أكد وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، اليوم الأربعاء، تفعيل بلاده سلاح جديد في اليمن.. يتزامن ذلك مع فشل اخر أوراق واشنطن لوقف العمليات اليمنية. واعتبر الوزير الأمريكي، وفق ما نقلته السفارة الامريكية في اليمن، ادخال خدمة الانترنت عبر الأقمار الصناعية إلى اليمن بانه ضمن اهداف استخدام التكنولوجيا بإعادة تشكيل الدبلوماسية وتحديد ملامح المستقبل.
وجاءت تصريحات بلينكن عشية احتفال السفارة الامريكية بتفعيل خدمة “ستارلينك” في مناطق سيطرة التحالف جنوب وشرق اليمن. وأكدت السفارة بان اليمن أول دولة في الشرق الأوسط تدخل الخدمة.. وتم تحديد رسوم رمزية لإدخال الخدمة لا تتجاوز الـ 86 الف ريال إضافة إلى 8 الف ريال اشتراك وهي الارخص مقارنة ببقية الشركات المزودة للإنترنت.
وتشير عملية تخفيض تكاليف الانترنت الجديد إلى سعي أمريكا لدفع الناس للإقبال على الخدمة الجديدة لأغراض عسكرية. وعرفت شركة “ستارلينك” بتقديمها دعم عسكري لأوكرانيا في حربها مع روسيا.
لماذا قررت أمريكا تزويد اليمن بأخطر خدمة فضائية وبأرخص الأسعار وكيف يمكن ان تسهم بالمعركة الجديدة؟
بصورة مفاجئة، أعلنت الولايات المتحدة تفعيل خدمة الانترنت الفضائي في اليمن باعتبارها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تدخل هذه الخدمة التي لا تزال محظورة في كثير من البلدان بما فيها الشرق الأوسطـ، وبخطوة بسيطة أعلنت تخفيض أسعارها بصورة كبيرة، لكن مالذي يدفع اكبر دولة رأسمالية في العالم لمنح افقر دولة على الخارطة هذه الخدمة شبه مجانا؟
الاحتفال الأمريكي بتدشين خدمة الانترنت الفضائي في اليمن لم تقتصر على الشركة المزودة للخدمة والتي يملكها الأمريكي ايلون ماسك صاحب اهم شركات التقنية والاتصالات حول العالم، بل شمل أيضا السفارة الامريكية في اليمن ووزير الخارجية انتوني بلينكن ذاته.
هذه الشركة تمتلك العديد من الأقمار الصناعية ذات الأغراض الاستخباراتية والعسكرية والتي تدور بشكل مستمر في المدار الجوي للأرض، ولم يعرف عن الشركة تقديم خدمات مجانية بل على العكس تعد رسومها الأكبر حول العالم مقارنة بشركات أخرى بما فيها أمريكية، والأخطر في الأمر الدول الذي لعبته خلال الحرب الأوكرانية – الروسية حيث ظلت العين الساهرة للتحالف الغربي في أوكرانيا وعززت اتصالات الحلفاء بعد ان نجحت روسيا باختراق شبكات الاتصالات الأوكرانية.
فعليا، تم توقيع عقد الشركة للاستحواذ على قطاع الانترنت والاتصالات في مناطق سيطرة التحالف جنوب وشرق اليمن قبل اشهر، لكن توقيت اعلان بدء البث فعليا حمل عدة أسئلة استفهام، أولها لماذا قررت الشركة تخفيض رسوم الاشتراك الشهري وأسعار الصحون اللقاطة وتزويد الخدمة، وما علاقة الخطوة بالتحركات الامريكية لتصعيد داخلي في اليمن وما تداعيات الشركة على خصوصية الناس في مناطق بثها جنوب وشرق البلاد خصوصا بعد ان كشفت تقارير غربية تورطها بعمليات تجسس؟
بحسب خبراء، فإن خفض رسوم الشركة واسعارها ليس لأجل خاطر اليمنيين الذين يعانون منذ نحو عقد من فقر ومجاعة بسبب الحرب والحصار التي تقودها الولايات المتحدة والسعودية، واغناهم بالكاد يؤمن قوت يومه، بل لأسباب تتعلق بدفع اليمنيين الذين يعانون من تردي خدمات الانترنت مع تكرار عمليات استهدافه بما في ذلك قطع كابلات في شرق البلاد او ساحلها الغربي، إضافة إلى وجود خطط أمريكية لاستهداف قطاع الاتصالات في البلاد سواء عسكريا او اقتصاديا.
