يواصلُ الاقتصادُ الصهيوني تهاويَه على وَقْعِ العدوان الوحشي على غزةَ، وانعكاساته المباشرة المتمثلة في عمليات المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد اليمنية واللبنانية والعراقية.
ومع ارتفاع منسوب السخط ضد حكومة العدوّ حيالَ التدهور الاقتصادي، فاقمت الضربة اليمنية الصاروخية، مستوى الاحتقان الداخلي لدى العدوّ؛ ما ينذرُ بانفجار داخلي يعصف بالكيان وحكومة المجرم نتنياهو.
وفي السياق، ذكَرت وسائل إعلام صهيونية، ارتفاعَ وتيرة تدهور الوضع الاقتصادي ومؤشرات التضخم وغلاء المعيشة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، مؤكّـدةً أن حكومةَ المجرم نتنياهو تصر على عدم اعتبار الأضرار الاقتصادية للحرب عاملاً من العوامل الموجبة لإعادة التفكير في استمرارها أَو توقفها.
انتقاداتٌ داخلية.. غلاءُ المعيشة ينذرُ بانفجار:
وانتقدت صحيفة “هآرتس” العبرية، الوضع الاقتصادي في كيان الاحتلال، متحدثة عن أنّ “أطولَ حرب وأكثرَها تكلفةً في تاريخنا تفرضُ علينا ثمناً في غلاء المعيشة وتقلّل من فرصة خفض سعر الفائدة”.
وأطلقت “هآرتس” على مؤشر غلاء المعيشة في “إسرائيل” اسم “مؤشر الحرب”، مؤكّـدة أنّ “أطول حرب وأكثرها تكلفة في تاريخ البلاد تفرض ثمناً ليس فقط في التكاليف الأمنية والتعويضات للكثير من الضحايا، بل أَيْـضاً في غلاء المعيشة”، لافتةً إلى أن “مؤشر شهر أغسطُس الذي ارتفع بنسبة 0.9 %، خلافاً للتوقعات المبكرة التي قدرت ارتفاعه بنسبة نصف في المئة فقط، مرتبطٌ بالحرب وآثارها إلى حَــدٍّ كبير”.
ولفتت إلى تأثير عمليات المقاومة وجبهات الإسناد في رفع وتيرة الهجرة العكسية، وكذلك شلّ حركات السفر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة، حَيثُ أوضحت أن جزءًا من الإيرادات جاءَ بسَببِ ارتفاع أسعار رحلات الطائرات الحاد، على متن شركات السفر الإسرائيلية؛ بسَببِ أن شركات الطيران الأجنبية خفّضت رحلاتها إلى “إسرائيل” بشكل كبير، وانخفض العرض، وازداد الطلب، مبينة أن نتج زيادة بنسبة 22.1 % في تكلفة السفر إلى الخارج.
وأشَارَت الصحيفة إلى أنّ “عمليات إلغاء الرحلات الجوية من قبل الشركات الأجنبية تزايدت بشكل خاص” على وقع ارتدادات الانتهاكات الصهيونية التي طالت اليمن وإيران (اغتيال إسماعيل هنية) ولبنان، في إشارة إلى حجم المخاوف التي تنتاب الكيان من هذا الرد، وقد تجلَّى بعضُ ذلك في نتائج العملية اليمنية الصاروخية التي طالت “تل أبيب” وأدت إلى اضطراب داخلي وقلق غير مسبوق أسفر اختباء ملايين الصهاينة في الملاجئ.
وجددت الصحيفة الصهيونية التأكيد على أن هذه الظروف فاقمت هروب المستثمرين، مشيرة إلى أن الاستثمار الأجنبي انخفض بنسبة 60 %، فيما تشير الأرقام إلى مغادرة نصف شركات التكنولوجيا؛ وهو ما سيكبد العدوّ خسائر فادحة.
وفي ختام تقريرها، هاجمت صحيفة “هآرتس” العبرية، حكومةَ المجرم نتنياهو، داعية إلى الوقوف أمام حالة التجاهل واللامبالاة التي يتقمَّصُها هو وباقي وزرائه المجرمين.
بدوره، أكّـد موقع قناة “مكان” الصهيونية، أنه وخلافاً للتقديرات والتوقعات المسبقة، فقد قفز التضخم المالي بأكثر من واحد في المئة، وذلك يعني أن خفضَ قيمة الفائدة المصرفية لا يلوح في الأفق القريب.
وقالت: إن مؤشر غلاء الأسعار الاستهلاكية ارتفع بنسبة 0.9 % في يوليو الماضي، فيما جاء مؤشر التضخم مفاجئاً بشدة في أغسطس، إذ ارتفع أكثر من المتوقع من 3.2 % إلى 3.6 % وقفزت أسعار الشقق بنسبة 0.9 %، بحسب الموقع.
