مناورة ‘لِيُسَوِّءُوا وُجُوهَكُمْ’.. ملحمةٌ يمنية على أمواج البحر ورمال البر

142

بإبداع عسكري واستعراض استثنائي، تجلت مناورة “لِيُسَوِّءُوا وُجُوهَكُمْ” التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية كعملية عسكرية، نسجت خيوطها بعناية واحتراف بين أمواج البحر ورمال البر. وكأنها تروي ملحمة من التخطيط الاستراتيجي العميق والمهارة الميدانية العالية، حَيثُ تداخلت فيها عناصر الأرض والبحر والمدينة، فبدت كلوحة حربية متقنة تروي قصة الاستعداد الشامل لكل طارئ.

مناورةٌ قدَّمت عرضًا حقيقيًّا يلامس واقع الحروب المعاصرة متعددة الأبعاد، بدءًا من أعماق البحر وُصُـولًا إلى شواطئه، ومن ثم خوض غمار حرب المدن بتفاصيلها المعقدة ومفاجآتها غير المتوقعة، معلنةً بذلك عن قدرة قتالية شاملة؛ وكأن لسان حالها يقول للعالم: “نحن هنا، في أتم الجاهزية، نواجه كُـلّ تحدٍّ قد يُفرض علينا بصلابة وعزيمة”.

وقد تألقت المناورة بلمسات احترافية جمعت بين التكتيك المتطور والأسلحة المبتكرة. وبدت كملحمة قتالية متناغمة تجمع بين هجوم البحر وضراوة البر، في مشهد أشبه برقصة “البرع” اليمنية التي تتناغم فيها الخطوات بإيقاع محسوب وإتقان مهيب.

وفي عمق هذا المشهد المتقن، تبدو المعادلة الاستراتيجية للقوات اليمنية واضحة لا لبس فيها: “كل تحَرّك عدائي سيُقابل بِــ رَدٍّ صارم لا يرحم”.

ولم تكن المناورة مُجَـرّد عرضٍ للقوة أَو اختبارًا لمعدات الحرب، بل كانت تجربةً عسكرية متكاملة، تفيض بدقةٍ وتنسيقٍ ينبعان من فهمٍ عميقٍ لأسس التخطيط والتنفيذ. إنها أشبه بلوحةٍ فنية استراتيجية، نقشتها يدٌ خبيرةٌ وواعية؛ فكل خطوة فيها، وكل حركةٍ مدروسة، بمثابة نبض في قلب هذه المعادلة العسكرية الرائدة، حَيثُ يلتقي التخطيط المحكم مع الاستجابة السريعة، ويندمج الثبات مع مرونة التنفيذ، ليشكلا معًا رسالةً عسكريةً قوية فحواها أن هذه القوات ليست على أهبة الاستعداد فحسب؛ بل جاهزة لردع كُـلّ تهديد بمهارةٍ لا يشوبها التردّد.

ولقد أظهرت القوات المسلحة مستوى استثنائيًّا من الجاهزية، وقدرة عالية على الردع والمواجهة، مقرونة باستعداد وجهوزية للتصدي لأي تهديد مهما بلغت شدته أَو تعقيده.

وما يميز هذا الأداء العسكري الباهر لقواتنا المسلحة في المناورة أنه لم يقتصر على حدود التدريب التقليدي، بل تحول إلى عرض حي ينبض بالاحترافية ويجسد التطور الكبير الذي بلغته في أساليبها القتالية وقدراتها الهجومية والدفاعية، بالإضافة إلى امتلاك الأسلحة المتقدمة المصنعة محليًّا التي تعكس مستوى رفيعًا من الاستعداد والجاهزية.

وهنا يمكن القول: إن قواتنا المسلحة لم تعد تكتفي بتجهيزات روتينية أَو استعراضات مكرّرة، بل أضحت نموذجًا متميزًا يوازن بين الاستعداد الدائم والمهارة الفائقة والقدرات المتطورة؛ ما يؤكّـد أن اليمن لم يعد يعتمد على قوة السلاح فحسب، بل على منظومة متكاملة تجمع بين التطور التكنولوجي والكفاءة البشرية، تشكّل في مجمعها رسالة ردع قوية لكل معتدٍ: هذه القوات جاهزة لا للاختبار، بل للانتصار.

في الحقيقة، لقد تجاوزت مناورة “لِيُسَوِّءُوا وُجُوهَكُمْ” أفقَ التصنيف في بُعد واحد؛ لتصبح رسالة قوية ومدوية تصل بوضوح لكل من يرقبها: مهما تنوعت التهديدات وتعددت، فَــإنَّ اليمن يقف مستعدًّا لإفشالها في مهدها، سواء أكانت تهديداتٍ بريَّةً أم بحرية؛ إذ لم يعد دور قواته المسلحة مقتصرًا على الدفاع ورَدِّ التهديدات، بل باتت تمتلكُ زمامَ المبادرة، قادرةً على فرض شروط المواجهة ورسم حدودها وقواعدها، بأساليبَ وقدرات نوعية وخبرات متراكمة تجعل اليمن سيدَ الميدان في كُـلّ مواجهة.

ــــــــــــــــــــ
حسام باشا

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا