يبدو وضع الولايات المتحدة في عدوانها على اليمن شبيها بحال الأعمى الذي يتخبط دون وجهة واضحة. فطائراتها التجسسية، التي تعتمد عليها بشكل أساسي، أصبحت مهددة لحظة دخولها الأجواء اليمنية. وعملاؤها الميدانيين وقعوا في قبضة الأجهزة الأمنية، التي تمكنت من ضبط أخطر الخلايا التجسسية الأمريكية التي كانت تعمل على جمع المعلومات ورصد الأهداف.
بحسب تصريحات المسؤولين الأمريكيين في الفترة الأخيرة فإن واشنطن تفتقر إلى معلومات دقيقة حول قدرات الجيش اليمني ومواقع تصنيع وتخزين الصواريخ والطائرات. وشواهد ذلك عدم جدوائية الضربات الجوية الأمريكية البريطانية التي لم تُحدث فارقًا في المعركة ولم تحد من استهداف السفن.
الموساد الإسرائيلي، الذي يُشاع عنه الكثير من القدرة والحنكة، هو الآخر أظهر عجزه في اليمن واستهداف الكيان الصهيوني لميناء الحديدة شاهد حي، حيث ركزت الهجمات على خزانات الوقود دون الحاجة إلى استخبارات دقيقة. ولو كان لديهم معلومات هامة، لاستهدفوا مخازن طالما أثقلت كاهلهم وكبدتهم المليارات بدلاً من التركيز على هدف إنساني. وما يعزز الفشل الصهيوني نجاح الجيش اليمني في استهداف “تل أبيب” بطائرة يافا الذي كشف عجز الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية معا، بعد العجز في رصد الطائرة على الرغم من تحليقها مسافة (2.000) كم ودة تحليق تزيد عن 15 ساعة.
MQ_9 خارج الخدمة
في جديد الإنجازات النوعية للجيش اليمني، القدرة على إخراج الطائرة التجسسية الأمريكية المقاتلة نوع MQ_9 عن الخدمة، وإحراج واشنطن أمام منافسيها الدوليين، خاصة بعد الهالة الإعلامية الضخمة التي صاحبت دخول الطائرة ميدان المعارك.
طائرات “MQ-9” تُعَدّ من أحدث الطائرات الأمريكية بدون طيار، وتضم مواصفاتٍ تكنولوجيةً عالية، منها نظام رادار متطور وكاميرات ومستشعرات عالية الدقة تستطيع مسح منطقة قطرها 360 درجة، وتبلغ قيمة الطائرة مع غرفة التحكم والصواريخ والأجهزة الأُخرى 30 مليون دولار.
وتتنوعُ مهامُّ هذه الطائرة بين المراقبة والتجسس وضرب أهداف أرضية، وتتميز بقدرتها على حمل صواريخ وقنابل موجهة بالليزر، وتمتلك نظام رادار متطوراً ينقل البيانات لعدد من الطائرات أَو المواقع على الأرض.
ويبلغ طول الطائرة 11 مترًا ويصل عرضها مع الأجنحة إلى 20 متراً، ويبلغ مدى التحليق للطائرة نحو ثلاثة آلاف كيلو متر، ويصل أقصى ارتفاع لها 45 ألف قدم، بينما تبلغ سرعتها القصوى نحو 240 كيلومتراً، ولها قدرة على العمل في الظروف الجوية القاسية، والتحليق لفترة زمنية طويلة تصل إلى 40 ساعة.
ومنذ دخول القوات المسلحة اليمنية في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”؛ إسناداً للمجاهدين في قطاع غزة، تمكّنت القوات المسلحة ودفاعاتها الجوية من إسقاط 9 طائرات مسيرة من هذا النوع، وذلك على النحو الآتي:
في الـ11 من سبتمبر الجاري أعلنت القوات المسلحة اليمنية، تمكنها من إسقاط طائرة أمريكية من نوع (MQ_9) في أجواء محافظة صعدة. موضحة في بيان لها، أنها وفي إطار الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديهِ والرد على العدوانِ الأمريكيِّ البريطانيِّ على بلدِنا، فقد نجحت الدفاعات الجوية بعونِ اللهِ تعالى في إسقاطِ طائرةٍ أمريكيةٍ نوع MQ_9 وذلك أثناءَ قيامِها بأعمالٍ تجسسية وعدائيةٍ في أجواءِ محافظةِ صعدة.
وأشار بيان القوات المسلحة اليمنية إلى أن هذه الطائرةُ هي الثانية التي تسقطها الدفاعات الجوية من هذا النوعِ خلال 72 ساعة والتاسعة التي تنجحُ القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ في إسقاطِها خلالَ معركةِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدس إسنادًا لغزة.
ويأتي بيان الأمس إضافة جديدة إلى حصاد الدفاعات الجوية من اسقاط هذا النوع من الطائرات التجسسية الأمريكية والذي بلغ ثماني طائرات، أسقطت الأولى في 8 نوفمبر 2023 أثناء قيامها بأعمال عدائية ورصد وتجسس في أجواء المياه الإقليمية اليمنية، ضمنَ الدعم العسكري الأمريكي للكيان الإسرائيلي.
وفي 19 فبراير 2024: تمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط طائر أمريكية من نوع MQ-9 في محافظة الحديدة ووزع الإعلام الحربي، حينها مشاهد لعملية إسقاط الطائرة. وأظهرت المشاهدُ الرصدَ الدقيقَ للطائرة الأمريكية ولحظة استهدافها بصاروخ أرض -جو محلي الصنع بشكل مباشر في سماء محافظة الحديدة، كما وثّقت احتراقَ الطائرة بعد استهدافها وسقوط حطامها على الأرض.
أما في 26 إبريل 2024، فقد أضافت القوات المسلحة إلى رصيدها إنجاز جديد، حَيثُ تمكّنت يوم 26 إبريل نيسان 2024م من إسقاط طائرة (MQ9) في أجواء محافظةِ صعدةَ، وذلكَ أثناءَ قيامِها بتنفيذِ مهامٍّ عدائيةٍ وقدْ تمَّ استهدافها بصاروخٍ مناسب.
وفي 16 مايو 2024: أعلنت القوات المسلحة اليمنية، عنْ إسقاط طائرة تجسس مقاتلة أمريكية من طراز (MQ9) أثناء قيامها بأعمال عدائية في أجواء محافظة مأرب، هي الرابعة التي تم إسقاطها منذ بدء معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس إسناداً لغزة.
في 21 مايو 2024: أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن إسقاط طائرة مسيرة أمريكية من طراز “إم كيو 9” في أجواء محافظة البيضاء وسط اليمن. وقال بيان للقوات المسلحة اليمنية: “انتصارًا لمظلومية الشعب الفلسطيني، وردًّا على العدوان الأمريكي البريطاني على بلدنا، نجحت قوات الدفاع الجوي في القوات المسلحة اليمنية في إسقاط طائرة أمريكية نوع MQ-9 (مسيرة) أثناء تنفيذها مهامًّا عدائيةً في أجواء محافظة البيضاء”.
ووزع الإعلام الحربي مساء الأربعاء 29 مايو أيار 2024م مشاهد لعملية إسقاط الدفاعات الجوية للطائرة الأمريكية MQ-9 أثناء قيامها بمهام عدائية في أجواء محافظة مأرب، أظهرت المشاهد عملية رصد ومتابعة الطائرة الأمريكية ولحظة إطلاق صاروخ أرض – جو محلي الصنع باتّجاهها والذي أصابها بشكل مباشر؛ ما أَدَّى إلى سقوطها.
كما أعلنت القوات المسلحة اليمنية يوم الأحد، 4 أغسطُس آب 2024، عن نجاحها في إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار من نوع MQ-9 بصاروخ أرض-جو محلي الصنع، أثناء قيامها بأعمال عدائية في أجواء محافظة صعدة، وأكّـد المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع، أن هذه الطائرة هي السابعة من نوعها التي يتم إسقاطها منذ بداية معركة الفتح الموعود، مشيدًا ببسالة المقاتلين وصمودهم في مواجهة العدوان.
ويوم السبت 7 أغسطس، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن نجاحها في إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار من نوع MQ-9 أثناء قيامها بأعمال عدائية في أجواء محافظة مأرب. وأكدت القوات المسلحة في بيان لها، أن الدفاعات الجوية بعونِ اللهِ تعالى تمكنت من إسقاطِ طائرةٍ أمريكيةٍ نوع MQ_9 وذلك أثناءَ قيامِها بأعمالٍ عدائيةٍ في أجواءِ محافظةِ مأرب والتي تعد الثامنة من نوعها التي يتم إسقاطها منذ بداية معركة الفتح الموعود.
ضربات دون جدوى
إلى ذلك، أكد موقع bankingnews “بانكينغ نيوز” اليوناني أن نجاح القوات المسلحة اليمنية في تحويل طائرتين بدون طيار من طراز (إم كيو- 9) إلى رماد في 72 ساعة، إذلال للولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت الموقع اليوناني إلى أن القوات المسلحة اليمنية قد تنشر ما يدعم إعلانها عن إسقاط (إم كيو- 9).. مؤكداً أن قيمة الطائرة الواحدة من (إم كيو- 9) تكلف أكثر من 30 مليون دولار. مشيدا بقدرات القوات المسلحة اليمنية.. مؤكدا أن مئات الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية في اليمن لمحاولة ردعه وإضعاف قدراته الهجومية كانت دون جدوى.
مضاعفة حالة الهزيمة والفشل
من جانب آخر، وصفت وسائل الإعلام العبرية قيام القوات المسلحة اليمنية بإسقاط طائرة (إم كيو-9) أمريكية جديدة بأنها ضربة موجعة للجيش الأمريكي الذي يواجه بالفعل فضيحةَ الهزيمة والفشل في البحر الأحمر، مشيراً إلى أن القوات اليمنية كبدت الولايات المتحدة ربع مليار دولار حتى الآن نتيجة إسقاط ثماني طائرات من هذا النوع خلال 10 أشهر.
وقال موقع القناة العبرية الثانية عشرة في تقرير نشر، في 11 من سبتمبر2024: إن القوات المسلحة اليمنية “حقّقت إنجازًا آخرَ هذا الأسبوع، ووجَّهت ضربةً موجعة إضافية للجيش الأمريكي من خلال إسقاط طائرة (إم كيو-9) المتطورة، وهي الثامنة من نوعها منذ بدء الحرب”.
وأكّـد التقرير أن نجاحَ القوات المسلحة اليمنية في إسقاط هذه الطائرة “يمثل ضربة كبيرة لقدرات الجيش الأمريكي في المنطقة” وخُصُوصاً فيما يتعلق بجهوده في البحر الأحمر، في إشارة إلى أن إسقاط الطائرة يضاعف حالة الهزيمة والفشل التي تعيشها واشنطن في مواجهة الجبهة اليمنية المساندة لغزة.
وأشَارَ التقرير إلى أنه “خلالَ الأشهر القليلة الماضية، تزايدت الانتقاداتُ في الولايات المتحدة بشكل خاص وفي الغرب بشكل عام نتيجةَ ما وصف بعدم قُدرة إدارة بايدن على الدفاع عن نفسها ضد هجمات الحوثيين” حسب تعبيره.
وقال: إنه “بحسب المعلومات المنشورة فَــإنَّ سعر الطائرة بدون طيار من طراز (إم كيو -9) يبلغ حوالي 32 مليون دولار؛ ولهذا السبب يمكن القول إن الولايات المتحدة خسرت أسلحةً تبلغ قيمتها حوالي رُبع مليار دولار في اليمن؛ فقط نتيجة إسقاط هذه الطائرة المتطورة”.
وذكر التقرير بأنه “قبل شهر تقريبًا، نشرت صحيفة بوليتيكو تقريرًا أفاد بأن الجيش الأمريكي أطلق صواريخَ اعتراضية وأسلحةً ضد اليمن تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات، فيما تصل تكلفة إجمالي انتشار الجيش الأمريكي في القطاع اليمني إلى المليارات”.
وأكّـد أنه من الواضح أن الهجمات الأمريكية والبريطانية العديدة على اليمن خلال الأشهر الثمانية الماضية فشلت في التسبُّبِ بأضرار حقيقية.
وأضاف: “في الأسابيع الأخيرة، أعرب مسؤولون غيرُ رسميين في الولايات المتحدة عن خيبة أملهم إزاء استمرار الوضع مع الحوثيين واستمرار الأضرار التي لحقت بالسفن في البحر الأحمر، وسمعت أكثرَ من مرة أصواتًا تزعم أن الولايات المتحدة خسرت الحرب ضد الحوثيين”.
وأشَارَ التقرير إلى أن “صحيفة (وول ستريت جورنال) انتقدت بشدة في افتتاحيتها منذ حوالي أسبوع ونصف أسبوع أُسلُـوبَ تعامل إدارة بايدن مع الحرب، حَيثُ كتبت الافتتاحيةُ أن بايدن يترُكُ خليفتَه مع الأزمات في كُـلّ مكان في العالم”.
وأكّـد التقرير أنه “منذ عدة أسابيعَ، لا يقومُ الجيشُ الأمريكي بتشغيل أية سفن حربية أَو أصول عسكرية في البحر الأحمر، على الرغم من التهديد الذي يشكِّله الحوثيون”.
الخطر على الطائرات الحربية المأهولة
في سياق متصل، حذرت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية العبرية من تزايد فرص تطور الدفاعات الجوية للجيش اليمني، معتبرة أن استمرار القتال ضد الجيش اليمني سيزيد من فرصتها لتحقيق إنجازات كبيرة في مجال الدفاع الجوي ضد الطائرات المأهولة، بعد أن تمكنت من إسقاط ثماني طائرات من طراز (إم كيو-9) خلال أقل من عام واحد.
ونشرت الصحيفة، تقريراً علقت فيه على إعلان الجيش اليمني ، مساء السبت الماضي، عن إسقاط طائرة (إم كيو-9) أمريكية بدون طيار. وقالت الصحيفة إن “هذه ليست المرة الأولى التي ينجح فيها الحوثيون في اعتراض هذه الطائرة، فقد تم الإبلاغ في مايو عن أنه تم اعتراض خمسٍ منها بالفعل، أي أن الحوثيين قد تسببوا للأمريكيين بأضرار تصل إلى 150 مليون دولار فقط من خلال ضرب الطائرات المسيّرة، على أقل تقدير، حتى شهر مايو”.
وأضافت أنه “برغم أن هذه الطائرة متقدمة للغاية، إلا أن الحوثيين تمكنوا من اعتراضها عدة مرات”.
وأشارت إلى أن “الحوثيين تمكنوا من تجميع مجموعة متنوعة من أنظمة الدفاع الجوي في العقد الماضي، أبرزها نماذج سوفياتية مثل SA-9، والتي حصلوا عليها عندما سيطروا على العاصمة صنعاء عام 2014”.
واختتمت بالقول إنه “مع استمرار القتال ضد الحوثيين، ستزداد أيضاً مخاطر تحقيق إنجازات كبيرة من جانبهم مثل اعتراض طائرة مأهولة”.