تسلمت السعودية، اليوم الأربعاء، رسميا ملف غزة لما بعد الحرب.. والتقى وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن بولي العهد السعودية في محطته الثانية لجولته الحادية عشر منذ بدء طوفان الأقصى.
وافادت مصادر دبلوماسية غربية بان بلينكن ابلغ محمد بن سلمان بتسلم ملف غزة لما بعد الحرب. وكان بلينكن لدى مغادرته مطل تل ابيب اكد بان الفرصة أصبحت سانحة للاحتلال للتوصل إلى اتفاق في غزة وتعزيز التطبيع مع السعودية. واجرى بلينكن خلال اليومين الماضيين نقاشات مع قادة الاحتلال الإسرائيلي تركزت، وفق وسائل اعلام عبرية، حول وضع غزة بعد الحرب.
وبالتزامن مع وصول بلينكن إلى الرياض، كشفت قناة “سكاي نيوز” عربية عن ترتيبات سعودية لقمة “عربية – إسلامية” خصصت لمناقشة مسار حل الدولتين في تأكيد على تلقي السعودية ضوء بترتيب وضع القطاع بعد الحرب.
وكان الاحتلال الإسرائيلي استبق وصول بلينكن بكشف خطط الاحتلال للضغط على السعودية للمشاركة بترتيب وضع غزة عسكريا وامنيا بعد الحرب. ونقلت صحيفة “معاريف” عن مسؤولين في حكومة نتنياهو وضباط بالاستخبارات تلميحهم إلى خيارات ضغط على السعودية للقبول بالعرض الصهيوني بما في ذلك إعاقة مشروع “مدينة نيوم” او استغلال الخلافات الداخلية للنظام السعودي او السير بخطوات التطبيع.
وتسعى حكومة الاحتلال لتوفير غطاء عربي – إسلامي على احتلالها لغزة عبر نشر قوات عربية – إسلامية بمشاركة حلفاء الاحتلال العرب على ان تخضع إدارة القطاع للاحتلال الإسرائيلي.
ما وراء تسليم السعودية ملف غزة وما الثمن التي تستطيع الرياض دفعه؟
بالتزامن مع وضعها اللمسات الأخيرة للهجوم على ايران، بدأت أمريكا والاحتلال الإسرائيلي مغازلة السعودية بتسلم زمام القيادة في المنطقة، فما ابعاد الخطوة وما إمكانية الرياض بدفع الثمن؟
للمرة الأولى منذ بدء طوفان الأقصى قبل عام، وجولاته الاحدى عشر، بدا وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن جولته الجديدة في المنطقة من عاصمة الاحتلال تل ابيب، قبل ان يتجه منها إلى عواصم أخرى على راسها الرياض. كانت كل جولات بلينكن السابقة تبدأ من الرياض لكن او عاصمة عربية أخرى لكن هذه المرة كانت مختلفة. وبغض النظر عن الوجهة التي قصدها بلينكن تحمل جولته الجديدة والتي قد تكون الأخيرة في سيرته الذاتية رسائل عدة ابرزها ما تحدث بها علانية وهو البناء على استشهاد قائد المقاومة يحي السينوار لاتفاق في غزة إضافة إلى مناقشته مستقبل القطاع والتطبيع مع السعودية خلال لقاءاته مسؤولي الاحتلال الإسرائيلي.
نظريا، تحاول الإدارة الامريكية الحالية منح السعودية شعور بقرب انتصارها في معركتها ضد “ايران” وإمكانية تسلمها راية القيادة ليس فقط في المنطقة العربية بل والإسلامية أيضا مع استعداد الاحتلال وحلفائه لمهاجمة ايران وسط تصعيد على لبنان وغزة ، وقد التقطت السعودية هذه الإشارة بقوة وترتب حاليا، وفق تقارير إماراتية، لعقد قمة إسلامية – عربية لدعم خطتها في فلسطين بعد الحرب والتي تتضمن تقاسم نفوذ مع الاحتلال الإسرائيلي.
اما فعليا، فالخطوة الامريكية ليست اكثر من ترك السعودي تمضغ علكة التطبيع مع الاحتلال والذي يشكل هاجس وهدفا استراتيجيا لها، بينما في الحقيقة تحاول أمريكا تعزيز الانقسام في الأوساط العربية والإسلامية واثراء الصراعات بغية تحيد العديد من تلك الدول امام المخطط الكبير الذي يستهدف ايران ويحاول دون التضامن معها او حتى الانخراط بالعدوان عليها.
حتى وقت قريب، كانت الدول العربية والإسلامية بمن فيها السعودية ترفض حتى استخدام اجوائها في استهداف ايران وذلك مع اكدت عليه تلك الدول خلال جولة وزير الخارجية الإيراني الأخير، ولم يقتصر التقارب العربي – الإسلامي او بالأحرى السعودي – الإيراني على هذا التوحد الهادف لمنع اتساع رقعة التصعيد في المنطقة بل امتد لعرض سعودي لمناورة مشتركة تعد الأولى في تاريخها وهذا اثار حفيظة أمريكا والاحتلال الإسرائيلي اللذان يلعبان على ورقة الصراع السني – الشيعي لتمزيق المنطقة.
قد تكون السعودية تتوهم حاجة أمريكا والاحتلال اليها لقيادة المنطقة، وذلك بناء على إمبراطورتيها المالية وتأثيرها في العالمين العربي والإسلامي بحكم وجود المقدسات على أراضيها، لكنها تخطئ اذا اعتقدت بان الاحتلال سيسلمها زمام الأمور بالمنطقة وحتى أمريكا التي حولت الاحتلال من القيادة الأوروبية إلى المركزية في الخليج ، بقدر ما تبحثان عن فجوة جديدة تمنحهما فرصة لإضعاف اكبر الدول الإسلامية وأكثرها قدرة على المناورة والمواجهة معا للاحتلال الإسرائيلي.
حتى لو لم تشارك السعودية بالهجوم الصهيو- امريكي المرتقب على ايران ستطالها نيران المواجهة بطريقة او بأخرى نظرا لوجود قواعد أمريكية على أراضيها او حتى استخدام اجوائها وهو ثمن سيكون باهظا وبنتائج غير محسوبة العواقب.