الرئيسية المشهد الدولي الرد الإسرائيلي على إيران.. الخلفيات والمبررات والدوافع والمخاطر والتحديات

الرد الإسرائيلي على إيران.. الخلفيات والمبررات والدوافع والمخاطر والتحديات

أجمعت الأوساط السياسية والحزبية الإسرائيلية بأن الكيان سيردّ بشكل غير مسبوق على الهجوم الصاروخي الإيراني على قلب المدن الإسرائيلية، وأن “إيران ستندم على هذه اللحظة”، وتوافقت فيما بينها على أن المعنى الحقيقي للضربة الإيرانية هو “إعلان الحرب على إسرائيل”. فدعت بدورها إلى الرد بشكل كبير وقوي وجدّي، وكان لافتاً الإجماع حول هذا القرار الذي جاء بناءً على خلفيات ودوافع ومبرّرات عدّة، أبرزها:

الخلفية

الائتلاف الحكومي:

– بالنسبة لنتنياهو، فهو يستخدم التهديد الإيراني تحت إطار الحرب الوجودية التي من شأنها أن تجمع المستوطنين وتوحّدهم على اعتبار أن الخطر يهدد الجميع ويجب مقاومته، بما يخدم الحفاظ على وجوده واستقراره السياسي. وبالتالي، هو يسعى لفتح جبهة جديدة مع إيران، وحسم ما يعدّه معركة لكسر “حزام النار”، محاولًا دفع الولايات المتحدة إلى الدخول في حرب إقليمية يراها السبيل الوحيد للتخلص من إيران وتهديدها النووي، والخروج من أزماته السياسية والعسكرية.

– اليمين المتطرف تتوافق مواقفه التصعيدية اتجاه إيران مع قرارات نتنياهو فمن جهة يهمّ اليمين المتطرف إضعاف إيران و”وكلائها” بصورة تؤمّن لهم الظروف المناسبة لتحقيق مشاريعهم التوسعية والاستيطانية في المنطقة وتمنع إيقاف الحرب التي تشكّل غطاءً لكامل مخططاتهم وسياساتهم.

– المعارضة: تنطلق بمختلف مكوناتها من مصالح سياسية. فصحيح أن إضعاف إيران وحلفائها هو نقطة جامعة إلّا أنّ المعارضة تستغله للمزايدة بضعف موقف الائتلاف الحكومي، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، في تصريحاته في أعقاب الهجوم بضرورة التحرك الفوري لتدمير البرنامج النووي الإيراني، ومنشآت الطاقة المركزية، لتظهر المنافسة والضغط في حالة عدم الرد أو إذا ما جاء الرد دون هذا المستوى الذي تطالب به المعارضة.

وعليه، تشكّل مواجهة إيران قضية جامعة لكل الأطراف، نظرًا لحجم الخطر الذي تجسدّه الجمهورية الإسلامية وحلفائها على وجود الكيان وأمنه القومي واستقراره، يستغلها المستوى السياسي من أجل الحفاظ على المكتسبات التي حققها وتقليص هامش المناورة للمعارضة التي يمكن أن تذهب إليها برفع سقف التصعيد.

المبرّرات:

– الحق في الدفاع عن النفس.

– المواجهة في هذه المرحلة مع إيران ضرورية من أجل إحداث تغيير جوهري في الشرق الأوسط يدفع لإنهاء النزاع في المنطقة.

– معالجة “رأس الوحش”، ومنح الأمن لمستوطني الكيان.

– تصفية الحساب القديم مع البرنامج النووي الإيراني.

– مواجهة حرب المحور الهادفة لإبادة الكيان الصهيوني.

– ضعف أذرع “الأخطبوط الإيراني”-حسب توصيف نتنياهو لـ”محور المقاومة”- كتهديد إستراتيجي للكيان ما يشكّل الوقت المناسب لاستهداف إيران.

– تصفية المحور الذي يشكّل خطرًا على الكيان المؤقت.

– إعطاء الأمل للمحور المعتدل في الشرق الأوسط، لسنوات طويلة إلى الأمام.

– استرجاع الردع والانطلاق من أن من يهاجم الكيان سيتضرّر ويدفع الثمن.

– الدفع إلى تطبيق اتفاق سلام مع السعودية وبناء حلف دفاعي إقليمي إلى جانب خطة حقيقية للدفع بمشاريع إقليمية تعزز اقتصاد السلام والعلاقات بين دول المنطقة.

الدوافع

– ضرورة الحفاظ على ثقة الجمهور الإسرائيلي وما تمّ تحقيقه من مكاسب في الأيام الأخيرة. إذ يسعى قادة الكيان ومحلّليه ومسؤوليه إلى التأكيد على حتميّة الرّد ارتباطاً بسياق ما تحقق طيلة الفترة الماضية من استهدافات سعت من خلالها تل أبيب إلى ترميم معادلة الردع، فضلاً عن المكاسب التي راكمها المستوى السياسي وساعدته في تحسين شعبيته لدى الشارع الإسرائيلي.

– إثبات قوّة جيش الاحتلال وقدرته على الوصول إلى أي نقطة في الشرق الأوسط وضربها وبالتالي، محاولة استعادة مكانته.

– تعزيز التعاون والتحالف مع الولايات المتحدة والدول العربية التي تشعر بالقلق من إيران، مما يؤدي إلى موقف مشترك ضدها.

– تطوّر قدرات إيران النووية التي يمكن أن تشكّل تهديدًا مباشرًا لأمن الكيان القومي.

