بعملية دهس وُصفت بأنها الأكبر التي تحصل في عاصمة الكيان المؤقت “تل أبيب”، استطاع المقاوم الاستشهادي رامي ناطور “نصر الله”، أن يسدّد ضربة أمنية وعسكرية قوية ونوعية لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ليُثبت مدى ضعف هذا الأخير، وأنه غير عصيّ على تلقي الضربات، طالما بقيت جدوة المقاومة مشتعلة، خاصةً في خاصرة الكيان الضعيفة أي الداخل الفلسطيني المحتلّ، وربما هذا ما ستثبته المرحلة القادمة.
فهذه العملية بجرأتها وتوقيتها وهدفها وأسلوبها، شكّلت صدمة لكيان الاحتلال الذي كان يُحيي الذكرى السنوية لعملية طوفان الأقصى “7 أكتوبر”، وشكّلت في نفس الوقت عاملاً تضامنياً مهماً لجبهات المقاومة، لا سيما في فلسطين ولبنان.
وقد أكد الإسعاف الإسرائيلي مقتل إسرائيلي وإصابة 49 حالة 15 منهم خطيرة، الأحد الماضي (27/10/2024)، في حادثة الدهس التي حصلت عبر شاحنة ضد محطة للحافلات قرب قاعدة غليلوت شمالي تل أبيب، التي تضم مقرات شعبة الاستخبارات العسكرية أمان ووحدتي 8200 و9900 وأيضا مقرا للموساد. وأكدت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن عددا كبيرا من المصابين كانوا من الجنود المتوجهين في طريقهم إلى قواعدهم العسكرية. فيما نقلت تقارير إسرائيلية عن جهاز الشاباك أن منفذ الهجوم رامي ناطور، وهو فلسطيني من سكان قلنسوة المحتلّة، يحمل الهوية الزرقاء (التي توزعها سلطات الكيان على فلسطينيي الأراضي المحتلًة عام 1948).
أبعاد وتأثيرات العملية على الكيان
_هذه العمليات تجبر الكيان على إعادة تقييم بروتوكولاته للأمن الداخلي. فحصول هذه العمليات يتسبب باهتزاز ثقة الجمهور الاستيطاني بقدرة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية على ضمان أمنه، مما يدفع سلطات الاحتلال إلى زيادة المراقبة، ونشر المزيد من أفراد الأمن، وتوسيع التدابير الوقائية في المناطق عالية الخطورة، وتخصيص ميزانية عاجلة للبنية الأساسية الأمنية، بما في ذلك أنظمة المراقبة المتقدمة، والملاجئ المعززة، وآليات الإنذار المبكر.
_تفرض هذه العمليات على الاحتلال تأمين أنظمة استجابة سريعة وموثوقة، مما يزيد من تعقيد مسؤوليات جهاز الأمن الإسرائيلي، مما يزيد من فرص وقوعهم في ثغرات وأخطاء أمنية. ولا تشكل هذه التهديدات ضغوطاً على أجهزة الأمن فحسب، بل تؤثر أيضاً على نفسية المستوطنين، مما يخلق شعوراً متزايداً لديهم بالضعف.
_تزيد هذه العمليات خاصةً إذا ما حصلت بشكل متسلسل وفي مدة زمنية قصيرة، من الضغط على جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يركز بالفعل على جبهات قتالية شرسة متعددة في جنوبي لبنان وقطاع غزة وبدرجة أقل في هضبة الجولان المحتل.
فتزايد هذه العمليات وعجز أجهزة أمن الكيان من معالجتها، ستدفع حكومة الاحتلال الى الاستعانة بوحدات الجيش، وإلى تخصيص القوات والتكنولوجيا والاستخبارات لمكافحة عمليات المقاومة في الداخل.
كيف تفاعلت حركات المقاومة في فلسطين ولبنان مع العملية؟
أشادت قوى المقاومة لا سيما في فلسطين ولبنان بهذه العملية، التي وصفوها بالبطولية. وقد اعتبرت حركة حماس في بيان لها أن “عملية الدهس البطولية قرب مقر الموساد” هي “رد طبيعي على جرائم الاحتلال الصهيوني بحق شعبنا الفلسطيني”، مباركةً هذه العملية التي تؤكد “أن شعبنا الباسل مستمر في تحديه لآلة القتل والإرهاب الصهيونية”.
أما حزب الله فقد بارك العملية معتبراُ بأنها ومثيلاتها من العمليات، تشكّل تعبيرٌ حيّ عن إرادة الشعب الفلسطيني وقدرته على الرد بشكل حقيقي وطبيعي على مجازر الاحتلال وعدوانه، مقدماً التهنئة والتبريك لعائلة الشهيد البطل المقاوم الذي أثبت مجدداً بدمه وشجاعته وإيمانه عظمة هذا الشعب المقاوم وصلابته وعزيمته في مواجهة الاحتلال. وأشار الحزب إلى أنّه على ثقةٍ بأنّ الشعبين الفلسطيني واللبناني وسائر شعوب المنطقة وحركات المقاومة فيها “الفخورة اليوم بهذه العملية البطولية ماضون على خطّ المقاومة والجهاد حتى تحقيق النصر وإزالة كابوس الاحتلال”.
ــــــــــــــــــــــــــــ
علي نور الدين