كل السهام تشير إلى الحرب في المنطقة، فالتوتر يتزايد والسلاح موجود ويكدس فوقه الجديد، والعنصرية هي المناخ العام الذي تتحرك تحته حكومة العدو، والمنطقة بطبيعة تركيبها ووجود ورم سرطاني دخيل عليها هي أشبه بحقل ألغام، والجميع مندفع في حمّى حقيقية نحو الحرب، خاصة المأزوم “نتنياهو”..أكثر من ألفي غارة على لبنان، سبقها موجة الهجوم “السيبراني” الأكثر ترويعًا –والأولى- في التاريخ، ثم محاولات استهداف القيادة العسكرية للحزب، وتدفيع جنوب لبنان ثمنًا بشريًا هائلًا، كمحاولة صهيونية خائبة لقلب البيئة الحاضنة للمقاومة عليها، هذا كله يعني أن قطار الحرب قد انطلق، وإن كان بطيئًا متمهلًا. الطلقة الأولى قد أطلقها كيان العدو بـ “مجزرة البيجر”، ثم بالاغتيالات الممتالية لقادة الحزب وعلى رأسها استهداف سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لكن السؤال: إلى أين ستمضي الأمور، وهل ننتظر نحن العرب “وسم” آخر بالنار على الجسد العليل، أم أن حزب الله –كعهدنا به- سيكون هو الضربة الكبرى التي تقلب الخريطة الأميركية الجديدة للمنطقة.
وكيل المخابرات العامة الأسبق: الجائزة الكبرى للحرب!
في البداية، يقول اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق وخبير شؤون الأمن القومي، في مقابلة خاصة لموقع “العهد الإخباري”، إن الكيان يندفع إلى الحرب لتحقيق هدف واحد وكبير، وهو إعادة النازحين الهاربين من الشمال، وإبعاد تهديد حزب الله عن شمال فلسطين، لأن النازحين في الشمال يمثلون أزمة سياسية عميقة لحكومته، وتأثير النزوح بمئات الآلاف ضرب معنويات الحكومة والجيش والمستوطنين الصهاينة، والعمل العسكري الصهيوني الحالي يعتمد تكتيكات تدمج القصف الواسع والمكثّف بالطيران –نقطة تفوقه- والهجمات السيبرانية والاستخبارية لتحقيق هذا الهدف، مضيفًا أن الهدف الأول للكيان من الحرب هو دفع الحزب إلى مباحثات هدنة أو تهدئة برعاية الولايات المتحدة، تضمن له تحقيق ما يريد على طاولة المفاوضات.
وأكد اللواء محمد رشاد أن الكيان إستراتيجيًا يستهدف تحويل الحرب الحالية إلى حرب شاملة، لجر إيران إلى الحرب، وبالتالي تمكين الكيان من توجيه ضربة واسعة للمنشآت النووية الإيرانية، وهذا هو المطلوب الآن، أن تُجر إيران إلى ساحة المواجهة لتوجيه ضربة قاصمة لمشروعها النووي، هذه هي الجائزة الكبرى للكيان والتي يراها تعوض خسائره الضخمة في غزة وشمال فلسطين.
أضاف اللواء محمد رشاد، أن الكيان سيعاني بشدة أمام حزب الله، فالكيان جرب الحرب البرية ضد حزب الله في 2006 ونجح الحزب في كسر الهجوم الصهيوني، ومن المستبعد أن يلجأ إليها مجددًا، فجنوب لبنان ليس غزة، وقدرات الحزب أكبر كثيرًا وأوسع من أن تقاس بقدرات الفصائل الفلسطينية، موضحًا أن الكيان لن يلجأ لحرب برية بأية طريقة أو تكلفة ممكنة، لأن ثمنها أعلى من أن يتحمله الكيان في جبهة قتال قاسية وتحمل له ذكريات الهزيمة.
“السعيد”: الكيان أعجز من حرب برية
ويقول الكاتب والسياسي المصري الكبير، الدكتور مصطفى السعيد، في مقابلة خاصة لموقع “العهد الإخباري”، إنه من غير المرجح لديه أن يغامر الكيان بحرب برية يدرك أنه لن يربحها، ولن يتمكن من وقف الضربات الصاروخية لحزب الله مهما فعل، ومهما ذهب في عدوانه، ومهما بلغت التغطية الأميركية له، وأن الطريق الوحيد لوقف الحرب يجب أن يمر بقطاع غزة.
ويوضح الدكتور مصطفى السعيد، أنه في حال لجوء كيان العدو إلى فتح جبهة جديدة، فأمامنا سيناريو ثابت، التكتيكات العسكرية الصهيونية واحدة لا تتغير، وتعتمد أسلوب “الصدمة والرعب” على النموذج الأميركي، وهو واقعيًا يعني إنزال ضربة أولى مزلزلة للخصم في أول لحظات القتال، عبر استثمار التفوق الجوي والعمليات الخاصة والاستخبارية والسيبرانية على كل نقاط الخصم الحيوية، هذا الأسلوب يتقصد إحداث أكبر قدر من الانهيار المعنوي في الطرف المقابل، أو ما يمكن وصفه بـ “شلل القيادة”، وهذه الحرب الخاطفة يجب أن لا يطول وقتها، فإذا لم يتحقق الهدف خلال أيام أو أسابيع فسيكون التراجع.
ويضيف “السعيد”، إن الأسلوب العملياتي الصهيوني في مواجهة حزب الله لن يكون مقدرًا له النجاح، وسيبدأ الكيان في المعاناة بعد تراجع موجات الصدمة والرعب والضربات المكثّفة التي يجيد الحزب وتتقن بيئته الحاضنة التعامل معها وامتصاصها وتفريغ آثارها، والحزب يمتلك قدرات صاروخية وطائرات مسيرة وشبكة أنفاق قوية وعميقة، والإمدادات متواصلة، والمخزونات في الجبال، وفي مدن في مناطق صخرية تحت الأرض، ستخرج في الوقت المناسب، وتبادل القوات المعتدية الضربات في العمق، والبنية التحتية للكيان قيمتها تريليونات الدولارات مقابل بنية تحتية بالمليارات في لبنان، وسينتصر القادر على التحمل والقادر على التضحية.
ويشير “السعيد” إلى أن حزب الله وجه يوم الأربعاء 25 أيلول رسالة ذات مغزى خاص جدًا للعدو، عبر عملية قصف مقر قيادة “الموساد” في “تل أبيب” بصاروخ باليستي “قادر1″، هذه الرسالة لا تتعلق باستهداف عاصمة الكيان أو عقله الأمني والاستخباراتي، بل تتعلق بأن “حزب الله” فتح المجال لإمكانية إدخال الصاروخ الفرط-صوتي في المعركة منذ يومها الأول، وهذه الصواريخ فائقة التطور لا تفلح معها أية حلول للدفاع الجوي، الوقت الذي يستغرقه الصاروخ للخروج من منصة إطلاقه إلى مكان الاستهداف يقدر بالثواني بسببب سرعته المذهلة، وبالتالي فإن الحرب بالنسبة للكيان هي فتح لبوابات جهنم على رؤوسهم.
في النهاية، وسواء تمادى نتنياهو في حرب الإبادة الممتدة من فلسطين إلى لبنان تحت وطأة النزق وحماقته الشديدة وأنانيته المفرطة، فإن لدى جمهور المقاومة نقطة جوهرية تروى، وهي أننا نصدق حزب الله، ونؤمن بوعده، ونعتبر أن هذا المشوار الجهادي الكبير لم يكن في أصله سوى تلك الجذوة المتقدة من كربلاء، حزب الله ليس أنبل ظاهرة في التاريخ العربي المعاصر، بل هو التمثل الأجلّ والكامل لدرس كربلاء، انتصار الدم على السيف. وهنا مكمن قوته وعزته وشموخه الذي ينمو بدماء قادته فيثمر نصرًا تلو نصر.. وآخر تلك الدماء شهادة أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله في أشرف وأنبل معركة نصرة لغزة وعلى طريق القدس.
المعطيات في حالة الحرب كثيرة ومتعددة، لكن ما سيحسم مصيرها هو وحدة جبهة المقاومة التي تقاتل حولها كل الجبهات في غزة والجنوب والعراق واليمن وطهران، نحن على يقين بأن حزب الله قدم حتى الآن –بكل مروءة وشرف ونخوة وإيمان- دور جبهة المساندة، ليس أكثر، ومعنى تحول الجنوب إلى جبهة حرب، فإن تعامل الحزب مع الكيان سيكون حازمًا من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون، ليس أقل من ذلك، نؤمن أن قلعة العروبة سورية موجودة، ونعرف أن المقاومة في العراق واليمن قادرة على لجم هذا المتعطش للدماء نتنياهو، وأن ما رآه من الحرب ليس إلا النذر اليسير مما في جعبة المحور، والأهم من هذا كله، أننا نرى بعين اليقين أن الكيان إذا قرر الحرب الشاملة، فإنها ستكون “حرباً بلا أفق”، ولطالما أثبت حزب الله أنه قادر على كسر كل التصورات الوهمية الصهيونية عن الحزب وعن الحرب أيضًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحمد فؤاد