المخاطر والتحديات الإسرائيلية المتعلّقة بالرد على إيران

ولا يزال الرّد الإسرائيلي على إيران وتبعاته، يحتل اهتمام الإعلام العبري وتحليلاته، بصورة أصبح العالم يترقّب هذا الرّد وما يمكن أن يترتّب عليه من تأثيرات سواء على الجمهورية الإسلامية نفسها كما تأثيره على محور المقاومة وتطوّر الأحداث والمعارك الحالية، بالإضافة إلى انعكاسها على تبدّل السياسات والاستراتيجيات في المنطقة ككلّ لا سيما وأن هكذا قرارات في الأساس هي قرارات أمريكية، بتسليح وتمويل وتنسيق وحماية الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة. وفي رصد للتحليلات والتصريحات العبرية، برز في العديد منها الحديث عن عواقب ومخاطر لجوء الكيان لقرار ضربة قوية وقاسية غير محسوبة النتائج، وأبرز المخاطر والتحديات التي تمّ الإشارة لها:

رد فعل إيراني مقابل:

– لجوء إيران لتسريع عمليات تطوير السلاح النووي نتيجة استهداف منشآتها (تجاوز إيران عتبة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 90%).

– سيرتدّ الرد على الكيان وواشنطن ولا مصلحة للطرفين للانشغال في هذه الجبهة البعيدة، مع حاجة الكيان إلى إغلاقها للتركيز على الجبهات الأخرى لا سيما لبنان منعًا من اندلاع الحرب الإقليمية.

– هناك مخاطر قد تنشأ نتيجة رد أكثر حدّة من جانب الإيرانيين على ضربة إسرائيلية واسعة النطاق، كرد قاس ضد أصول الطاقة التي يستخدمها الغرب في الشرق الأوسط، ويمكن أن يعطل الاقتصاد العالمي قبل شهر من الانتخابات الأمريكية.

– التخوّف من أن يتم إطلاق مئات الصواريخ في نفس الوقت على مراكز سكانية: غوش دان، وحيفا، الخليج والكريوت وبئر السبع والقدس، ما سيلحق بالكيان الدمار والخسائر الباهظة والكبيرة.

الدعم الأميركي:

– واحدًا من التحديات العسكرية الأكثر تعقيدًا التي يواجهها الكيان، مع انخفاض فرص النجاح دون دعم أمريكي كبير. وعليه، هناك تخوّف من أن تؤدي الضربة الإسرائيلية إلى تعارض مصالح الكيان مع المصلحة الأمريكية، ما يشكّل عائقًا أمامه لعمل مستقل، لأنه بدون الدعم الأميركي، تشتد المخاطر والتحديات بشكل كبير.

التحديات اللوجستية المعقدة للقوات الجوية:

– المسافة الشاسعة، وسيتطلب مسار الرحلة عبور المجال الجوي لعدة دول، ويمكن لأي من هذه الدول أن ترصد الطائرات الصهيونية وتنبه إيران، مما يسمح لها بالاستعداد للدفاع.

– تحدي الوقود. ستتطلب الرحلة الطويلة إلى الأهداف والعودة الاستنفاد الكامل لقدرات التزود بالوقود الجوي لدى القوات الجوية. ولن يكون هناك أي خيارات تقريبًا لحدوث أخطاء أو تأخيرات غير متوقعة.

– قد يؤدي عطل فني صغير أو تغير في الطقس إلى تعريض العملية بأكملها وحياة الطيارين للخطر.

– التعامل مع الدفاع الجوي الإيراني، إذ تحظى المنشآت النووية الإيرانية بحماية جيدة من خلال أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة. وعليه ستحتاج القاذفات الصهيونية إلى حماية نحو 100 طائرة، أي ما يقرب من ثلث إجمالي الطائرات المقاتلة في سلاح الجو. وهذا عدد كبير من الطائرات للقيام بعملية واحدة، الأمر الذي سيجعل الكيان عرضة لهجمات مضادة.

تجنّب ديناميكيات التصعيد الخطير الخارج عن السيطرة:

– في ظل الخشية من اندلاع حرب إقليمية سعى الرئيس جو بايدن إلى منعها منذ عام تقريبًا. في هذا الإطار يقول دنيال إدلسون، مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت في نيويورك، إن البيت الأبيض يعمل على الحد من قوة الرد الإسرائيلي، خوفًا من اندلاع حرب إقليمية، وتخشى الولايات المتحدة وأوروبا من أن يلحق الكيان الضرر بأهداف اقتصادية في إيران، مثل أصولها النفطية، مما قد يؤدي إلى تصعيد خطير. ووفقاً لمسؤول أوروبي كبير، أشارت طهران منذ فترة طويلة إلى أن الهجمات على صناعة النفط والغاز لديها ستكون “خطاً أحمر”.

تلخيصاً على ما سبق يقول إيتمار آيخنر من صحيفة يديعوت أحرونوت “أشار محللنا العسكري والأمني ​​رون بن يشاي هذا الأسبوع إلى أن على دولة الكيان أن تأخذ في الاعتبار عدة قيود، بما في ذلك الطلب الأمريكي بعدم إشعال حرب إقليمية. ومن الممكن أن يؤدي مثل هذا الهجوم أيضًا إلى تسريع عمليات تطوير الأسلحة النووية في إيران، وكذلك إلى حرب إقليمية. لذلك، من المرجح أن يتم اختيار هدف إيراني ترى واشنطن فيه أنه رد مناسب ومشروع ومدروس من جانب الكيان

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version