مقالات مشابهة

“حزب الله” يوسع عملياته بتصعيد جديد و”استراتيجية معقدة” نكلت بجنود العدو وأربكت قياداته وتسببت في نزوح مئات آلاف من الصهاينة

أعلن “حزب الله” اللبناني، مساء السبت، انتقاله الى مرحلة تصعيدية جديدة، ضد كيان العدو الإسرائيلي ابتداءً من جبهات جنوب لبنان وامتداداً الى مستوطناته المحتلة. حيث أنذر الحزب، سكان 25 مستوطنة صهيونية، وطالبهم بمغادرة منازلهم فورا، قبل البدء في قصفها بالصواريخ والطائرات المسيرة.

وقال “حزب الله” في بيان إن “25 مستوطنة أصبحت هدفا عسكريا مشروعا للقوة الجوية والصاروخية في المقاومة الإسلامية”. وأضاف ندعو “سكان 25 مستوطنة إسرائيلية إلى إخلائها لأنها تحولت إلى مكان انتشار واستقرار لقوات العدو”. وأضاف في بيانه: “مستوطناتكم تحولت إلى مكان انتشار واستقرار لقوات العدو العسكرية التي تهاجم لبنان. بفعل ذلك، أصبحت أهدافا عسكرية مشروعة للقوة الجوية والصاروخية في المقاومة”.

والانتقال إلى مرحلة جديدة وتصاعدية يأتي امتدادًا للمرحلة السابقة التي أعلن عنها نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطابه الثالث (15 تشرين الأول 2024)، وهي مرحلة “إيلام العدو”، وبعد مرحلة سابقة في خطابيه الثاني (8 تشرين الأول) بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لعملية طوفان الأقصى، والأول (30 أيلول) بعد اغتيال السيد نصرالله في 27 أيلول 2024، حيث أكد فيهما الانتقال من مرحلة الإسناد إلى المواجهة المفتوحة ثم إلى الحرب.

إستراتيجية “حزب الله”

بدوره، علق الخبير العسكري العميد “إلياس حنا” عن استراتيجية “حزب الله” مؤكداً انه لا يقاتل في جنوب لبنان كما تفعل فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خاصة مع الحديث عن استرداد الحزب لمنظومة القيادة والسيطرة. وإنما يتبع أسلوب “الدفاع المرن والدفاع التراجعي”.

ووفق الخبير العسكري، لا يمكن القول إن حزب الله قد استرد منظومة القيادة والسيطرة بعد سلسلة الاغتيالات التي تعرض لها كبار قادته، وفي الوقت نفسه الحديث عن حرب عصابات. وأشار إلى أن حزب الله يقاتل ضمن سلسلة من القرى التي تكون مستقلة في الدفاع عن نفسها في حال تعرضها للتطويق الإسرائيلي.

ويعتمد جيش كيان العدو الإسرائيلي، حسب الخبير العسكري، مبدأ “الردع العقابي والنكبوي”، حيث يكثف غاراته الجوية على بيروت وضاحيتها الجنوبية، إلى جانب البقاع ومختلف مناطق جنوب نهر الليطاني. في المقابل، يعتمد حزب الله “الردع التراكمي” لكسب الوقت وإنزال أكبر قدر من الخسائر بالجيش الإسرائيلي، من أجل فرض نفسه والذهاب إلى تسوية سياسية.

وتطرق حنا إلى محاولات الجيش الإسرائيلي الدخول من إصبع الجليل، كما فعل سابقًا عامي 1982 و2006، مشيرًا إلى أنه يسعى للوصول إلى كفر كلا وغيرها من البلدات للالتفاف على مقاتلي حزب الله والحصول على أفضلية ميدانية. مؤكداً أن جيش “كيان العدو الإسرائيلي” ليس قادرًا على الوصول إلى نهر الليطاني، مضيفًا أنه يسعى لترسيخ مبدأ الردع العقابي.

ويمتد نهر الليطاني على طول 170 كيلومترًا من منبعه شرقًا إلى مصبه غربًا، ويبعد نحو 30 كيلومترًا عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

فشل التوغل في لبنان

أكثر من ثلاثة أسابيع مرت على بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي محاولات التوغل برا داخل الأراضي اللبنانية من دون الإعلان حتى الساعة عن تمركز لقواته في أي قرية جنوب البلاد. وفي 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن متحدث الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، في بيان، بدء هجمات برية “محدودة ومكثفة” ضد البنية التحتية لـ“حزب الله” الذي نفى آنذاك حدوث أي توغل.

ومنذ ذلك اليوم يحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي التوغل في جنوب لبنان، مستخدما 5 فرق عسكرية هي 210 و98 و91 و36 و146، وتضم كل منها لواءين أو أكثر. وأعلن جيش الاحتلال، الجمعة، استدعاء لواء احتياط إضافي للانضمام إلى المهام العملياتية على جبهة لبنان، بعد أن أعلن مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، استدعاء 4 ألوية احتياطية لتعزيز عملياته الحدودية.

ومؤخرا، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إن قوات الاحتلال الإسرائيلية تقوم بعمليات “كر وفر” في جنوب لبنان، أي تدخل ثم تخرج من القرى الحدودية. أما عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” البرلمانية (التابعة لحزب الله) النائب حسن فضل الله، فقال في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي: “لم يتمكن العدو إلى اليوم من السيطرة الكاملة على أي قرية، وهناك عدد كاف من المقاومين على الجبهات”.

أسلحة جديدة

وفي حين لم تكشف غرفة عمليات الحزب عن ماهية المرحلة الجديدة التصاعدية، توقع خبراء عسكريون أن يكون في طور التحضير لمفاجآت جديدة قد تشمل استخدام أسلحة لم تُستعمل سابقًا، مثل الصواريخ الاستراتيجيّة في مختلف الأنحاء البرية والبحرية والجويّة. بالإضافة إلى ذلك، قد تتضمن العمليات استهداف مواقع وأهداف حساسة ذات أهميّة قوميّة لإسرائيل، من خلال عمليات مباغتة في اتجاهات غير متوقعة، بما في ذلك العمليات البحرية.

وأوضح الخبراء أن “حزب الله” في المرحلة الأخيرة لم يكتفِ بالتصدي للتوغل البري الإسرائيلي عند الحافة الأمامية للشريط الحدودي، بل حرص على تحسين أساليب عملياته والوسائل المستخدمة، مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة أو وسائل الدفاع الجوي، بالإضافة إلى التركيز على استهدافات جديدة لتطوير معادلة الردع تمهيدًا لإرسائها. هذا يؤشر بوضوح إلى أن احتمالات التصعيد ستستمر في الأيام أو المرحلة المقبلة، بغض النظر عن الاتجاه الذي ستأخذه الأحداث.

وبينما يتوقع خبراء آخرون أن يلجأ الحزب إلى استخدام بعض الأسلحة المتوفرة لديه، مثل صواريخ أرض-بحر والصواريخ الباليستية والصواريخ المضادة للطائرات أرض-جو، إضافة إلى تكتيكات عسكرية تعتمد على أسلوب “حرب العصابات” من خلال استدراج العدو إلى العمق وتنفيذ غارات وكمائن محكمة لإنزال أكبر عدد ممكن من الخسائر و”زيادة الإيلام”، على قاعدة إحكام السيطرة على الميدان، ناهيك عن استهداف مستوطنات جديدة في الشمال وضواحي تل أبيب، وقد يصل إلى قلب تل أبيب نفسها.

ويرى هؤلاء أن إعلان غرفة العمليات عن المرحلة الجديدة التصاعدية هو مؤشر على نجاح الحزب في استيعاب صدمة الاغتيالات التي طالت قادته العسكريين ومسؤوليه السياسيين، وعلى رأسهم الأمين العام السيد نصر الله، والانتقال إلى السيطرة في الميدان، بعد استهداف المستوطنات الشمالية مرورًا بحيفا وصفد، مستخدمًا الطائرات المسيّرة والصواريخ، بما في ذلك أسلحة نوعية مثل “قادر 1” و”قادر 2″، وصولًا إلى الضربة القوية في قاعدة بنيامينا، والتي كان لها تأثير كبير على مرحلة الحرب الدائرة. وربما يكون استهداف منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيسارية وجهًا آخر لها (إذ لم يصدر الحزب بيانًا حتى الآن يتبنّى فيه هذه العملية).

