الرئيسية المشهد الدولي هكذا اخترق حزب الله مقّر قيادة الوحدة 8200 بـ (غليلوت)

هكذا اخترق حزب الله مقّر قيادة الوحدة 8200 بـ (غليلوت)

وحدة 8200، التابعة للاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة (أمان)، تعرضّت لإخفاقٍ رهيبٍ في حرب تشرين الأول (أكتوبر) من العام 1973، بعدما فشلت في إعطاء إنذار عن نشوب هذه الحرب.
وبعد مرور 50 عامًا سجلّت الوحدة المذكورة أكبر إهانةً لها بعدما فشلت في رصد تحركّات حركة (حماس) في عملية (طوفان الأقصى)، الأمر الذي اعتُبِر إسرائيليًا الفشل الاستخباراتيّ المُجلجل في تاريخ الكيان، كما أنّه من الأهمية بمكان الإشارة لإخفاقٍ آخرٍ للوحدة، بعد نجاح (حزب الله) اللبنانيّ في تفجير هاتفٍ محمولٍ مفخخٍ في قلب المختبر السريّ للغاية داخل مقر قيادتها.

وفي كتابه (دولة إسرائيل ستفعل كل شيء) اعتبر د. رونين بيرغمان، من أشهر المختّصين الإسرائيليين في الشؤون الأمنيّة والإستراتيجيّة، اعتبر أنّ هذه العملية التي أطلقت عليها شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) فيما بعد اسم (ملف الكرتون)، تُعّد مثالاً مسبقًا على الفشل الذريع الذي مُني به الجيش الإسرائيليّ أمام حزب الله في لبنان.

وبحسب رواية المؤلّف فقد شنّ رجال حزب الله في ليلة العشرين من شباط (فبراير) من العام 1999 هجومًا على مقر قيادة الكتيبة 20 التابعة لما كان يُطلَق عليه (جيش لبنان الجنوبيّ) في بلدة جزين.

وتمّ تفجير المبنيين بواسطة زرع مواد ناسفة بقربهما. وخلال عمليات التمشيط التي قام بها قائد الكتيبة صباح اليوم التالي، عثر بالقرب من المبنى الذي انهار على هاتفٍ محمولٍ لبنانيٍّ، ومخزنيْ رصاص خاليين لبندقية كلاشينكوف، وكذلك فتيل تفجير أصفر اللون طوله 30 سم.

وأوضح بيرغمان: “تضمن تقرير التحقيق الداخلي الذي وضعه ضابط الاستخبارات من وحدة الارتباط مع لبنان الجنرال آفى لازروف، توصية مذيلة بعبارة: الهاتف اللبنانيّ سيُنقل أولاً إلى الوحدة 8200، لافتًا إلى أنّه هكذا دخل الهاتف اللبنانيّ إلى قدس الأقداس، على حدّ قوله، مُضيفًا أنّه تمّ نقل الهاتف إلى ضابط الاستخبارات في غان شيكاميم، وحدة جيش لبنان الجنوبي الموازية للوحدة 8200، والذي قام بدوره بنقله إلى رئيس قسم الأهداف في الوحدة 8200، ثم نقله هذا الأخير إلى قاعدة الوحدة في شمال ‘‘إسرائيل’’، لينقل بعدها من هناك إلى رئيس الشعبة المتخصصة بمتابعة حزب الله، والذي أخذه بدوره إلى قيادة الوحدة 8200 في وسط ‘‘إسرائيل’’.

ولكن الجميع، شدّدّ بيرغمان، نسوا تعليمات الأمن الرئيسيّة، والتي تقول إنّه ينبغي فحص الجهاز بدقّهٍ تحسبًا من أنْ يكون مفخخًا، لافتًا إلى أنّ الخبراء في الوحدة علّقوا آمالا كبيرة على هذا الهاتف، واعتقدوا أنّهم سيخرجون منه بأرقام هواتف وبياناتٍ أخرى تُمكّنهم من تعزيز الرقابة على (حزب الله).

