بعد مرور أكثر من 10 أشهر على انطلاق الشرارة الأولى لمعركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، يمكن ببساطة متناهية التأكيد على أن الإسرائيلي والأمريكي هما المردوعان في هذه المعركة، في وقت تواصل المقاومة الفلسطينية الباسلة في غزة صمودها الأسطوري في ردع آلة البطش الإسرائيلية رغم كثافة التوحش الصهيوني، في ظل ردع وصمود مماثل لمحور المقاومة في جبهات الدعم والإسناد في اليمن ولبنان والعراق.
الإخفاقات الإسرائيلية والأمريكية واضحة وجلية على الساحة، في المقابل هي انتصارات المقاومة الكاسحة والجلية في ميدان المواجهة على إمتداد جبهاتها ومحاورها، وإذا كانت نتائج معركة طوفان الأقصى تُسجل بالنقاط، فمن الواضح أن غزة وجبهات الدعم والإسناد، هي التي تحصد المكاسب منذ الوهلة الأولى لهذه المعركة.
فما الذي غيّره الإسرائيلي في جبهتي غزة وجنوب لبنان طوال 10 أشهر من القتال؟ ومثله التحالف الأمريكي البريطاني الأوروبي في البحر الأحمر؟ بالطبع لا شيء يذكر في الموازين العسكرية، فالمقاومة والشعب الفلسطيني في غزة صامدون، والقوات المسلحة اليمنية تواصل صيد السفن في البحر، والمقاومة الإسلامية في لبنان مستمرة في تهجير المستوطنين من المناطق الشمالية لفلسطين المحتلة.
وهذه المعطيات العسكرية الثابتة والمستمرة والموسعة في كل مرحلة لدى المقاومة، بدورها قد باتت مع مرور الوقت، معادلات عسكرية صلبة، تمكنت المقاومة في غزة وعموم جبهات الدعم والإسناد بفضل الله تعالى واستخدامها تكتيكات عسكرية مغايرة ومفاجئة؛ من فرضها بقوة في الميدان، وقد فشلت “إسرائيل” ومن خلفها الولايات المتحدة من خرق أو تثبيط هذه المعادلات.
وعليه، فإنه لا جدوى للأمريكي والإسرائيلي الإستمرار في خوض غمار المواجهة على هذا النحو، وأن الخيار المنطقي والوحيد المتاح أمامهما هو التراجع والقبول بأي صفقة لوقف إطلاق النار، وما نشاهده من استمرار الكيان في عرقلة الوصول إلى الاتفاق، هو أمر يخالطة الغرور والتكبر والغباء السياسي، ومحاولة بائسة لكسب مزيداً من الوقت لإيجاد مخرج للإسرائيلي.
بمعنى أدق، سيكون على الأعداء إعلان الاستسلام والهزيمة في نهاية المطاف، وهذه الحقيقة التي يتهرب منها الإسرائيلي ومن معه، اليوم، سيقبلونها غداً مرغومين، وربما بتكلفة مضاعفة وأكبر بكثير مما هي عليها في الوضع الراهن، خاصةً إذا ما شهدنا رداً واسعاً وموجعاً من قِبل محور المقاومة، والتي يرجح أن تطرق تداعياته أبواب الزوال لهذا الكيان الغاصب، وربما الإيذان بالخروج النهائي للأمريكي من المنطقة، خاصةً إذا ما ذهب الأخير إلى معركة كبرى بعد الرد، وما رد حزب الله الذي زلزل العمق الصهيوني اليوم، إلا بداية الشرارة.
الكاتب حلمي الكمالي