إعلام عبري: الوضع في (إسرائيل) بعد اغتيال نصر الله بات أسوأ

في الداخل الإسرائيلي، يفرض جيش الاحتلال، سرية تامة على تحركاته الميدانية في جنوب لبنان، وتمنع الرقابة العسكرية وسائل الإعلام من نشر أي معلومة باستثناء ما يكشف عنه الجيش أحيانا من خسائر بشرية في معارك مع “حزب الله”.

بدورها، تسائلت صحيفة هآرتس في تقرير حديث عن وضع كيان العدو قبل وبعد اغتيال نصر الله موضحة أن الضفة الغربية باتت على وشك الانفجار وإسرائيل عالقة في غزة المدمرة بلا مخرج يلوح في الأفق. ويقول التقرير إن بركان الحرب سوف ينفجر في وجه إسرائيل وسيكون لذلك عواقب وخيمة على الكيان الغاصب.

ويخلص التقرير إلى أن الوضع بعد اغيال الشهيد حسن نصر الله بات أسوأ عمّا كان من قبل في ظلّ تصاعد معطيات الحرب الإقليمية وكذا تصاعد الخسائر الاقتصادية والعسكرية الإسرائيلية.

وفي ذات السياق، نشرت مجلة فورين بولسي مؤخّراً تقريراً سلّط الضوء على تماسك المقاومة الإسلامية في لبنان وثباتها في مواجهة العدو الإسرائيلي مؤكّدةً أن تهديد حزب الله لإسرائيل لا يزال قاتلاً. وتقول المجلة في تقرير للكاتب “دانيل باي مان” أن إسرائيل تخاطر، بالرغم من كل ما نفذته من عمليات اغتيال ضد حزب الله، وآخرها التي أدّت الى استشهاد الأمين العام حسن نصر الله”.

وأوضحت المجلة أن هذه المخاطرة الإسرائيلية مع حقيقة أن حزب الله لطالما أظهر في الماضي قدرته على الصمود، وأنه ربما يفضل الرد بقوة أكبر بدلاً من التراجع. ويؤكّد تقرير المجلة الأمريكية أن حزب الله لا يمكن أن يستسلم أبداً في مواجهة إسرائيل بل سيقاتل بكلّ ما أوتي من قوة.

خسائر كبيرة

بدورها، أعلنت غرفة عمليّات المُقاومة الإسلاميّة في لبنان، الأربعاء، نتائج عملياتها وخسائر قوات كيان الاحتلال منذ بدء محاولات اجتياح قواتها بريا لجنوبي لبنان. وقالت الغرفة أنه تم الإيقاع بـ”70 قتيلًا إسرائيلياً وأكثر من 600 جريحًا في صفوف ضباط وجنود الاحتلال”، مشيرة إلى أن مقاتليها دمروا 28 دبابة ميركافاه، منها 4 جرّافات عسكريّة وآليّة مُدرّعة وناقلة جند.

وذكرت أنه تم إسقاط 3 مسيّرات من طراز “هيرمز 450” وأخرى من طراز “هيرمز 900″، مشيرة إلى أنه تم التصدي “لمحاولات جيش العدو عند أكثر من محور”. وأكدت أن “العدو لم يتمكن من إحكام سيطرته أو احتلاله لأي قرية من قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان”، فيما ذكرت أن “القوة الصاروخية تواصل استهداف تحشدات العدو في المواقع والثكنات العسكرية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية”.

يأتي ذلك وسط تزايد خسائر جيش “كيان العدو الإسرائيلي” في جنوب لبنان، حيث أعلن في الـ24 ساعة الأخيرة عن مقتل 12من جنوده وجرح 65. وبالأمس أعلن عن مصرع 10 جنود صهاينة.

وبهذه الأرقام يكون جيش الإحتلال الإسرائيلي اعترف بمقتل 64 ضابطا وجنديا خلال عملياته البرية في جنوب لبنان، التي بدأت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن أكثر من 100 صاروخ أطلقت من لبنان باتجاه الجليل الغربي، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض 3 مسيرات. وقال حزب الله إنه هاجم بالمسيرات الانقضاضية قاعدة جوية جنوب تل أبيب، وقصف جنودا إسرائيليين في محيط عيتا الشعب.

وأعلنت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن صفارات الإنذار دوت في محيط طبريا بالجليل الأدنى، كما دوت صفارات الإنذار في أدميت بالجليل الغربي، تحذيرا من مسيرات.