وأضافت أنه “في توزيع ارتفاع مؤشر غلاء المعيشة، تأتي زيادةُ أسعار المساكن حسب المناطق، إذ كان هناك ارتفاع بنسبة 0.1 % في منطقة وسط “تل أبيب”، وزيادة بنسبة 0.8 % في منطقة حيفا، وزيادة بنسبة 1.8 % في منطقة المركز، وزيادة بنسبة 1 % في منطقة “تل أبيب”، وبنسبة 0.4 % في منطقة الجنوب. كما ارتفعت أسعار الشقق الجديدة بنسبة 0.9 %، لتكمل ارتفاع الأسعار السنوي بنسبة 5.8 %”.
وبيّنت أيضًا أن أسعار الخضروات الطازجة سجلت ارتفاعاً ملحوظاً الشهر الماضي بنسبة 13.2 %، والنقل بنسبة 2.8 %، والتعليم والثقافة والترفيه بنسبة 0.5 %، وصيانة المنازل بنسبة 0.4 %، والمواد الغذائية بنسبة 0.3 %. وبهذه الطريقة، يصل المعدل السنوي لارتفاع الأسعار إلى 6 % تقريباً، وإذا استمرت الأسعار في الارتفاع، فستكون هناك زيادة في أسعار الشقق تفوق 10 %.
ومن شأن هذا الغلاء المعيشي أن يفاقم حالة الاحتقان والسخط ضد حكومة المجرم نتنياهو، وبذلك تتضاعف انعكاسات وجدوى العمليات النوعية التي تنفذها المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد: اليمنية واللبنانية والعراقية.
قرارُ رفع الموازنة يواصلُ إشعالَ السخط الداخلي:
وفي سياق متصل، ما يزال قرار رفع الموازنة من قبل حكومة العدوّ، محلَّ انتقادات وسخط كبار المسؤولين والخبراء الصهاينة، محذرين من عواقبَ وخيمة حيال السياسات الاقتصادية التي ينتهجها نتنياهو ووزير ماليته سموتريتش.
ونقلت وسائل إعلام صهيونية تصريحاتٍ لمَن أسمته “كبيرَ الاقتصاديين السابق في وزارة المالية الإسرائيلية يوئيل نافيه”، أكّـد فيها أن العدوّ الصهيوني بحاجة للتحَرّك بقوة وبإجراءات فورية لصياغة موازنة مسؤولة للعام المقبل لدرء خطر حدوث أزمة تلوح في الأفق، في إشارة إلى أن الوضعَ الاقتصادي الصهيوني يسير في نفق مظلم.
وحذّر “نافيه” من إمْكَانية أن تجر هذه الأزمة الاقتصاد إلى الركود وتعرُّضِ ما أسماه “الأمن القومي الإسرائيلي” للخطر، مؤكّـداً أنه “إذَا فشلت الحكومة في معالجة موازنة العام المقبل، من خلال تخفيضات الإنفاق وزيادة الضرائب والإصلاحات فسوف تواجه أزمة مالية خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة”، وهنا تأكيد جديد على أن آثار العدوان والحصار على غزة وانعكاساتها المباشرة سوف تسبب متاعبَ اقتصادية كبيرة، فضلًا عن أن المؤشرات تؤول إلى تصاعد العمليات اليمنية اللبنانية؛ وهو ما ينذر بكوارثَ اقتصادية كبيرة على العدوّ، وفوقها كوارث أمنية وعسكرية.
اعترافٌ أمريكي: الحرب مزَّقت “إسرائيل”
إلى ذلك أكّـدت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية أن الوضعَ الاقتصادي الذي يعيشه كيان العدوّ، يكشف كيف مزَّقت عمليات المقاومة وجبهات الإسناد العدوّ الإسرائيلي.
وقالت في تقرير حديث لها: إن “هناك اهتزازاً يشهدُه ائتلافُ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في وقتٍ تواجه “إسرائيل” واقعاً اقتصاديًّا صعباً؛ إذ يتبيّن أنّ الحرب على غزة “تُمزّق إسرائيل”.
وأوضح التقرير أن “إسرائيل تشهد تباطؤاً في النمو وارتفاعاً في معدلات التضخم والبطالة، وانكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي”، لافتةً إلى أن نتنياهو “يضخم الإنفاق العام”.
وبيَّنت أن الأزمات الاقتصادية العبرية المتوالية، تأتي في وقتٍ “تستمر الحرب في غزة، فيما تتزايدُ التهديداتُ والمعارك من لبنان واليمن وإيران، كما أن الضفة الغربية تغلي”، في إشارة إلى حجم التأثير الناتج عن تصاعد عمليات المقاومة وجبهات الإسناد.
وعرّجت بلومبرغ، على باقي مفاصلِ الأزمة الصهيونية والمتمثلة في “دفع الحكومة مئات الآلاف من رواتب جنود الاحتياط، فضلاً عن فواتير الفنادق وإعانات الإسكان لعشرات الآلاف الذين تم إجلاؤهم بالقُرب من الحدود الشمالية والجنوبية، وقد تتدهورُ أَيْـضاً العلاقاتُ مع الولايات المتحدة، حَيثُ تلوحُ الانتخاباتُ الرئاسية في الأفق”.