مقالات مشابهة

عندما ترسُمُ دماءُ العُظماء ملامحَ النصر

فقدت الأُمَّــةُ الكثيرَ من قادتها وعظمائها، صحيح أن أعظم خسارة على الأُمَّــة هي خسارة عظمائها، وبقدر هول وحجم الخسارة يكون الجبر من الله أن تكون دماء العظماء هي من ترسم ملامح النصر، وكأن تلك الدماء التي سُفكت وهي تجاهد في سبيل الله هي النور الإلهي الذي يضيء للسالكين من عباده المجاهدين سبل النصر وتهيئ أسباب النصر والفلاح، ولنا في عظمائنا الشهداء عبرة.

استشهد سيدنا الحسين -عليه السلام- فانتصر، فقد كانت مسيرة الحسين هي الملهمة للنصر، فحين قال الزعيم الهندي المهاتما غاندي: “تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر” ذلك؛ لأَنَّه يعلم تماماً من هو الحسين -عليه السلام- وكيف أن مظلوميته واستشهاده كانت سبباً في النصر، وقد كانت الهند إذَا أرادت إحراز النصر، فلا بدّ لها من اقتفَاء سيرة الحسين؛ فاذا كانت الهند الدولة غير المسلمة تؤمن أن اقتفَاء نهج الحسين هو أحد عوامل النصر فالأحرى بنا نحن المسلمين أن نكون نحن من نؤمن بضرورة الاقتدَاء بأعلام الهدى حتى نستطيع أن ننتصر وننصر المظلومين في معركتنا ضد الظالمين.

وفي تاريخنا المعاصر وعند استشهاد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- في العام 2004 م لم تتوقف المسيرة القرآنية، بل ازدادت قوة إلى الحد الذي قارعت فيه أعتى دول العالم المدعومة بمرتزِقتها الإقليميين والمحليين، طالت بضرباتها الكيان الصهيوني، طردت أكبر آلة حربية أمريكية من البحر الأحمر، ألحقت بقوى الظلام هزيمة تاريخية، أليس هذا كله هو ما رسمته دماء السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- ورفاقه المظلومين؟ وهكذا على مر التاريخ سوف تنتصر دماء المظلومين على آلة حرب الظالمين.

وفي واقعنا المعاصر نرى المعجزات الإلهية والتأييد الرباني ووعد الله يتجلى في نصرة المجاهدين في غزة وفلسطين عُمُـومًا بالرغم من تكالب كُـلّ قوى الكفر ووقوفهم مع الكيان الصهيوني، وسوف تستمر آيات الله تتجلى لكل ذي لب لتتضح يوماً بعد يوم.

وفي مصاب الأُمَّــة الأخير عند استشهاد السيد حسن نصر الله ورفاقه -رضوان الله عليهم- يجب علينا أن نؤمن حَــدّ اليقين بأن دماءهم سوف تكون سبباً في زوال هذا الكيان، وهذا وعد الله الذي لا يخلف وعده “سبحانه وتعالى”، سوف يزداد حزب الله قوة وتماسكاً بعد استشهاد القائد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- كما ازداد أنصار الله قوة بعد استشهاد السيد حسين بدرالدين الحوثي ورفاقه -رضوان الله عليهم جميعاً-.

لا يجب أن نحزن بقدر ما نستبشر بالنصر الحتمي؛ لأَنَّ إيمَـاننا بهذا النصر هو إيمَـاننا بوعد الله ولو آلمنا فراق قادتنا، لكن بقدر الألم سيكون الجبر من الله سبحانه وتعالى، فدماء الشهيد المجاهد السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه- ما هي إلَّا الطريق التي ستوصلنا إلى القدس لنصلي في الأقصى، حَيثُ وعد الله وتأييده لن نحزن؛ لأَنَّنا إن حزنا شمت بنا الأعداء والمنافقون، لن نحزن؛ لأَنَّ شهيدنا لم يمت بل وضع لنا طريقاً للنصر، فحين نكون مجاهدين نكون مشاريع للشهادة في سبيل الله، وهذا ما يجب علينا أن نعيَه تماماً، وأن عزاءنا لأمتنا هو النصر الحتمي الذي وضع أساسَه دماءُ عظمائنا الزكية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. شعفل علي عمير