قد يحسب البعض الخطوة الامريكية تطور مهم لهذه الخدمة التي أصبحت جزء من حياة الناس والتواصل حول العالم، لكن الأخطر فيها انها ذات ابعاد عسكرية بحتة وقد لا يقتصر الامر على دعم اي تصعيد عسكري لفصائل التحالف جنوب وغرب اليمن والتي تعدها أمريكا بدعم الاحتلال الإسرائيلي لهذا الامر حاليا، بل لاستعادة نفوذ أمريكا في اليمن بعد سنوات من طردها منه بعد ان ظلت لعقود تجثم على مفاصل الحياة فيه.
دخول “ستارلينك” هو ذات السيناريو الذي اعتمدته الولايات المتحدة في فيتنام بعد طردها عسكريا منه، اذ شرعت بالهيمنة الاقتصادية بدفع شركات أمريكية للاستحواذ على اهم مفاصل وعصب الحياة فيه اقتصاديا وهو السيناريو ذاته الذي تكرره حاليا في اليمن مع فشلها باستعادة نفوذها فيه عسكريا، لكن تظل تلك المشاريع محكومة بالفشل بفعل وعي الناس وادراكهم للخطط الامريكية الخبيثة في البلاد.
بالتزامن مع تصاعد عمليات استهداف الاتصالات في لبنان، بدأت أمريكا تحركات في اليمن، فهل تعد لسيناريو مشابه ؟
في لبنان، تواصل امريكي وحلفائها الغربيين ارباك المشهد بمزيد من التفجيرات التي تستهدف بشكل أساسي أجهزة الاستدعاء المحلية قليلة المخاطر والاتصالات اللاسلكية ذات المدى القصير والتي لا يمكن التقاط اشارتها وهي بذلك تحاول اخراج منظومة الاتصالات البديلة لشبكة الهاتف من الجيل الرابع والثالث والذي يخضع للتجسس والرقابة الأمريكية عن الخدمة واجبار الجميع على العودة لتلك الشبكات وبما يمكنها من التحكم بمجريات الأمور في الجبهة التي شكلت مفصل معقد بالنسبة للاحتلال وامريكا معا.
وخلافا للبنان المتنوع ثقافيا وسياسيا والمنقسم اجتماعيا، بدأت الولايات المتحدة تحركات في اليمن لكن مختلفة بعض الشيء، واخر تلك الخطوات قرارها تفعيل خدمة الانترنت والاتصالات الفضائية على امتداد خارطة اليمن الفقير في اقصى الكرة الأرضية.. حتى اللحظة لم يعرف ما اذا كانت أمريكا تتحسب لهجوم الاحتلال على البنية التحتية للاتصالات في صنعاء أما انها تهدف لإخراجها عن الخدمة بشكل عسكري او باخر.
وفق تقارير إعلامية، ظلت الولايات المتحدة خلال سنوات الحرب التي قادتها السعودية على اليمن تعارض استهداف بنية الاتصالات اليمنية رغم الاستهدافات التي طالت العديد من شبكات التغطية وابراج الاتصالات، وكان المبرر الأمريكي عدم وجود بديل، اليوم وقد قررت أمريكا ذاتها توفير البديل يبدو بان الخطوة الامريكية التالية ستكون استهداف قطاع الاتصالات لاسيما وان الخطوة تأتي مع محاولة الاحتلال البحث عن هدف كبير في اليمن لحفظ ماء وجهه بعد ان تعرض لصفعة في قلب عاصمته تل ابيب بصاروخ اليمن الأخير “فلسطين اثنين”.
كان الهدف الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الأول على اليمن قصف خزانات النفط بميناء الحديدة وهو بذلك حاول لفت الأنظار لحجم الحريق الكبير الذي احدثه ولو لم يغير ذلك من الواقع شيء او يؤثر على البلد الفقير أصلا، و هو الان يبحث عن هدف اكبر يحدث انتباه العالم الذي اصبح غارقا بنقاشات حول انهيار منظومة الاحتلال العسكرية ويترقب توقيت زوال الاحتلال الإسرائيلي ولا يستبعد ان يكون الاحتلال ومن خلفه أمريكا يرتبان لأمر جلل هذه المرة ولو استهدف عشرات الملايين في اليمن.