسام، تكتيكات عدة في مواجهة التوغل الكثيف لقوات العدو في مناطق شمال قطاع غزة، لتلقين العدو الصهيوني دروساً لا تُنسى، من بين هذه التكتيكات، تفخيخ المنازل ونسفها باستخدام مواد متفجرة من صواريخ لم تنفجر، بالإضافة إلى الاعتماد على المقذوفات المحمولة مثل قاذف (الياسين) و(آر بي جي) و(التاندوم)، وأيضاً العبوات الناسفة المصنعة محلياً.

وتعتمد المقاومة الفلسطينية في مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا على التشكيلات العسكرية صغيرة العدد التي يطلق عليها “الزُّمر”، وهي مجموعات تتراوح بين خمسة إلى سبعة أفراد يمتلكون مهارات في القنص والرماية والهندسة، وتعمل هذه الخلايا على استهداف قوات العدو في محاور القتال عبر استدراجها لكمائن ثم مهاجمتها بشكل عنيف ومركز.

التصعيد العسكري

وبثت كتائب القسام، اليوم الأربعاء، مشاهد من التحام مقاتليها مع جنود وآليات العدو الصهيوني في محور التوغل وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة. تضمنت المشاهد استهداف قوة صهيونية متحصنة بأحد المنازل قرب مستشفى اليمن السعيد، وتفجير عبوة جانبية بدبابة “ميركافا” قرب مفترق البراوي، بالإضافة لمراحل التحضير لـ”كمائن الموت”.

كما تمكن مقاومو القسام من تفجير ناقلة جند صهيونية بعبوة شواظ أرضية، قرب مفترق البراوي، وسط مخيم جباليا شمال القطاع. ونشرت كتائب القسام صورا تظهر استيلائها على طائرة مُسيّرة صهيونية من طراز “كواد كابتر” خلال قيامها بمهمة استخبارية وسط مخيم جباليا يوم السبت الماضي.

وقد نفذ مقاتلو القسام 121 هجوما عسكريا على قوات الاحتلال، رغم الحصار الإسرائيلي الخانق والقصف العنيف الذي لا يتوقف ليلا ونهارا، وانتشار أسراب من الطائرات المسيرة في سماء المنطقة والتي تطلق النار على كل من يتحرك.

حصيلة الخسائر

وأعلنت كتائب القسام عن إيقاع عشرة جنود صهاينة بين قتيل وجريح، إثر كمين نصبته لهم بمنطقة جباليا شمال قطاع غزة، قائلة: إنها “فجرت منزلا بحي القصاصيب في جباليا بعبوة شديدة الانفجار فور دخول عشرة جنود صهاينة إليه عصر الاثنين”. تزامن إعلان هذا الاستهداف مع إقرار جيش العدو الصهيوني بمصرع أربعة من جنوده خلال معارك في جباليا.

ولاحق مقاتلو القسام جنود الاحتلال في أزمة مخيم جباليا عبر سلسلة من الكمائن المركبة وعمليات القنص والاشتباك المباشر وتفجير المنازل التي تحصنوا بها، إضافة إلى تفجير عيون أنفاق بهم واستهدافهم بالقذائف المضادة للجنود والتحصينات.

كما نجحوا في اغتيال العقيد إحسان دقسة قائد اللواء 401 مدرع الإسرائيلي. وبخصوص الآليات العسكرية، أصابت القسام 42 دبابة ميركافا و25 ناقلة جند و24 جرافة عسكرية و3 جيبات همر، بعد استهدافها بقذائف “الياسين 105” والعبوات الناسفة وقذائف التاندوم.

وسمحت الرقابة العسكرية بنشر أسماء 787 جنديا وضابطا إسرائيليا قتلوا منذ بداية الحرب على قطاع غزة، بينهم 373 جنديا وضابطا إسرائيليا قتلوا منذ بداية التوغل البري يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كذلك قتل في حوادث تشغيلية وعملياتية ونيران صديقة 56 جنديا وضابطا.

واعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بإصابة 5325 عسكريا بجروح متفاوتة منذ بداية الحرب، في حين بلغت حصيلة الإصابات في صفوف الجيش منذ بداية التوغل البري بالقطاع 2420 إصابة.

توثيق الدمار

ووثقت مقاطع فيديو وصور على مدار عام كامل من الحرب الصهيونية دماراً واسعاً ألحقه العدو الصهيوني بالأحياء السكنية والمساجد والمدارس في غزة. أحدث توثيق كان صورة جوية لمخيم جباليا، تُظهر مسح المربعات السكنية وحجم الإبادة التي يتعرض لها المخيم.

و لاقى هذا المشهد انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل مغردون فلسطينيون وعرب مع الصورة التي تُظهر سُحباً كثيفة من الدخان تغطي المنطقة بالكامل، مما يوحي بأن المنطقة قد تحولت إلى رماد. كتب الداعية الفلسطيني جهاد حلس على منصة “إكس”: “هذه ليست القنبلة النووية التي سقطت على هيروشيما، هذه مدينة جباليا التي تباد الآن على مرأى ومسمع العالم أجمع”.

و يُعد مُخيم جباليا أحد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في القطاع، حيث أنشئ بمحاذاة بلدة جباليا بعد نزوح آلاف الفلسطينيين إليها قادمين من قرى ومدن جنوب فلسطين عقب النكبة عام 1948. تاريخياً، كان للمخيم أثر كبير في العمل الوطني والثوري الفلسطيني، حيث كانت شرارة انتفاضة الحجارة من المخيم في الثامن من ديسمبر 1987.

ومنذ الخامس من أكتوبر 2024، يتعرض مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا وبعض مناطق بيت حانون لحصار صُهيوني مطبق، ما تسبب في استشهاد أكثر من ألف فلسطيني وإصابة الآلاف، إضافة إلى التجويع وعمليات النسف والإبادة التي تجري في المنطقة.

وبدعم أمريكي، يشن العدو الصهيوني منذ السابع من أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على عشرة آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مصدروكالة سبأ + المشهد اليمني الأول

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا