مقالات مشابهة

قنوات عبرية لاعربية.. إعلام “الإمارات والسعودية” يشيطن المقاومة ويتصهين خدمة لـ “إسرائيل”

إن المتابع للإعلام “السعودي والإماراتي” يلاحظ بجلاء كيف ينشط من أجل أن يشيطن المقاومة ويحاول تلميع صورة الاحتلال “الإسرائيلي” خدمة لمؤامرات التطبيع والتحالف القائم بين أبوظبي ويافا “تل أبيب”. وجاء حدث قتل الجيش “الإسرائيلي” زعيم حركة حماس يحيى السنوار مؤخرا في قطاع غزة ليكشف حدة أحقاد إعلام الإمارات والسعودية على المقاومة الفلسطينية ورموزها.

وبثت قناة “إم بي سي” السعودية تقريرا جاء فيه: “إن يحيى السنوار كان الوجه الأخير للإرهابي مصاص الدماء وقاد العديد من الجرائم الوحشية وقد تخلص العالم من شره”.. ما قرأته الأن عزيزي المتصفح، لم يقله صهيوني، كنتنياهو، أو غالانت، أو هاليفي، أو بن غفير، أو سيموتريش.

هذا الكلام المقزز، لا يمكن وصفه بالسقوط الأخلاقي فحسب، بل هو سقوط من القيم الإنسانية بشكل عام، فلا يمكن أن يصل شخص ما إلى هذا المستوى من الحقارة والنذالة والخسة، ويصف أشرف من في قومه ودينه من الرجال الذين ضحوا بحياتهم دفاعا عن مقدساته ودينه وأرضه وعرضه بالإرهابيين ومصاصي الدماء، حتى أن الكثير من مشاهدي تلك القناة، كانوا يعتقدون أن القناة تعرضت لقرصنة من قبل الكيان الصهيوني، الذي بث عبر شاشتها هذا التقرير، ولكن هذا الاعتقاد ما أسرع أن تبخر، بعد أن اتضح أن القناة هي المسؤولة عن التقرير.

ما لم تتوقعه الجهات الممولة والمسؤولة عن تلك القناة، هو أن يثير هذا التقرير المخزي، كل ردود الفعل الواسعة والمنددة، لأنها كانت تتصور، أن المقاومة انهارت وأن جمهورها رفع الراية البيضاء، بعد استشهاد بعض قادتها، إلا أن الأمر جاء على خلاف تصورها، خاصة بعد ردة الفعل العراقية الشجاعة، لذلك اضطرت إلى حذف التقرير، والإعلان عن فتح تحقيق مع الجهات التي تقف وراءه في القناة، في محاولة للتنصل من هذا العمل العار والمنحط.

الكثيرون أكدوا أن القنوات “الإسرائيلية” ومنها “القناة 14” المعروفة بتوجهاتها الصهيونية العنصرية المتطرفة، ما كانت لتبث هذا التقرير، الذي ينضح غباء لا يوصف، لأنه ينتقص من اعتبار تلك القنوات الصهيونية.. ولكن الذي غاب عن هؤلاء هو أن التقرير لا ينضح غباء فحسب، بل حقدا لا يوصف ضد أناس، لا يكنون أي عداء للجهة التي تقف وراء تلك القناة، الأمر الذي يكشف عن تواطؤ بين الجهات التي تقف وراء القناة وبين الصهاينة قتلة أطفال ونساء غزة. ان القناة قدمت خدمة مجانية، للكيان “الإسرائيلي”، دون أن تحصل على شيء في المقابل، سوى لعنة العرب والمسلمين، وخاصة المظلومين في غزة، الذين يتعرضون إلى إبادة جماعية، أثارت حفيظة شعوب العالم أجمع وفي مقدمتهم الشعب الأمريكي، الذي انتفضت جامعاته انتصاراً لأهل غزة، وتنديدا بجرائم الإرهابيين الحقيقيين، بايدن وبلينكن وأوستن ونتنياهو وغالانت وهاليفي.

اللافت في تقرير قناة “إم بي سي” السعودية، محاولتها وضع قتلة المسلمين، والمسيئين للدين الإسلامي الحنيف، من زعماء العصابات التكفيرية، في خانة واحدة مع أشرف الأناس، قادة محور المقاومة، الشهداء قاسم سليماني، والسيد حسن نصرالله، وأبو مهدي المهندس، وإسماعيل هنية، وعماد مغنية، وجهاد مغنية، وسمير القنطار، وفؤاد شكر، والسيد بدرالدين الحوثي، وصالح العاروري، ويحيى السنوار.. وهي محاولة كانت في قمة الغباء، فالإنسان العربي العادي، بات على دراية كاملة، بالفرق الشاسع بين قادة الإرهاب التكفيري، وبين قادة محور المقاومة، فقادة الإرهاب التكفيري، ليسوا سوى بيادق بيد الأميركي و”الإسرائيلي”، يستخدمه كلما أراد ضرب أمن واستقرار الدول والبلدان العربية والإسلامية، كما حصل في العراق وسوريا ولبنان واليمن، خدمة لـ”إسرائيل”.

رغم أننا توقفنا قليلا أمام تقرير قناة “ام بي سي” الذي جاء تحت عنوان يلخص التوجه الصهيوني لهذه القناة، وهو :”ألفية الخلاص من الإرهابيين. الشخصيات التي روّعت العالم وسفكت الدماء”، إلا أن هذا التوجه ليس محصورا بهذه القناة التي كانت أول قناة عملت على نسف القيم والأخلاق العربية والإسلامية، و تفكيك عرى الأسرة العربية، عبر الإفلام والبرامج الداعرة، تحت يافطة الترفيه، فهناك قنوات عربية أخرى بالعشرات، أكثر صهيونية من الصهاينة، بل هناك قنوات عراقية تبث خارج العراق، وتستضيف فلول البعث الصدامي والطائفيين والحاقدين والدواعش، تحت يافطة حرية التعبير، بينما هم ليسوا إلا أبواق رخيصة للصهيونية ومشروعها التفكيكي للمجتمعات والدول العربية، بل أن هناك العشرات من الصحف والمواقع الإلكترونية، تشن حملات مسعورة ليل نار ضد كل شرفاء الأمة، بهدف نسف روح المقاومة، وبث روح الخذلان والإحباط والاستسلام والابتذال في الشباب العربي، فعلي سبيل المثال لا الحصر، فبالرغم من وقوع خبر استشهاد البطل يحيى السنوار، على الشعوب العربية والإسلامية والحرة في العالم، وقع الصاعقة، إلا أن صحيفة “عكاظ” السعودية، أبت إلا أن تسبح عكس التيار، فخرجت علينا، وعلى صفحتها الأولى، بعنوان في قمة الخسة، حيث كتبت وبالخط العريض “إسرائيل تلحق السنوار بهنية… حماس بلا رأس”!!

فرحة “عكاظ” باستشهاد البطل يحيى السنوار، لم تضاهيها فرحة سوى فرحة المجلة الأميركيّة “تايم” حيث نقلت خبر استشهاد السنوار باستخدام رسمة بورترية رقمية لوجه الشهيد السنوار، تُغطيها علامة «إكس» حمراء! شيطنة الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين واليمنيين والعراقيين وكل من يتصدى للإرهاب الصهيوني، من قبل الإعلام العربي المتصهين، هو سقوط مهني وإعلامي وأخلاقي، يبزّ الأعلام الصهيونية.. إلا أن محاولات تخدير أو كسر إرادة الشعوب العربية، وخاصة حواضن محور المقاومة، قد باءت بالفشل، فمعركة “طوفان الأقصى” لم تكشف إجرام أميركا والغرب ووحشية الصهاينة فقط، للإنسان العربي والمسلم والحر في العالم، بل كشفت قبل ذلك عن الوجه القبيح للصهاينة العرب، الذين يتنافسون على تقديم فروض الطاعة و الولاء للثنائي الأميركي “الإسرائيلي”، رغم علمهم أن الهدف النهائي لهذا الثنائي هو “توسيع مساحة “إسرائيل” لتشمل بعض أجزاء من دولهم!!.

على ذات السياق، ولم تعلق الإمارات رسمياً على مقتل السنوار، فما تزال الدولة مكبلة بين موقف المواطنين الحازم بدعم القضية الفلسطينية ومقاومتها الباسلة، وبين موقفها العدائي من “حماس” وبقائها في اتفاقية التطبيع رغم حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عام. مع ذلك تفاجئنا بعض مقالات الصحافة الرسمية الإماراتية الكبرى في قراءة ما يحدث في قطاع غزة بعد قتل السنوار، لتساوي بين الجلاد والضحية، وعدم قدرتها على التفريق بين عمليات التحرر الوطنية ضد الاحتلال، والتمردات الداخلية ضد السلطات في الدول، فيما ترسخ أخرى سياسة أبوظبي المعلنة.

بداية من صحيفة الاتحاد التي نشرت مقالاً بعنوان “شعب غزة.. وثالوث الظلم” يقول الكاتب وهو سعودي بالمناسبة: “طرفَا الحرب يحرقان هذا الشعب بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، أحدهما عدو كاسح هو “إسرائيل” التي أثبتت أنها لن تتهاون في أي مساسٍ بأمنها وسلامة مواطنيها حتى ولو أحرقت الأخضر واليابس، والثاني قريبٌ يحرق هذا الشعب في مجامر الأيديولوجيا التي يؤمن بها ولا يؤمن بها الشعب، وظلم ذوي القربى أشد مضاضة”.

ينظر المقال لما يحدث من حرب إبادة جماعية في القطاع منذ أكثر من عام على أنها شؤون داخلية بين “إسرائيل” كسلطة وحركات المقاومة الفلسطينية كجماعة مسلحة متمردة، بل إن “ظلم ذوي القربى أشد مضاضة” كما يقول الكاتب عبدالله بن بجاد العتيبي في مقاله على “الاتحاد” الصادرة من أبوظبي عاصمة الدولة ومصدر القرار السياسي.

علاوة على اتهام الكاتب بأن المقاومة ألقت بالشعب الفلسطيني في “المهالك” فقد ذهب إلى اتهام من يدعم تلك المقاومة بأنه “يقرّ بأنه داعمٌ لكل بشاعات التنظيمات الإرهابية، مثل “القاعدة” و”داعش” وأضرابهما”. ومع ذلك يصرّ أن كلامه “نقد مستحق يجب أن يقال ويجب أن يسمعه الناس في هذه اللحظات العصيبة في غزة وفي المنطقة بأسرها”. متهماً الداعمين للمقاومة الفلسطينية بأن ما يقومون به “مجرد محاولات عابثة لتغطية الأيديولوجيا برداء من العقلانية”، واصفاً إياهم بالطرف الثالث الظالم.

لا يعني ذلك أن المقالات تمتثل لمهاجمة الفلسطينيين، بل أيضاً يوجد موقف يقترب من المواقف الرسمية وأقل حدة لا تساوي بين الجلاد والضحية أو تعتبر المقاومة الفلسطينية تمرداً وكأن إسرائيل سلطة شرعية. ففي مقال آخر نشر في “الاتحاد” للكاتبة الإماراتية عائشة المري بعنوان “إسرائيل والأمم المتحدة.. عقوق دولي”، ناقشت فيه رفض الاحتلال “الإسرائيلي” لكل القرارات الدولية، وحالة العقوق “الإسرائيلية” للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وتقارير الأمم المتحدة التي ساهمت في ولادة “إسرائيل”. مقال المري يمتثل للموقف الرسمي المُعلن بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإعلان قيام دولة فلسطينية، لكن مقالها لم يساوِ بين الجلاد والضحية مثل معظم المقالات.