وفي هذه الأثناء، تابع، كانت بطارية الهاتف اللبنانيّ المحمول قد فرغت وتعيَّن شحنها، وفي النهاية وصل الهاتف إلى أيدي ضابطين يدعيان عوديد وعينبار في مختبر داخل منشأة بالغة الأهمية والسرية في مقر قيادة الوحدة 8200، داخل نفس المختبر السريّ اخترعت مجموعة من الجنود برنامج (firewall).

وأشار بيرغمان إلى أنّ عوديد وعينبار اتصلا برئيس الشعبة، وسألاه ما إذا كان قد تمّ فحص احتمال تفخيخ الجهاز، فردّ عليهما بأنّه لا يعرف، ولكنّه يعتقد أنّه تمّ فحصه، وإلّا لما وصل الجهاز من لبنان إلى المختبر. في هذه اللحظة، شدّدّ بيرغمان، توجه عينبار إلى الضابط حانان، وقال إنّ الهاتف وصل من قرية جزين، وطلب منه المساعدة. توجه كلاهما إلى المختبر، وهناك قاما بتوصيل شاحن بطارية مناسب بالهاتف. جلس عينبار بجوار الطاولة، وأمسك الهاتف بيده اليسرى، فيما كانت لوحة مفاتيح الهاتف ناحية كف يده الممدودة إلى أسفل، أمّا البطارية فقد كانت موجهة إلى أعلى لتمكين حانان من شحنه بالكهرباء.

وفي نحو الساعة (18:30)، أوصل حانان البطارية بمصدر الشحن، فانفجر الهاتف، كما جاء في كتاب بيرغمان، الذي خلُص إلى القول: “هزّ هذا الانفجار أحد أكثر المؤسسات حساسية وسرية في دولة إسرائيل، وترك أصداء في أنحاء القاعدة الكبرى التي يخدم فيها آلاف الجنود، وما زال يُذكر حتى اليوم في الوحدة 8200 كصدمةٍ”، على حدّ تعبيره.
وكان موقع (Israel Defense)، المتخصص في الشؤون الأمنيّة والعسكريّة، قد أعدّ تقريرًا مفصلاً عن الوحدة 8200، جاء فيه أنّها من أكثر الوحدات تطورًا من الناحية التقنيّة والتكنولوجيّة ولها نشاطات واسعة في حروب الإنترنت والشبكات، وقد انضم إليها الآلاف من العقول الإسرائيليّة منذ إنشائها نظرًا لشهرتها الواسعة، حيث تعمل على ضمان التفوق النوعيّ لإسرائيل من خلال عملياتٍ دفاعيّةٍ أوْ هجوميّةٍ في الفضاء الإلكترونيّ وتعتبر المسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونيّة في جيش الاحتلال، كما جاء في التقرير.

وبحسب المصادر في تل أبيب، تهدف الوحدة “8200”، التي يقودها ضابط كبير برتبة عميد، إلى المساهمة في تقديم رؤيةٍ استخباريةٍ متكاملةٍ، مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء، وتعتمد الوحدة على ثلاثة أوجه من العمل الاستخباري وهي: الرصد والتنصت، التصوير، والتشويش.

ويتطلب هذا النوع من المهام مجالًا واسعًا من وسائل التقنية المتقدمة، حتى أنّ حكومة الاحتلال قد سخّرت مجمع الصناعات العسكريّة الإسرائيليّة من أجل خدمة القائمين على هذه الوحدة، فيقوم المجمع بتطوير أجهزةٍ إلكترونيّةٍ بناءً على طلباتٍ خاصّةٍ من القائمين على الوحدة، تخدم أهدافهم الاستخباراتية.

والسؤال الذي ما زال مفتوحًا: هل تمكّن (حزب الله) يوم الأحد من هذا الأسبوع من استهداف مقّر قيادة القاعدة بالقرب من مدينة تل أبيب أمْ لا؟ علمًا أنّ إسرائيل نفت الأمر عن طريق الناطق العسكريّ، ولكنّها لم تعرض الصور التي تؤكِّد سرديتها.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version