وتظهر الصحف الصادرة بالإنجليزية أقل حدة تجاه المقاومة الفلسطينية، وتلتزم بوجه النظر الرسمية المعلنة بأنه صراع الأطراف الذي يجرّ المنطقة للحرب. لكنها لا تنجر إلى نزق الدعم المباشر لدولة الاحتلال كما الكاتب السعودي في صحيفة الاتحاد، فصحيفة ذا ناشيونال كتبت افتتاحية في 18 أكتوبر بعنوان “يحيى السنوار يقود الفلسطينيين إلى طريق مظلم” تقول إن السنوار “ينضم إلى أكثر من 42400 فلسطيني فقدوا حياتهم في عمليات الانتقام “الإسرائيلية” اللاحقة ــ وهي العملية العسكرية التي تجاوزت منذ فترة طويلة أي تعريف معقول للدفاع عن النفس”. ومع ذلك ترى الصحيفة إلى من ينظرون إلى السنوار وفدائيته من أجل فلسطين باعتبارها “تعزيز للأيدولوجية المتشددة” و”جر فلسطين نحو الهاوية”.

وتضيف: فقد قادت نزعته العسكرية الفلسطينيين ــ والمنطقة ــ إلى طريق مظلم وعنيف، لم يخرجوا منه بعد. ولن يضطر إلى التعامل مع العمل الأقل ثورية ولكنه بطولي المتمثل في صنع السلام وإعادة بناء المجتمع المحطم. مع ذلك لم تكن المقالات على تلك الدرجة من السوء والتماثل مع الموقف الرسمي، إذ اقتربت بعض المقالات من موقف الشعب الإماراتي الداعم للقضية الفلسطينية، خاصة في الصحف الصادرة من إمارة دبي.

إذ نشرت صحيفة البيان مقالاً بعنوان “التدرج في مشروع نتانياهو” يناقش فيه كاتب عربي عن حالات نتنياهو خلال الحرب وقال الكاتب إن “خمر الانتصارات الأمنية والعمليات العسكرية الناجحة أسكرت الطموح السياسي للرجل، “وجعلته ينتقل من الصدمة إلى رد الفعل، إلى الهجوم، إلى حرب الإبادة. حتى وصل الآن إلى “الاقتناع” بأنه الآن يلعب دور “الشرطي الإقليمي القوي” الذي سيعيد صياغة توازنات القوى في المنطقة كلها.

يناقش الفكرة ذاتها مقال نشر الأحد في صحيفة الخليج، بعنوان “ما بعد السنوار.. تساؤلات ومسارات” يقول فيه الكاتب إن خطاب نتنياهو بعد قتل السنوار “يعني -من ناحية- المضيّ قدماً في الحرب على غزة، وجبهة إسنادها في لبنان، لأهداف لم يفصح عنها، لكنها تتجاوز مسألة الأسرى إلى إعادة ترتيب المنطقة كلها”. مؤكداً: “إنه مشروع حرب إقليمية يصعب استبعادها… ما دام هناك احتلال تكتسب المقاومة شرعيتها بغض النظر عمن يرفع رايتها”.

كما نشرت “البيان” يوم السبت مقالاً آخر لكاتب عربي عن “أمريكا والمحتجون.. والحريات” متحدثاً عمّا يعانيه الطلاب المتظاهرون مع فلسطين في الجامعات حيث يواجهون “مشاكل أكاديمية وقانونية كثيرة، ما قد يحرمهم من التركيز على التحصيل العلمي”. ويقول فيه”: إحدى أهم نتائج العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة والآن على الضفة الغربية ولبنان أنه كشف وأكد ازدواج المعايير الغربية وزيف كثير من الشعارات التي ترفعها بعض الدول الغربية فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والمساواة”.

لذلك عكس صحيفة الاتحاد، تظهر صحيفتا البيان والخليج الصادرتان من دبي أكثر تركيزاً على “إسرائيل” ودورها منها إلى حركات المقاومة الفلسطينية، بل واعتبار المقاومة حركة تحرر وطني، لكن للأسف فإن معظم من كتبوا عن ذلك هم كُتاب عرب. فيما الكُتاب الإماراتيين فتركز كتابتاهم -في الشؤون السياسية- على ندرتها على الاقتراب من الموقف الرسمي فلا يظهر موقف حقيقي عمّن يفترض أن يكونوا ممثلين لهم (مواطني الدولة).